والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    بايدن يعين"ليز جراندي" مبعوثة للشؤون الإنسانية في الشرق الأوسط    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    السيسي: قصة كفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة وفداء وتضحية    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    تشكيل وزاري جديد في السودان ومشاورات لاختيار رئيس وزراء مدني    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    دبابيس ودالشريف    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخبير الاقتصادي "محمد إبراهيم كبج" يشرح أزمة الاقتصاد السوداني
نشر في الراكوبة يوم 22 - 09 - 2013

يضع الخبير الاقتصادي "محمد إبراهيم كبج" - في هذا الحوار - أصابعه على جرح الاقتصاد السوداني النازف.. إذ استفحلت الأزمة في بلد ما زال الخبراء الاقتصاديون يحسبونه عملاقاً بموارده الضخمة والمتنوعة التي بإمكانها تحقيق الاكتفاء الغذائي من الغذاء، بل والدفع به لحل الأزمة العالمية.
"كبج" يقول بذلك ويرجع إلى الوراء قليلاً.. ليس أكثر من قرابة ربع قرن، ليشرح الأزمة الاقتصادية السودانية الحالية تشريحاً دقيقاً..
ننقل للقارئ الكريم إجاباته المهمة على أسئلتنا العاجلة.
} من 1989 وحتى اليوم.. كيف تقيم سير الاقتصاد في البلاد؟!
- قامت حكومة الإنقاذ في الفترة الأولى من حياتها برفع شعار (نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع)، وألحقت ذلك بالخطة العشرية التي امتدت منذ العام (1992) وحتى العام (2002)، حيث وضعت أهدافاً لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الطعام والكساء، وأن نقوم بتصدير الطعام إلى العالم، ونصدر كذلك المنسوجات إلى العالم الخارجي. كانت هذه هي أهداف الخطة العشرية مع أهداف أخرى وضعتها بحيث تمتد الكهرباء إلى كل مدن السودان، وأن نتمكن في الصناعات لتصل المصانع إلى طاقتها الإنتاجية القصوى، وعليه فيحق لنا أن نتوقف عند الخطة العشرية وأهدافها، وإلى أين وصلنا فيها في (2002)، بل وحتى اليوم، والإنقاذ تقارب ربع قرن في السلطة.
} ماهي أهداف الخطة العشرية الأولى التي كانت تسعى لتحقيقها؟
- هدفت إلى إنتاج (20) مليون طن من الذرة، ولكن عند نهاية الخطة العشرية في العام (2002) كان الإنتاج أقل من (15%) من هدف الخطة العشرية، وما أقوله لك من أرقام هنا وفقاً لمعلومات رسمية سواء من وزارة الزراعة أو بنك السودان بخصوص الإنتاج، أو من وزارة الثروة الحيوانية، أو من الصناعة وخلافه.
} ماذا يعني ذلك؟
- كانت هذه هي البداية غير الموفقة لحكومة الإنقاذ، ودلالة على إهمالها للزراعة، رغم أنه كان لها هدف طموح فيها، في القمح كان الهدف أن ننتج أكثر من مليون طن، وذلك ليس للوصول إلى الاكتفاء الذاتي منه، بل ليتم تصديره إلى البلدان العربية الأخرى، ولكن كان الإنتاج في نهاية الخطة العشرية (214) ألف طن بواقع (11%) من هدف الخطة العشرية. وفي ما يتعلق بالذرة فقد كان إنتاجنا في آخر سنوات "الحكومة الديمقراطية" قبل الإنقاذ (1988 - 1989) كان (4.425.000) طن، وتركت احتياطياً من الذرة بأكثر من مليون طن، بواقع أكثر من (11) مليون جوال تسلمته حكومة الإنقاذ، بعد الاكتفاء من الاستهلاك المحلي.
