أَخيراً أبحرت سفينة حكومة الوفاق الوطني بعد تشكيلها وعلي متنها غالب الطيف السياسي والمجتمعي السوداني المشاركين فيها والمشاركين في المجلس التشريعي القومي ومجلس الولايات ومجالس الولايات ، هذه الحكومة أبحرت في ظل ظروف بالغة الدقة ووسط أمواج متلاطمة وتحيط بها مشاكل مستعصية بعضها آخذ برقاب بعض وقد تراكمت وإستعصت علي الحل؟! فهل تستطيع هذه الحكومة أن تعبر بالبلاد الي بر الامان و أن تحلحل المشاكل وتعيد ثقة أهل السودان في الحكومة؟! وحتى لا نذهب بعيداً في التفاؤل فإن الفترة الإنتقالية قصيرة بحيث لا تكفي لإحداث تحول حقيقي في مسار البلاد ولكنها في ذات الوقت تكفي لوضع اللبنات الأساسية والتي يبني عليها لاحقاً ، الإتفاق علي القضايا الوطنية حسبما وردت في وثيقة المخرجات وتعديل القوانين وإلغاء بعضها وإزالة تشوهات التي رانت علي الإقتصاد الوطني وبسط الحريات علي مصراعيها..........الخ . يحمد للسيد رئيس الوزراء وهو يدشن للمرحلة الجديدة إن وضع بعض المعايير الخاصة بالحفاظ علي المال العام ومكافحة الفساد ، أمر سيادته بالحد من السفريات الخارجية هذه السفريات ترهق الميزانية العامة وقل ما يكون هنالك عائد مجزي للبلاد , وياليته أقبل علي تحجيم المؤتمرات الدولية والمحلية والإقليمية والتي تعقد في البلاد هذه المؤتمرات من الكثرة بحيث يصعب تعديدها وإن البعض من المسئولين يعشق مثل هذه المؤتمرات وأغلبها مؤتمرات لا تثمن ولا تغني من جوع ولا تجلب للبلاد خيراً أصلاً , وخيراً فعل السيد/رئيس الوزراء بتوجيه بعمل إقرارات الذمة للمسئولين هذه الإقرارات في السابق لم تكن مجدية ولم تكشف عن حقيقة نزاهة المسئولين وبالتالي فإن أراد تفعيل هذا الجانب فعليه بأن يبدأ بنفسه كاشفاً عن أملاكه بصورة شفافة وعلنية ومثبتة ومن ثم أن يفعل جميع المسئولين ذلك بواسطة لجنة قضائية يكونها رئيس الجمهورية... هذا الأمر من الأهمية بمكان أن يتم بشفافية وجدية بعيداً عن المجاملات التي عُرف بها السودانيين ، من بشريات هذه المرحلة الأمر الذي صدر من رئيس الوزراء بإلغاء حفلات الوداع والإستقبال للوزراء المغادرين والقادمين ويبدو أن الإلتزام بهذا القرار كان كبيراً ولكن لُوحظ أن بعض المؤسسات العامة والتي درجت علي التهنئة والتبريكات في إعلانات مدفوعة القيمة في الصحف السيارة ما زالت هذه المؤسسات في غيها تتردد ، مؤسسة مثل جامعة أبن سيناء وأظنها حكومية نشرت إعلاناً بالتهنئة علي صفحة كاملة في إحدي الصحف السيارة وقد مضي وقت معقول علي هذا التصرف فهل إتخذت الأجهزة المعنية أي إجراء ضد هذه المؤسسة!! فإن كانت هنالك إجراء يجب أن يُعرف ويُعلن عنه... وإن لم يكن هنالك إجراء فهذا تقصير من الأجهزة المساعدة لرئيس الوزراء ، التجاوز عن هذه الأخطاء يغري المسئولين علي الإلتفاف علي توجيهات وقرارات الحكومة لا سيما أن الدولة العميقة وأصحاب المصالح الخاصة لاتستسلم بسهولة بل تسعي بكل