شهدت مدن سودانية، أمس الثلاثاء، تظاهرات عارمة احتجاجاً على ارتفاع أسعار السلع والغلاء المعيشي ورفع الدعم عن أسعار الوقود، وشهدت مدن العاصمة الثلاثة الخرطوم وأمدرمان والخرطوم بحري احتجاجات طلابية وشعبية، دفعت المسؤولين عن المدارس الثانوية والأساس إلى إعادة الطلاب إلى منازلهم في وقت مبكر . واتسعت رقعة التظاهرات بشكل ملحوظ . وتضاربت التقديرات بشأن ضحايا التظاهرات، فبينما قالت تقارير إن عدد القتلي ارتفع في "ود مدني" إلى سبعة بينهم أربعة نظاميين، أشارت مصادر إلى سقوط شخصين على الأقل قتلي في تظاهرات الخرطوم، وانتقلت تظاهرات مدني التي استمرت ليومها الثاني إلى المناقل أمس . وأشارت إلى أن مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور خرجت أيضاً في احتجاجات عاصفة، كما شملت المظاهرات مدن المناقل وود الحداد بوسط السودان فضلاً عن عطبرة والقضارف . وتعطلت الدراسة في عدد من الجامعات السودانية، وتم تأجيلها إلى إشعار آخر، وأعلنت جامعة "سنار" تعطيل الدراسة في كل كلياتها المختلفة إلى ما بعد عيد الأضحى . ودخلت أحياء عديدة في الخرطوم إلى دائرة الاحتجاجات، ففي أمدرمان شهدت "أمبدة" تظاهرات كانت الأكثر حدة، وحرق خلالها المتظاهرون مبنى حزب المؤتمر الوطني الحاكم، ومحطة كهرباء في حي صابرين، كما أحرقوا إحدى محطات الوقود وسيارة نقل عامة . كما اجتاحت التظاهرات حي الثورة وشارك بالتظاهرات طلبة المدارس والشباب، وأحرق المتظاهرون حافلة للمواصلات وأغلقت المدارس أبوابها، كما أغلقت المحال التجارية بالسوق الشعبي أمدرمان والمحال المطلة على الشوارع الرئيسة، وتوقف وسائل النقل عن العمل . وفي الخرطوم شهدت منطقة الوسط وأحياء بري والصحافة احتجاجات مماثلة، بينما برزت أحياء الحلفايا والدروشاب في منطقة الخرطوم بحري، وردد المحتجون شعارات تطالب بإسقاط النظام . ورغم أن أعداد طلاب الثانوي طغت على التظاهرات إلا أنها ضمت الجنسين، في حين حاصرت الشرطة مباني جامعة الخرطوم وطوقت حركة الطلاب . وشهدت شوارع المدن الرئيسة عمليات كر وفر بين المتظاهرين ورجال الشرطة والأمن، وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع، وأغلقت عدداً من الطرق الرئيسة ما أدى إلى توقف حركة المواصلات . وتكدس المواطنون بكثافة في مواقف المواصلات بوسط الخرطوم، وسط غياب شبه تام للمركبات العامة والميني بص، فيما رفع أصحاب الحافلات التعرفة إلى الضعف، وانتشرت تعزيزات كبيرة من الشرطة والأجهزة الأمنية، في المناطق ذات الاكتظاظ السكاني العالي كالأسواق والأحياء التي تشهد احتجاجات بالإضافة إلى المناطق الاستراتيجية . وكانت السلطات اعتقلت 103 أشخاص على خلفية التظاهرات، وتم تقديمهم للمحاكمة . وأعلنت الشرطة أن أحد المشاركين في مظاهرات قُتل بنيران أطلقت عليه من سيارة مدنية في ود مدني وأصابت المواطن أحمد محمد علي (23 عاماً) وأدت لوفاته في الحال وفرت العربة هاربة . وسعت الشرطة إلى امتصاص موجة الغضب الشعبي باستعمال قدر منضبط من القوة لتفريقها خشية من أن تتصاعد الأحداث إن استخدمت القوة المفرطة . وقالت الحكومة السودانية إنها كانت تتوقع خروج هذه المظاهرات الاحتجاجية، بعد أن وصفت القرار بأنه قاس، ورأت أنه لا مفر من تطبيقه . إلى ذلك، كشف ديوان الزكاة عن أنَّ أكثر من مليوني أسرة في السودان تعيش تحت خط الفقر وفقاً لآخر إحصاء في العام 2012 . وقال الأمين العام للديوان محمد عبدالرازق إنهم خصصوا 68% من ميزانيتهم للفقراء والمساكين .