} أرجو أن تقدم لي أرقاما هنا؟
- ما وصلنا إليه بعد (12) عاماً من حكم الإنقاذ، وبعد نهاية (الخطة العشرية) التي بشرتنا بكل الخيرات، نجد أن ما تم إنتاجه من الذرة بواقع يساوي (65%) من الذي تم إنتاجه في موسم (1988 - 1989)، وليس هنالك انحدار في المستوى أكثر تعبيراً من هذا، أما الدخن فقد هدفت الخطة العشرية لإنتاج مليوني طن، ولكن الذي تم إنتاجه كان (000. 550) طن، وهو بالضبط ما كان موجوداً قبلها ب(12) عاماً في موسم (1988 - 1989)، وكأننا لم نخطُ أية خطوة إلى الأمام، وحتى القمح كان إنتاجنا (214.000) طن، وكان إنتاج حكومة الإنقاذ بعد (12) عاماً من حكمها، وبعد الحديث عن القمح والاكتفاء الذاتي منه وبعد البرنامج الطموح هو بالضبط (214.000) طن، والسؤال: الآن نحن تحدثنا عن الاكتفاء الذاتي من الغذاء، أعظم خطة وضعتها الحكومة، وقد أصابها الفشل الذريع.
} رفعت الحكومة وقتها شعار (نأكل مما نزرع).. كيف هو التقييم الاقتصادي الآن على أرض الواقع؟
- لقد وضعت (الخطة العشرية) ليس فقط لتحقيق هذا الشعار (نأكل مما نزرع)، وإنما ليدفع السودان بمزيد من الغذاء للعالم الخارجي، وإمكانات السودان تحدث عنها السيد الرئيس "عمر البشير" في خطابه الأول.. إمكانات طبيعية من مياه وأراض وبشر، تحدث عنها العالم كثيراً حتى أولئك الذين يعادون حكومة السودان الحالية بما فيها الولايات المتحدة، يعترفون أن لدى السودان من الإمكانات الطبيعية ما إذا تم الاستثمار فيه بطريقة ممتازة فإن السودان سيكون بجانب "كندا" و"أستراليا" هو سلة غذاء العالم.
} هل بالفعل يمكن للسودان أن يعيش في رخاء ويسهم في حل مشكلة الغذاء العالمي. كخبير اقتصادي، هل تؤكد هنا هذه الحقيقة؟
- نعم، فالسودان دولة معترف بأن لها إمكانات يمكن أن تجعل منه أحد الدول التي ذكرتها لك كسلة للغذاء في العالم، ويحق لنا أن نصل إلى الاكتفاء الذاتي للسودان وأن لا نستورد الغذاء كخطوة أولى، وهو أمر ممكن وتحدث عنه الرئيس "البشير"، وشعار (نأكل مما نزرع) يمكن تحقيقه.
} مقاطعة: كيف يمكن تحقيقه؟
- هذا يعتمد على إدارة هذه الموارد ،هنالك أموال كثيرة جاءت من تصدير النفط لنرى كيف تم استثمارها في الزراعة؟ كان السودانيين يشكون من عدم وجود استثمارات عربية في الزراعة، ولكن كيف تم استثمار الأموال الإضافية في الأسبقيات وعلى رأسها الزراعة، هذا هو السؤال. في العام (1972) كان استيرادنا للغذاء يساوي (72) مليون دولار، كان هذا المبلغ هو جملة الاستيراد لكل المأكولات بحسب تقارير بنك السودان، وفي العام (2002) وبدلاً من أن يختفي هذا الرقم ونمزق فاتورة الاستيراد بحسب تعبيرهم في ذلك الوقت، ارتفعت فاتورة استيراد الغذاء إلى (420) مليون دولار، أي بواقع (6) أضعاف!!
} ألم يكن بالإمكان إيقاف تواصل هذا الإرتفاع ؟
- تواصل الارتفاع بطريقة متواصلة ودون انقطاع، حتى وصلنا في العام (2008) إلى أن نستورد غذاء بمبلغ مليار وثلاثمائة ثلاثة وثلاثين مليون دولار بحسب بنك السودان، بما يساوي أكثر من (19) ضعفاً بما كنا نستورده في العام (1972)، وفي العام (2009) ارتفعت تكلفة الاستيراد إلي (22) ضعفاً، أما الكارثة الكبرى فكانت في العام (2010) إذ إننا استوردنا غذاء بمليارين وثلاثمائة خمسة وستين مليون دولار بما يساوي (34) ضعفاً من الذي استوردناه في العام (1990).