قوة وبكل الأساليب الشيطانية علي كبح جِماح أي إصلاح حقيقي ، يجب أن يتجاوز الأمر الحكومة إلي المجتمع فتحريك المجتمع عبر أحزابه ومنظماته المدنية وقواه الحية والنقابات والهيئات والإتحادات لتكون عوناً وسنداً للحكومة في محاربة المظاهر السالبة الناتجة عن الفساد الإداري والمالي ، يجب إعادة النظر في الشركات الحكومية فهذه الشركات وإحتكارها للتجارة والإستثمار في القطاعات الحية وبالمقابل إفتقارها للعائد المجزي للدولة فهذه الشركات وبالرغم من صدور قرارات رِئاسية بتصفيتها ما زالت تتكاثر بصورة شوهت الإقتصاد وأقعدته عن النمو والتطور ! كثيرة هي المشاكل التي تواجه البلاد ولكن بالعزيمة والمصداقية وسيادة حكم القانون يمكن محاصرتها وحلحلتها بيسر وسلاسة وعلي القادمين علي السلطة من أحزاب المعارضة أن يجاهروا بالقول ويرفعوا أصواتهم ناقدين وناصحين ومحاسبين للحكومة في كل مستوياتها فمظاهر الخلل واضحة وبائنة والسكوت عليها خيانة ونقض للعهد وجريمة... يجب أن ينتهي العهد الذي يعلق فيه المسئول الفاشل كل الأخطاء والإخفاقات علي شماعة الإمكانيات!! . أنا من الذين دفع بهم الحزب إلي مجلس تشريعي ولاية الخرطوم وقبل أدائي للقسم حاولت أن أتابع بعض أنشطة هذا المجلس فوقفت علي إستجواب مدير مياه ولاية الخرطوم والذي حاصره النواب بالأسئلة الموضوعية بخصوص مشكلة المياه في الولاية فأفحم الرجل , ألتفت يميناً وشمالاً يبحث عن الشماعة إياها الإمكانيات , التمويل , ولكن جاءت المفاجأة من تلقاء وزير مالية الولاية والذي أكدّ في ذات الجلسة أن التمويل للمياه حاضر بمعني أنه ليس السبب في مشكلة المياه فأسقط في يد مدير المياه , الخلاصة إذن أين تكمن المشكلة؟ هذا المدير وفي العام الماضي قدم برنامج للمجلس التشريعي لمعالجة مشكلة المياه وطالب بزيادة الرسوم بنسبة مائة في المائة ، أين ذهبت هذه الموارد والتي تحملها المواطن المسكين؟ ما هي البرامج المنفذة من الهيئة.... يتحدث سعادة المدير عن معالجات حفر أبار جديدة إكمال صيانات محطة المقرن وهلمجرا..... ووعود بحل المشكلة خلال أسبوع وقد مضي الأسبوع والوضع علي حاله ، تكرار لذات الحجج والمعالجات والتي لم تري النور منذ العام الماضي ، هذه تركة مثقلة تحتاج إلي معالجات إدارية ومالية سريعة فمن يعجز عن جودة الأداء عليه أن يذهب بل يجب أن يُقدم للمحاكمة من العيب أن تعاني ولاية مثل الخرطوم من مياه الشرب وهي ترقد علي ضفاف ثلاثة أنهار من أعظم أنهار الدنيا!! مظاهر التسيب الإداري والمحسوبية وإهدار المال العام وسرقته تقعد الحكومة عن القيام بواجباتها وفشل هذه الحكومة سوف يفتح أبواب جهنم علي البلاد والعباد ولا يعلم أحد إلاّ رب العالمين إلي أين نساق , وبلادنا سوف تكون أثراً بعد عين ويومها ولات حين مناص.... علي الكل أن يتحمل المسئولية وفاءا للقسم الذي أديناه وإنه لقسم لو تعلمون عظيم.... ولنا عودة بارود صندل رجب المحامي