1 علاقة حب بالتأكيد ليست من طرف واحد ربطتني بالفنان الرائع عثمان حسين الذي كان يبادل كل معجبيه الود بالود؛ وأمس الأول استمعت الى اذاعة المساء التي من الممكن أن تسحب البساط من تحت أقدام اذاعات كثيرة تذيع على ذات موجتها الاف إم للعديد من الأسباب بيد أنني أذكر منها واحد وهو أنها اذاعة رصينة غائصة في أعماق تفاصيل حياة مجتمعنا السوداني؛ وعندي في المرتبة الثانية بعد اذاعة البيت السوداني؛ المهم في الأمر أنه في مساء الاثنين جاءني صوت الأستاذ حسين خوجلي وهو يتحدث عن الحسينين (عثمان حسين ...وحسين بازرعه)؛ ومن سوء حظي الذي لا أدري لماذا لازمني طوال هذا الاسبوع كظلي؛ أنني أدركت السهرة في نهايتها؛ وبالرغم من تلك الأغنية الواحدة التي استمعت اليها من "أبوعفان" الا أنها استطاعت أن تعدل مزاجي المائل وقتها. 2 عثمان حسين عبقرية غنائية لن يجود الزمان بمثلها وهو الفنان الوحيد الذي له القدرة على اختراقنا وفصلنا عمن حولنا؛ فلانشعر بشيء سوى بصوته الذي يستقر في القلب قبل الأذن؛ وأيضاً حسين بازرعة ذلك الشاعر الشفيف الذي كون مع عثمان ثنائية ظلت الى يوم الناس هذا مثار اعجاب الجميع فبازرعه مفردته صادقة لأن كل كلمة كتبها كانت عن تجربة عاش تفاصيلها المحزنة والمؤلمة ومن ثم دونها شعراً وأضفى عليها "أبوعفان" بعداً جمالياً آخر عندما صاغ لها لحناً زاد من ألق تلك المفردات. 3 رحل عثمان حسين؛ وبقي رفيق دربه بازرعه يعاني من المرض وهو الآن فاقد القدرة على النطق ويدير حواراً مع من حوله عبر الورقة؛ والمؤسف في الأمر أن بعض من أصدقائه الشعراء لايتواصلون معه؛ بل لايعلمون أين يقطن الرجل ليتكبدوا مشاق زيارته والاطمئنان على صحته وحسين حتماً هو الآن في حوجة الى التفاف الأصدقاء حوله لكي يؤنسوا وحدته من جهة ومن أخرى هو واجب فرضته عليهم الزمالة أولاً؛ وثانياً شاعر مثل حسين يعتبر مدرسة نهل منها جل الشعراء لذا ليس من المعقول أن يكون نصيبه بعد كل هذا العطاء التجاهل.