والذي قالته الحكومة آنذاك إننا سنتحلل منه مع نهاية الخطة العشرية، وحتى الآن نحن نستورد بملايين الدولارات، وأود أن نتطرق لمسألة مهمة ونحن عن الاكتفاء الذاتي من القمح، فخلال وزارة الزراعة كان يفترض ارتفاع إنتاج القمح وتم ذلك بما يزيد عن (800.000) طن، وكانت تلك قفزة كبيرة، ولكن منذ ذلك الوقت وحتى الآن، نحن استوردنا في (2010) ما يزيد عن (2) مليون وخمسمائة ألف طن من القمح، وهذا عبء على الموارد من العملة الصعبة، وأقول لك إنه كان يفترض منذ العام (2003) التوقف عن الاستيراد، ولكني حسبت استيرادنا منذ ذلك العام حتى (2011) فوجدت أننا استوردنا غذاء ب (8) مليار دولار وبأزيد من ذلك.
} بعض الخبراء يرون أن الحكومة توافرت لها العملات الصعبة في نهاية المطاف.. هل ذلك صحيح؟
- الموارد الطبيعية وموارد البترول التي توفرت لهذه الحكومة، رفعت رصيدنا من العملة الصعبة، ولو كرس العائد للزراعة لما كنا في هذا الوضع.
} ماذا عن الثروة الحيوانية؟
- الثروة الحيوانية وضع لها في الميزانية كاعتماد، وهذا ما أسميه (النية للإنفاق)، (52) مليون جنيه من مبلغ (22) مليار جنيه، ونحن نمتلك من الثروة الحيوانية ما يزيد عن (140) مليون رأس من الماشية، ولها مساهمة أكبر من المساهمة النباتية، لأن الزراعة لها شقيها النباتي والحيواني، ولكن عند التنفيذ الفعلي دفعنا لوزارة الثروة الحيوانية (19%) فقط من هذا الاعتماد الذي يساوي (10) ملايين من إنفاق فاق (22) ملياراً.
} تبدو متشائماً تجاه النتائج المترتبة على ما قدمت؟
- الآن عندما وقعت (الفأس على الرأس) وانسحب بترول الجنوب، وصرنا ليست لدينا موارد، تجد أن الكل يصيح (الزراعة.. الزراعة) بشقيها النباتي والحيواني، وقد فات ذلك الزمان الذي كانت لنا فيه إمكانات ليتم إنفاقها لتنمية الزراعة.
} تحدث اقتصاديون عن ميزانية العام 2005م وعدوها من الميزانيات المهمة؟
- في ذلك الوقت تم اعتماد (4) مليارات "دينار" للثروة الحيوانية، في ميزانية التنمية، وتم رصد (4) مليارات "دينار" للقمح، ومنذ البداية تعدّ هذه اعتمادات غير متوازنة.. ما أهمية القمح، فهو يمكن أن نستورده بأي شكل من الأشكال، وماذا يضيف للدخل القومي؟ لكن الثروة الحيوانية هي باستمرار أزيد من ربع الناتج المحلي الإجمالي، هذا بالنسبة لميزانية العام 2005م، وعندما جاء التنفيذ الفعلي، نجد أن الذي أنفق على الثروة الحيوانية (400) مليون "دينار" حسب المراجع العام، بدلاً عن ال(4) مليارات "دينار"، أي بواقع (10%) من المبلغ الذي أعتمد لها، ولكن على الجانب الآخر الذي أنفق فيه (4) مليارات على توطين القمح أنفق (10) مليارات، وذلك يعني أن الذي تم إنقاصه من التنمية في الثروة الحيوانية ليس لضيق ذات اليد في الموارد، وإنما تضاعف الإنتاج على توطين القمح ليصل إلى (250%) من المبلغ الذي أعتمد له، وكان يفترض أن يحدث ذلك للثروة الحيوانية التي نزل الإنفاق الفعلي عليها إلى (10%).
} يعيب بعض الخبراء على الحكومة إنفاقها الكبير على توطين القمح دون فوائد كبيرة؟
- صحيح، فأنت تجد الآن ورغم كل المليارات التي أنفقت على القمح وتوطين القمح، حيث في العام قبل الماضي كان إنتاجنا يساوي (292.000) طن من الذرة، هذه تعدّ (خيبة كبيرة)، ونحن الآن نستورد القمح، هذه خيبة كبيرة، والحكومة بسياساتها جعلت من القمح الذي لم نتمكن من إنتاجه بطريقة وافرة مكان تنافس مع منتج الذرة والدخن الذي أصاب إنتاجه مشكلة كبيرة.. هنالك أمر آخر، أنه في ذلك العام لم يتم تطعيم القطيع القومي، وما حدث يريك كيف أن وزارة المالية تتعامل ب(قصر نظر)، لم يتم تطعيم الثروة الحيوانية، فظهرت نتيجة لذلك بعد عامين وبائيات، وانخفض تصديرنا من الثروة الحيوانية من (250) مليون رأس، إلى (50) مليون رأس، وكلما يتم الإمساك عن الإنفاق على الثروة الحيوانية سيحدث هذا الأمر.
