تقرير: ابراهيم عربى: لازالت قضية منطقة أبيي المتنازع عليها بين دولتى السودان وجنوب السودان تراوح مكانها، فيما خرجت قمة الرئيسين البشير وسلفاكير الأخيرة التى انعقدت بالخرطوم ببيان تجنب الخوض فى تفاصيل عميقة حولها ، في وقت اتهم فيه عدد من المسؤولين الجنوبيين من ابناء المنطقة من ضمنهم رئيس جهاز المحاسبة والرقابة في حكومة الجنوب دينق بيونق ،الحكومة السودانية بانها تعمدت اقصاء قضية أبيي من اجندة المحادثات بين البلدين ، الا أن الضغوط التى ظل يشكلها أبناء أبيي لحكومة جوبا حسب مراقبين جعلت ملف أبيي لا يفارق بال رئيس دولة جنوب السودان الفريق أول ركن سلفا كير ميارديت لحظة واحدة ، حيث شدد كير على ضرورة تنفيذ قرار المحكمة الدولية بشأن منطقة أبيي واتفاق السلام الشامل وبرتكول أبيي الى جانب مقترحات الاتحاد الافريقي ، قائلا لاخيار غير ذلك كي يتمتع مواطنو أبيي بحقوق المواطنة، الا أن سلفاكير استدرك قائلا أن قضية أبيي لن تكون عائقاً امام البلدين ، ولكنه أكد فى ذات الوقت أن جوبا قبلت مقترحات الاتحاد الافريقي وتنتظر موافقة الخرطوم على تلك المقترحات فى اشارة منه الى استحالة قيام استفتاء أبيي من طرف واحد . الا أن جوبا لم تتوقف بل مضت فى تنفيذ اجراءات الاستفتاء من طرف واحد طبقا لما أكده وزير الاعلام في حكومة الجنوب مايكل ماكوي أن حكومته بعثت تعميما الى جميع المؤسسات سواء أكانت كيانات عامة أو خاصة للسماح لسكان منطقة أبيي بالذهاب في اجازة خاصة بمرتب كامل لتسجيل انفسهم بحيث يمكنهم التصويت لتقرير مصيرهم ، فيما اعتبر الرئيس المشترك للجنة اشراف أبيي أجوك من جانب السودان الخير الفهيم المكى أن التعبئة التي قامت بها دولة الجنوب، الهدف منها احداث بلبلة على الأرض وزيادة التوتر الأمني بمنطقة أبيي، قائلاً ان هذا يؤكد عدم حرص دولة الجنوب على استقرار المواطنين بالمنطقة ، الا أن المحلل السياسى بجوبا قبريال شداد أكد فى حديثه ل»الصحافة» استمرارية عمليات التعبئة على واقع الأرض لدى السلاطين للتسجيل ، وقال ان العملية فقط للجاهزية والاستعداد ولكنها ليست تعنى المضى قدما لتنفيذ الاستفتاء، مشيرا فى حديثه الى ظروف موضوعية قال انها تحول دون تطبيق الاستفتاء فى موعده المحدد اكتوبر المقبل ،الا أن شداد عاد معتبرا الخطوة لممارسة المزيد من الضغوط على كافة المستويات ، في وقت حذرت فيه المكونات المجتمعية من قبيلة المسيرية من عواقب ستلحق بالمنطقة فى حالة المضى قدما فى تنفيذ مثل تلك الخطوة وقالت ان الخرطوم تعارض بشدة اجراء اي استفتاء آحادي من جانب واحد،مشددة على انها لن تعترف باية خطوة في هذا الاتجاه ، فيما اعتبر مراقبون تصريحات سلفاكير الأخيرة ذاتها فيها اشارة لتراجع حكومته عن اعلانها السابق بانها ستجري الاستفتاء بمشاركة الخرطوم أو عدمها . الا أن كافة البرتكولات التى تم التوقيع عليها بشأن قضية أبيي تؤكد جميعها بأن الحل النهائى لا بد أن يكون متفقا عليه من قبل الطرفين السودان وجنوب السودان ، فيما بقول رئيس الكتلة البرلمانية بدولة الجنوب أتيم قرنق القيادى المعروف