كتب: عبدالخالق بادي: مع قدوم فصل الخريف فى كل عام تتحرك الصراعات والنزاعات بين بعض قبائل ولاية النيل الأبيض، بسبب الأراضى الزراعية، حيث ظلت تتكرر وبصورة تكاد تكون كربونية دون أن تجد حلولا جذرية تحول دون ذلك، حفاظا على أرواح الناس وممتلكاتهم، حيث ظل دورالسلطات وفى العديد من الحالات دون المستوى المطلوب، وأحيانا تتدخل من غير حكمة ما يوغر صدور البعض، ونحن هنا لا ننكر الجهود التى تبذل من قبل الوالي وحكومته والمعتمدين من أجل إشاعة السلم والأمن فى ربوع الولاية. محليتا الدويم وتندلتى ظلتا وخلال السنوات الأخيرة تشهدان صراعات متوالية بين عدد من مكوناتها الإثنية، كان آخرها فى يوليو الماضى، حيث تنازعت قبيلتان بكل منهما حول ملكية أراضى زراعية، وتطور النزاع إلى إشتباك بالأسلحة البيضاء والنارية ما أودى بحياة نفر كريم وجرح البعض. الجهات الأمنية سارعت لاحتواء الموقف ونزع فتيل الصراع حتى لا يتفاقم، خاصة أن القبائل المتصارعة ذات ثقل الكبير، وقد أدى ذلك لنتائج جيدة، حيث تم احتواء المشكلة ما حال دون انتشار الصراع، والذى انحصر فى مناطق محدودة، كما أن القيادات السياسية بالولاية والمحليتين تحركوا بالسرعة المطلوبة وذلك بالتنسيق مع الإدارات الأهلية ممثلة فى النظار والعمد والمشايخ الذين لعبوا دورا أساسيا فى تهدئة الوضع. عدد من المهتمين بالأمر أشادوا بالسرعة التى تمت بها معالجة المشكلتين بكل من الدويم وتندلتى، إلا أنهم قالوا ان هذا لا يمثل نهاية الأمر وإنما خطوة أولى، حيث أشاروا إلى أن النزاعات السابقة تم احتواؤها بالكيفية نفسها التى تمت الآن ما جعل النزاعات تتجدد كما ذكروا، ودعوا السلطات الرسمية والإدارات الأهلية بالعمل على وضع حلول قوية للنزاعات، وخصوا بدعوتهم النظار والعمد والمشايخ لمعرفتهم وعلاقتهم اللصيقة بالقضايا المتعلقة كافة بقبائل المنطقة، وطالبوهم بأن يبدأوا من الآن فى رسم حدود ملكية كل قبيلة ووضع اتفاقيات خاصة بمسار الرعاة حتى لا يحدث أى احتكاك مجددا يتسبب فى اشتباكات تضيع بسببها أرواح بريئة. الشيخ عثمان حسن عبد العاطى من المتابعين للنزاعات القبلية بالولاية، قال ان الإدارة الأهلية تعتبر الضامن الأساسى لأى خلافات تنشب بين أى قبيلتين، وقال انه وفى عهد الاستعمار وعندما تكررت نزاعات بعض القبائل بشرق وغرب البلاد، أصدروا قانونا يتم بموجبه محاسبة ناظر أى قبيلة تعتدى على قبيلة أخرى، وقال ان هذا القانون حد كثيرا من الصراعات القبلية بعد أن عمل النظار على حل أى نزاع فى مهده حتى لا يتعرضوا لمساءلة من قبل الحكومة الإنجليزية، وقال ان تعامل القيادات الأهلية مع أى قضية وحتى ولو كانت بين شخصين يجب أن يكون بحسم وبعدالة، بعض المراقبين عبروا عن استغرابهم لحدوث مثل هذه النزاعات، حيث قالوا ان كل قبائل ولاية النيل الأبيض باتت مستنيرة بعد أن انتشر التعليم فى كل ربوعها فى العشرين سنة الأخيرة، وأضافوا بأن المتعلمين من أبناء قبائل الولاية تقع عليهم مسؤولية توعية أهلهم بحل أى خلاف عبرالطرق السلمية والقنوات الرسمية، وطالبوهم بأن يكونوا قدوة حسنة. عدد من علماء الدين كان لهم دور فى تذويب الخلافات من خلال الوعظ والتبصير بخطورة الفتن القبلية، حيث أشاروا إلى أنها تقود إلى خسران الدنيا والآخرة، ونبهوا إلى أن الله سبحانه وتعالى جعل الناس قبائل وأعراقا للتعارف والتعاون ليس للتناحر، وذكرو بأن الرسول صلى الله عليه وسلم، وصف العصبية والقبلية بأنها نتنة حتى يتحاشاها المسلمون، ودعوا أئمة المساجد والعلماء المنتشرين فى الأرياف لحض الناس على التعاون والتآلف وحل أى مشكلة عبر الحوار حفاظا على الأرواح.