} كأنك تلمح إلى انهيار السياسات الاقتصادية للحكومة؟
- لقد انهار شعار (نأكل مما نزرع)، فالحكومة رفعت شعارات إلا أنها اتبعت سياسات لا تفضي إلى تحقيقها على أرض الواقع.
} أريد تقييمك لما حدث في المراعي؟
- هنالك تقرير رسمي من الموارد الطبيعية التابعة لوزارة الزراعة الاتحادية، قالت فيه إن المراعي الطبيعية تساوي (49%) من احتياج الثروة الحيوانية، وهذا وضع خطير، يقول إن الثروة الحيوانية تعيش (سوء تغذية)، وأنا أحيلك إلى مصير مشابه يعيشه الإنسان السوداني الآن، حيث قال وزير الصحة في اجتماع لمجلس الوزراء خلال الشهر الماضي إن بالسودان (5.200.000) مواطن لا يجدون غذاءً كافياً، وهذه نتيجة بشعة لبلد كل العالم يترقبه لأن يكون حلاً لأزمة إنتاج الغذاء وتخفيض أسعاره.
} ما الأثر الذي تركه انفصال الجنوب على قطاع الغابات؟
- قبل انفصال الجنوب كانت الغابات تساوي أزيد من (30%) من مساحة السودان، ولكن بعد ذلك أصبح شمال السودان به (10%) فقط من الغابات من مساحتها، وهذا يعدّ وضعاً مريعاً، يعني أن الغذاء الذي كان يأتي من الغابات قد انحسر.. في العام 2005م وضعوا في اعتمادات الميزانية (300) مليون "دينار" لتنمية المراعي الطبيعية التي تعتمد عليها أكثر من (140) مليون رأس من الماشية، ووضعوا، للمفارقة، في نفس الميزانية (300) مليون "دينار" ل(المدينة الرياضية) بالخرطوم، ووضعوا (659) مليون أزيد من ضعف ما وضع للمراعي الطبيعية لكهربة (الفلل الرئاسية).
} إلى ماذا تفضي نتائج ما تقول به؟
- هذا يدل دلالة كبيرة على أن ميزانية العام 2005م قد تم تنفيذها بشكل بشع لا يراعي أسبقية الزراعة النباتية، ولا يراعي أسبقية المراعي التي يستند إليها أكبر قطيع في أفريقيا والشرق الأوسط، كما لا يراعي احتياجاتنا نحن من الناحية العملية من العملات الصعبة، ووجود ثروة حيوانية توفر اللحوم بأسعار معقولة.
} كيف يبدو مستقبل مشروع الجزيرة؟
- مشروع الجزيرة تسلمته حكومة الإنقاذ (صاغ سليم) ومعمر تماماً، لكن أين هو هذا المشروع الآن؟ لقد حولت الحكومة مزارعي الجزيرة من منتجين إلى (فئران تجارب).
} لماذا برأيك انهارت السكة الحديد؟
- السكة الحديد انهارت نتيجة للإهمال.
} ما هو الأثر الاقتصادي لهذا الانهيار؟
- ارتفعت تكلفة النقل، وأضحت أسعاره عالية جداً، الأمر الذي يزيد من تكلفة الإنتاج الزراعي وغير الزراعي، وأقول لك: هذان مثلان لتنفيذ التنمية في 2005م و2008م، وكلها تدل دلالة كبيرة وبنتائج استيراد الكميات الوافرة من الغذاء، على أن قطاع الزراعة بشقيه النباتي والحيواني كان مهملاً تماماً، وذلك منذ مجيء الإنقاذ وحتى اليوم.