فى حديثه ل»الصحافة» الاتفاق حول قضية أبيي بين حكومتى البلدين وليس بين مكوناتهم المجتمعية وعلى الدولتين تنفيذ الاتفاقيات كما اتفق عليها تجنبا لتدهور العلاقات بينهما ، ويؤيد قرنق بشدة مقترح الوساطة الرفيعة الأفريقية اجراء استفتاء في أبيي في شهر أكتوبر وحصر حق التصويت فقط في أولئك الذين يقيمون بشكل دائم في المنطقة وهم دينكا نقوك حسب حديث قرنق ،الا أن قبيلة المسيرية اعترضت من جانبها بشدة على المقترح واعتبرته انحيازا واضحا لقبيلة الدينكا نقوك ، واقصاء لقبيلة المسيرية بحكم طبيعة عملهم كرعاة ،فيما أبدت قيادات المسيرية تخوفها من الانفلات الأمنى فى حالة اصرار جوبا على الاستفتاء فى موعده ، فيما أعلن دبلوماسي رفيع في الحكومة البريطانية معارضة بلاده لأية خطوة أحادية الجانب لتحديد الوضع المستقبلي لمنطقة أبيي المتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان ، فيما نشر السفير البريطاني في الاممالمتحدة مارك ليال غرانت على موقعه في تويتر مشددا على ألا يتم تنفيذ اقتراح الاتحاد الأفريقي لأبيي والذى تؤيده حكومته الا بموافقة الخرطوموجوبا معا، وأردف غرانت قائلا نحن نؤيد اقتراحات الاتحاد الافريقي لاستفتاء أبيي لكن توقيت وشكل الاستفتاء يجب ان يكون متفقاً عليه من كلا الجانبين . الاتحاد الأفريقي من جانبه لا يدعم قيام أى استفتاء فى منطقة أبيي من طرف واحد حسب تصريحات مندوب الاتحاد الأفريقى بلجنة الاشراف بوشوكو مقاتلي قال انها بناء على تأكيدات تلقاها من رئيس اللجنة رفيعة المستوى ثامبو أمبيكي ، مؤكدا دعم الاتحاد الأفريقى الكامل لقيام المؤسسات المدنية والتشريعية بالمنطقة ، وعدم تأييده قيام أي استفتاء من طرف واحد، وقال انه يعتبر أمراً باطلاً لا تستنده القوانين، سيما أن المرجعيات الأساسية بمنطقة أبيي لا تخرج من بروتكول المنطقة واتفاقية الترتيبات الأمنية ، في وقت قطع سفير السودان بالجنوب مطرف صديق بعدم قيام استفتاء أبيي في أكتوبر القادم لعدم موافقة السودان عليه . ولكن الى أين تسير الأوضاع فى أبيي ؟ يؤكد المحلل السياسى بجويا قبريال شداد أن مشكلة أبيي سياسية بحتة مربوطة بمصالح أخرى منها الاقتصادية وغيرها التى تجعل جوبا تتحاشى الدخول فى مواجهة عسكرية مع السودان ،مؤكدا بأن الأوضاع على واقع الأرض لا تشير الى قيام الاستفتاء فى مواعيده ولكنها تشير الى ضغوط من قبل قيادات دينكا نقوك على دولة جنوب السودان حسب شداد ،ويتوقع شداد أن تثير عملية تأجيل الاستفتاء توترا بالمنطقة وربما اضطرابا لدى حكومة جنوب السودان لمزيد من الضغوط عليها ، ويطالب شداد الحكومة السودانية خاصة بضبط تصرفات مجتمعاتها ،ويتخوف بشدة من عناصر قبيلة المسيرية ويقول انها تملك سلاحا لا تملكه مجتمعات دولة الجنوب ، الا أن قرنق عاد قائلا نحن والسودان لسنا أعداء ولن نلجأ لمواجهة عسكرية ،تربطنا مصالح مشتركة وسقف واحد يمثل أرض سودانية واحدة ، فيما عاد الفهيم مشددا على ضرورة تنفيذ اتفاقية أديس أبابا بشأن تكوين المؤسسات المدنية لتقديم المشروعات الخدمية والتنموية لانسان أبيي .