يعتبر قطاع الشمال في الحركة الشعبية لتحرير السودان نفسه جسر تواصل بين الشمال والجنوب، وقد لعب دورا فاعلا في تعريف أفكار الحركة للشماليين. وقد تنامت الشعبية كتنظيم سياسي في الشمال بطرحها شعار التغيير في فترة ركود سياسي جعلت كثيرا من السودانيين يتدافعون بحماس للانخراط بصفوفها. لكن سرعان ما تراجع هذا الحماس في أعقاب انسحاب الحركة من انتخابات الشمال، وتوجهها جنوبا وتخليها عن الشمال وعن منسوبيها من الشماليين إضافة إلى علو صوت الانفصاليين داخلها. وأقر القيادي بقطاع الشمال د. محمد يوسف أحمد مصطفى بأن بعض عناصر الحركة الشماليين سيصيبهم الإحباط وخيبة الأمل للتوجه الانفصالي لزملائهم الجنوبيين في الحركة "وهذا ما لم يتوقعوه من زملائهم" وقال إنهم سلكوا مسلكا مضرا بالعمل العام في الجنوب والشمال. ولكنه عبر عن "إيمانه القوي" بأن الجنوبيين مازالوا يؤمنون بمشروع السودان الجديد "في الوطن الموحد" واتهم من أسماهم بالغوغائية "الذين سيطروا علي الحركة الشعبية وأصبحوا غلبة وتعالت أصواتهم علي الوحدويين" بجرّ جنوب السودان نحو الانفصال. ولكن يوسف راهن على إستراتيجية تهدف لطرح الوحدة مستقبلا كمشروع يمكن أن يعيد الجنوب -حال انفصل- إلي شماله، لتحقيق وحدة قال إنها يجب أن تكون على أسس جديدة وليست "وحدة عاطفية". وأشار إلى أن انكفاء زملائهم الجنوبيين جنوبا لا يعني التخلي عن الشعبية "كفكر ومبدأ وعقيدة" وأضاف أن أطروحات الحركة ستظل موجودة لمتابعة النضال باعتبارها نصيرة المهمشين وأن قضايا التهميش "لم تحسم بعد". حزب سياسي ومن جانبه اعتبر القيادي في الشعبية بالقطاع الشمالي محمد المعتصم حاكم أن الحركة باتجاهها نحو الجنوب لم تتخل عن الشماليين، وقال إن عملية إجراء الاستفتاء تخضع لظروف خاصة بالجنوبيين. وأضاف في تصريح للجزيرة نت "لا نريد أن نسبق نتيجة الاستفتاء" وقال إنهم كشماليين في الحركة ليسوا طرفا في التصويت بل هو شأن يخص الجنوبيين داخل وخارج الشعبية. وأكد أن القطاع الشمالي سيعمل منذ الآن من أجل وحدة السودان من جديد –إذا صوّت الجنوبيون للانفصال- والحفاظ مع الآخرين على ما تبقى من السودان. وقال حاكم إن الحركة في الشمال ظلت في اجتماعات متواصلة "وتعمل في هدوء شديد من أجل التحول لحزب سياسي يحمل نفس أهداف الحركة الشعبية ويتولى الدعوة للسودان الجديد". وأوضح أن الحزب سيتم تسجيله بشكل رسمي ويبدأ نشاطه مثل الأحزاب الشمالية، من أجل معالجة القضايا التي لم تعالجها الشعبية. وقال إن المشاكل لن تنتهي بانفصال الجنوب "لكننا سنكون حمامة سلام وجسر تواصل" بين أهل الشمال والجنوب، ودعا لفتح الحدود بينهما باعتبار أن الانفصال سيكون سياسيا وليس اجتماعيا أو وجدانيا، وأنه لن يؤثر على علاقة الشمال بالجنوب. ولكن القيادي بالشعبية في القطاع الشمالي بولاية الجزيرة أنور محمد الحاج فقد حمل المؤتمر الوطني المسؤولية كاملة في انفصال الجنوب. وقال للجزيرة نت إن الوطني طيلة الخمس سنوات الماضية من عمر المرحلة الانتقالية لم يقدم ما يغري شعب الجنوب لدفعهم نحو الوحدة "بل انتهج سياسات جعلت الوحدة غير جاذبة". وأوضح الحاج أن الشعبية في الشمال ستوفق أوضاعها لقيادة الجماهير عبر تكوينها لحزب سياسي يرتكز علي خبرات منسوبي الحركة من الشماليين. وقال إن العلاقات القوية والروابط بين الشعب في الشمال والجنوب يمكن أن تصبح رؤية مستقبلية لخلق تكامل ثقافي واجتماعي واقتصادي.