} هنالك أحاديث لاقتصاديين عن خلل في ترتيب الأولويات للدولة السودانية واقتصادها.. هل ذلك صحيح؟
- نعم بالطبع، فأنا مثلاً كنت أعتقد أن الأسبقية ليست لمشروع (سد مروي).. صحيح أن الكهرباء أمر مهم، ولكن الأهم هو تنمية الزراعة، وكان رأيي أن نذهب إلى تعلية (خزان الروصيرص)، وقد تمت بالفعل الآن، ولكن المهم في ذلك هو المشروعات المصاحبة له، فحينما نتحدث عن تعلية (الروصيرص) فإننا نفكر في تنفيذ مشروع (الرهد وكنانة) لأهميته، ولكن للأسف حينما انسابت أموال البترول أغفلنا ذلك وأعطينا أسبقية لتنفيذ مشروع (سد مروي).
} أنت ترى أن (سد مروي) لم يكن أولوية في ذلك الوقت؟
- نعم.. لقد أنفق علي (سد مروي) مليار وستمائة مليون دولار، وتم الإنفاق على المشروعات المصاحبة لهذا السد، وأنا أعدّ ذلك تنمية للولاية الشمالية ونهر النيل، حيث نُفذت طرق ومساكن لمدن وقرى جديدة وشُيدت كبارٍ حول النيل، حتى كوبري (شندي – المتمة) الذي لا علاقة له ب(سد مروي)، كان أحد المشروعات المصاحبة لهذا السد، وذلك اتجاه غير صحيح.
} ما هي الأهمية الاقتصادية لتعلية (خزان الروصيرص)؟
- تعلية (خزان الروصيرص) كلفت (500) مليون دولار، وأنا كنت أتحدث عن (600) مليون دولار، أي أقل من الذي حدث أو قلته، تعلية الخزان تؤدي إلى زيادة القدرة الكهربائية، وكنت أتحدث عن (60%)، والآن وزارة الكهرباء تتحدث عن زيادة القدرة لمجرد التعلية ب(50%)، إذا هنا كهرباء وهناك كهرباء، ولكن في (سد مروي) لا توجد زراعة، بينما في (الروصيرص) يوجد الأمران، لا يمكن أن نزرع الصحراء.. وأقول لك مشروع الجزيرة كان لفترة طويلة تُستقطع منه (500.000) فدان بما يساوي ربع المساحة نتيجة لعدم انسيابية الري، والآن بعد تعلية (الروصيرص) بات تخزينه أزيد بأربعة مليارات متر مكعب، علاوة على إتاحته لمشروع الجزيرة أن يستعيد كل المناطق التي كانت عطشى في المشروع.
} أنت تتحدث عن أموال ضخمة كان من الممكن أن تنفق في مشروع أكثر جدوى؟
- نعم، فتكلفة (سد مروي) مع المشروعات المصاحبة له كانت (3.2) مليار دولار، مع أن تعلية (الروصيرص) كلفت (500) مليون دولار، فيصبح الفارق (2.7) مليار دولار، كان من الممكن أن تنفق في إنشاء مشروع (الرهد وكنانة) وهو بمساحة تبلغ (2.6) مليون فدان وهي أكبر من مشروع الجزيرة بحوالي (400.000) فدان.. تصور معي لو أننا لم نشيد (سد مروي)، وأخذنا تلك الأموال وهي من قرض عربي كان ذاته يمكن أن يذهب إلى (خزان الروصيرص).. بالنتيجة كان سيكون لنا أكبر مشروعين زراعيين في الشرق الأوسط (2.600.000) فدان هما (الرهد وكنانة) بالإضافة لمشروع الجزيرة، والتأثير الاقتصادي على السودان كان سيكون كبيراً جداً، لو استثمرنا هذه الأموال في تعلية (الروصيرص) وإقامة مشروع (الرهد وكنانة)، ولما كنا في هذا الزقاق المظلم الضيق.. وهناك أمر آخر بالنسبة للبدائل غير (سد مروي) والمشروعات المصاحبة له.
} ما هو؟
- التوجه لدينا في السودان للزراعة قاصر، فنحن نزرع (20) مليون فدان في القطاع المطري التقليدي الذي به ثلثا سكان السودان، وهذه المساحة أعطتنا في سنة محددة (5.5 بالمائة) من الناتج الإجمالي للسودان، ولكننا نزرع (2) مليون فدان حول النيل وروافده كان الناتج المحلي منه (11.5 بالمائة)، لأن القطاع المطري التقليدي أقل تكلفة في الإنتاج، ولابد من تعميره، ولكان ذلك أحدث قفزة.
المجهر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.