لست هنا لتحليل رأي الأستاذ نبيل أديب عبد الله المحامي الشهير و القانوني العالم والوطني الغيور الذي عرفته المحاكم مدافعا عن المظلومين والمضطهدين في كل القضايا التي شغلت الرأي العام على مدى سنوات ارتدائه حلة القضاء الواقف سواء قبل الإنقاذ أوخلال عقودها الثلاثة .. ولا أود التطرق لمحتويات المقال الان .. وساسترك له إن أمد الله في العمر مساحة أخرى بعد التمعن والتمحيص و تبيان ما يريده الكتاب الذي لا أظن أنه يرمي بالكلام على عواهنه .. سواء اتفق من اتفق معه أواختلف من شاء الإختلاف ! والمقصود هنا ما ورد في مقالتة التي رفضت جريدة الميدان الناطقة باسم الحزب الشيوعي السوداني نشرها وبررت ذلك بأنها تتضمن ما يناقض الخط المبدئي للحزب التي تمثله والذي يركزعلى هدف اساسي في مناهضته للنظام الحاكم وهو الاسقاط وليس الحوار أوالمهادنة ! وقد رد الأستاذ نبيل على ذلك الحجب باصداره قراراً شخصيا بالتوقف عن الكتابة في صفحات الميدان بعدمسيرة طويلة لا ينكر أحد بأنه كان يشكل خلالها إضافة ثرة لصفحات تلك الصحيفة لما للرجل من مكانة في الأوساط القانونية ومن دور وطني كبير وحاشد بالمواقف المشرفة ! فمن الواضح أن الأستاذ نبيل ليس عضواً ولا منتسبا للحزب الشيوعي ولكنه يعتبر متعاطفا مع التيار اليساري بكل تفرعاته وبشكل عام وهوما يلاحظه المتتبعون لمسيرة ومواقف الرجل وهذا بالطبع ما يكسبه استقلالية في الراي السياسي و الخط الوطني والإجتهاد القانوني ويعطيه فرصة حق الإنطلاق في براحات الكتابة دون أن يكون ملزماً بخط حزبي محدد ..ولعل تلك ميزة كان أمام الميدان سانحة إغتنامها لتوسيع قاعدة قرائها من غير أعضاء الحزب ..بل وان إنفتاحها حيال الكتاب المستنيرين من غير المتبنين لخطها التي تلتزم به في تنطع قد يصنفها بأنها تخاطب أهل فكرها فقط ويفقدها بالتالي مساحات وسط المزيد من القراء على مختلف توجهاتهم السياسية ورؤاهم الوطنية بما يكرس لتأكيد نهجها الديمقراطي التي تنادي به ..وهوما يناقضه حجب مقال الأستاذ نبيل الذي كان من الممكن .. الإشارة الى أن ما خطه الرجل هو رايه الخاص ولا يمثل راي الصحيفة ولا يعبر عن خطها التحريري المهني أ والفكري الحزبي .. ومن ثم تفتح الباب واسعا لكل من اراد التعقيب سلبا أوإيجابا تجاه المقال وتقف هي في المنطقة المحايدة من كل ذلك السجال ..! إن الحجب في حد ذاته ايا كانت المسوقات الدافعة له أو المبررات المطروحة لتزكيته من صحيفة لاقت الأمرين من سياسة الحجب والمصادرة و المحاكمات التي كان الأستاذ نبيل واحداً ممن تصدوا لها منافحاً بقلمه ومدافعاً بلسانه ..إنما يعطي المتشككين في أن إيمان اليسار بالديمقراطية وحرية الرأي وتحمل قسوة أو حتى نعومة الرأي الآخر إنما هونوع من التُقية الخادعة التي تجعل من هلامية التشدق بذلك النهج وسيلة عابرة في مراحل معارضة الأنظمة ليس إلا وليس غاية في حد ذاته ! لانتوقع بالطبع أن تفتح الميدان صفحاتها للطيب مصطفى أواسحق أحمدفضل الله أوغيرهما من الكتاب الذين يعتبرون أن ملامسة أقلامهم لمتون ورقها كالصلاة ولواثناء نومهم في ضريح لينين بما يستوجب عليهم غسل الجنابة والتوبة بعد أستيقاظهم ...!!! ولكن أن توصد الأبواب أمام رأي مخالف لخط الحزب الذي هو قابل لآن يناقشه حتى المنظمون من أعضاء الحزب نفسه كحق أصيل في السياق الديمقراطي داخل الموسسة الحزبية مثلما ظل يكرره قياديوه أثناء أزمه خلافهم مع الدكتور الشفيع ابراهيم سعيد ..فليس من المنطقي أن ترفض الصحيفة مجرد مقال لرجل في حجم الأستاذ نبيل .. ربما كان لمقاله ما بعده من توضيح المزيد .. بما يثري صفحات الميدان ويمثل لها فتحا يضاف الى تأكيد ديمقراطيتها ولا يكون خصماً عليها ! محمد عبد الله برقاوي ..