مخطئ من ظن يوماً أن أمريكا أو روسيا مع هذا الجانب أو ذاك بمنطقة الشرق الأوسط، فإنهما قد يختلفان في كل شيء إلا حينما يتعلق الأمر بمنطقة الشرق الاوسط فهما متفقان تماما...دخلت أمريكا والغرب في العراق بحجة وجود اسلحة دمار شامل الذي ثبت بطلانه فيما بعد ولكن السبب الحقيقي والاستراتيجي كان لتدمير العراق وتقسيمه الى ثلاثة كيانات (السنة + الشيعة + الأكراد) وقد تم لهم ما أرادوا، فالعراق اليوم مقسمة الى ثلاثة دويلات فعليا فقط تنتظر شرعنتها على أرض الواقع... وسوريا الآن على الطريق خاصة بعد دخول أمريكا بكل ثقلها على الخط بجانب سوريا الديمقراطية التي تنتمي للأكراد فقد وضعت أمريكا يدها على الشمال السوري وهي المنطقة التي ستكون للأكراد مستقبلا بينما رسم روسيا ومعها ايران ملامح دولة العلويين الشيعة بينما غُيِّب الدور التركي (السني) تماما كما غيبت السنة عن المشهد السوري في الداخل إلا من بعض المعارضة التي تقاتل وحدها دون دعم من أمريكا أو الغرب... بدأت ملامح الدويلات السورية المزمعة إنشاؤها تتضح رويدا رويدا لتكون هنالك مناطق للشيعة والسنة والأكراد على غرار جارتها (العراق).. الآن أمريكاوروسيا يضعان اللمسات الأخيرة لسوريا المستقبل... أما المناوشات التي تحدث بينهما بين حين وآخر فهي مجرد ذر الرماد للعيون وتبادل أدوار لما يجري على أرض الواقع ولكن النتيجة دائما واحدة وهي تقسيم منطقة الشرق الأوسط وقد جاء أشراطها... فالغرب لا يريد منطقة شرق أوسط قوية ومستقرة لأنها في غير صالح اسرائيل (الدولة الغربية الوحيدة في المنطقة). أما اليمن فلم تتدخل أمريكا أو روسيا فيها مباشرة وإنما تركتا الأمر لدول التحالف بقيادة السعودية من جهة وايران من جهة أخرى حتى تتضح ملامحها في نهاية المطاف... والآن بدأت بوادر الخلاف تطل بوجها لمنطقة الخليج التي كانت تتسم بالاستقرار واللحمة الأسرية القوية فيما بينها لتنحو منحىً آخر غير الذي اعتادت عليه لمئات السنين... فالشد والجذب بين قطر من جهة والمملكة العربية السعودية وبحرين والأمارات ومصر من جهة أخرى، سيفتحان الباب على مصراعيه لتدخل الدول الكبرى في هذه المنطقة الغنية بالطاقة، إن لم تتدارك دول المنطقة بما عرف عن قيادتها من رؤية ثاقبة وتفكير هادئ لحلحلة مثل هذه المسائل قبل فوات الأوان والدور الكويتي في الوساطة مهم تحت قيادة أميرها سمو الشيخ صباح الجابر الأحمد الصباح لما عرف عنه من دبلوماسية هادئة على مدى عقود من السنوات الطوال فقط يحتاج لمزيد من الصبر والتعاون بين دولها لا نجاح المهمة وهي ليست عسيرة إن صدقت النوايا...