ظلت جاذبية الأمكنة و سحرها الآخاذ تأخذني أخذاً الى مواطن الإفتتان و الغواية و فخاخ الطبيعة الماكرة !!؟... لا أملك أمام سطوتها فكاكاً !!؟.... كأنها تدرك هشاشة ضعفي ، حينما تسلبني براثن سحر الأمكنة سبل المقاومة ، حتى لو كنتُ على عجل ، فهي مَنْ سبر غوري من أول وهلة ... منذ وطأت أقدامي أرض "كلولمبس"، المكتشفة حديثاً قبل بضعة قرون ؛؛؛؛؛ أستطاع قاطنوها الجدد أن يصنعوا منها قوة عظمى و يدونوا لها تاريخاً حافلاً عبر بنية إقتصادية بالغة الإتقان ، تفوق في تنوعها و صلابتها أقوى الحضارات العريقة تقدماً و نهوضاً ؛؛؛؛ بقيتُ صامتاً و مشدوداً بخيوط ناعمة و دقيقة الى مواطن الجمال ، مفتوناً بالخضرة السندسية الزاهية و المساحات الشاسعة المنبسطة على مدى البصر و خلو الشوارع من السابلة ، لا سيما و أنني كنت قادماً لتوي من قاهرة الزحمة الخانقة !!!؟....... و ما أثار إعجابي في هذه الولاية سيادة ال ( Discipline ) في كل صغيرة و كبيرة و هيمنة ال ( system ) على مفاصل الولاية ، بل في كامل المنظومة الأمريكية كلها ..... تتميز ولاية ( Michigan ) بخاصية نادرة الحدوث ، أن فصولها ال ( Four season ) ليس بينهم ثمة تداخل ، كل فصل قائم بذاته ، شتاء يعني ( Snow ) !!!.... ربيع يعني الزهور و الورد و النسيم العليل و الأريج الفواح ، و الخريف يعني المطر الهتون و تلوَّن أوراق أشجارها الكثيفة ذات الظلال الوريفة لتكتسب لاحقاً أوراق كل الأشجار الباسقة المتشابكة الأغصان ، ألواناً مزركشة تحيلها الى غابة من الأزاهير و الورود !!؟..... و ما بين فصلي الخريف و الشتاء ، بفعل الطبيعة الساحرة ، تتزي تلك الأوراق شتى ألوان الطيف ، قبل الهجمة الشرسة من قبل الصقيع الجليدي و إحالة كل الخضرة الزاهرة و الألوان الزاهية الى عيدان جافة ، يابسة كالهياكل العظمية !!!؟.. كل فصل له سحره The Winter يتميز بال Snow الذي يصل سمكه الى 10 سم في بعض الأحايين و هذا يستهويني كثيراً بخلاف البعض الذين يصابون بفوبيا الجليد ؛؛؛؛؛ تظل الفوارق بصورة ظاهرة بين الفصول ، يٌحسب لهذه الولاية . و يجعل قاطينها يستعدون مسبقاً لكل فصل دون إنحراف غير متوقع !!؟.. * * * منذ حلولي على حضرة أرض هذه الولاية الغنية بمفاتن الطبيعة ، ظللت أسير مواطن الجاذبية ، أترسم خطى الأمكنة المزينة بتيجان الأزاهير و الفل و الياسمين و الورود ، لأتملى في سحرها الآسر ( فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا أشجارها ) الآيه 59 من سورة النمل لم أفلت بعد من الخيوط الناعمة التي هيمنتْ على جوانحي ، حتى أُخذتُ - بغتة - و إرتحلت عبر ولاية نيويورك الى حيث مدينة ( Niagra Falls ) التي تقع مناصفة بين أمريكا و كندا فشلالات نياجرا ، المساحة الأكبر منها تُعتبر ضمن حدود كندا ؛؛؛؛؛ لكن ما تبقى فهو أيضاً مزار دائم لكل من يعبر تلك الولاية و لأنني لم أر بعد الجزء الأكبر الموجود في كندا ، إكتفيت برؤية المتاح من مدينة Niagara Falls الذي إمتلك وجداني و جعلني أهبط الى مستوى سطح بحيرة ( Erie ) عبر Cave of Winds ، الطويل و الزلق ، و ثمة Showers يتساقط رذاذها على رأسك العارية !!؟.... ثم أبادر بالصعود على سلالم خشبية متعرجة لأشهد بأم عيني مياه Niagra Falls الموارة تتقاطر بإندفاع كالسيل العرم صوب البحيرة ، (يا سبحان الله !!!؟؟....) مشهد في غاية الإبداع ( يا بديع السموات و الأرض ) !!!.... ما هذا الجمال الرباني الطاغي !!!... ألا يخلب لبك سحر هذه الأمكنة التي تفجرها الطبيعة كما فُطرتْ على ذلك ، و هناك أُلبسنا صنادل خاصة و بدل بلاستيكية واقية حتى لا تبتل ثيابنا ؛؛ حيث تسفر الطبيعة عن وجهها البالغ الجمال و المفطور دوماً على إدهاش الرائي !!!!؟؟... و هنا يتكشف سحر الأمكنة الذي يخلب الألباب و أفئدة القلوب ، و هذا ما جعلني أقف مجذوباً و مفتوناً بل مذهولاً في حضرتها ، لا أحرك ساكناً، كأني أتبتل في محراب الأقصى !!!!!؟؟..... فيصل مصطفى