في يناير من العام القادم سيكون جنوب السودان دولة مستقلة إذا بلغت نسبة الاستفتاء على الانفصال 60%، حيث يرجع الفضل في ذلك إلى الدعم السياسي الكبير الذي قدمته الدول الغربية والولايات المتحدة على وجه الخصوص إلى الانفصاليين الجنوبيين بالإضافة إلى تعاطف مجلس الكنائس العالمي معهم خلال العقود القليلة الماضية ناهيك عن جميع أشكال الضغوط التي مارستها تلك الدول على حكومة السودان من اجل التسليم بانفصال الجنوب مع غياب موقف عربي واضح كالعادة تجاه خطورة انقسام السودان. الفارق الكبير بين الديبلوماسية الأميركية في دعم انفصال الجنوب السوداني وقيام دولته المستقلة والديبلوماسية الأميركية في رعاية عملية السلام في الشرق الأوسط وإقامة الدولة الفلسطينية. فالأولى حقيقية قد آتت أكلها أما الثانية فهي مسرحية ساذجة اعتادت ان تقدم لنا فصلا هزليا جديدا عند كل عرض، لا يخفى التعاطف الغربي والأميركي مع الأقلية المسيحية في الجنوب السوداني التي تشكل 17% من سكانه مقابل 18% مسلمين و65% وثنيين في تبني قضية انفصاله عن الشمال المسلم، لكن الأهم من ذلك هو العامل الاقتصادي حيث يتمتع جنوب السودان بمخزون نفطي هائل ومواد خام طبيعية متعددة يسيل لها لعاب الدول الصناعية. ولو قدر الانفصال للجنوب فإنه لن يكون بأفضل حال من شماله أو من رواندا أو ناميبيا أو سيراليون ملكة الماس الأفريقي أو جمهورية الكونغو الديموقراطية التي تتحدث وسائل الإعلام الغربية هذه الأيام عن تعرض مناجمها لعمليات نهب مستمرة من قبل المسلحين وكبار ضباط الجيش والشركات الغربية المتعاونة معهم من اجل الحصول على المواد الأولية التي تدخل في صناعة أجهزة الكمبيوتر والتلفونات النقالة حيث تطالب منظمات حقوق الإنسان تلك الشركات بوقف تعاملها مع تلك العصابات من أجل قطع الدعم المالي الذي يغذي الصراع الدموي الحالي في الكونغو. المعروف ان الدول الافريقية السوداء غنية بمواردها الطبيعية لكن شعوبها تعاني من الفقر والبؤس وتفتك بها الأمراض والصراعات السياسية الدموية بينما تتغذى على مواردها الطبيعية كبرى شركات الصناعة الغربية التي لا تولي أي اهتمام لأوضاعها الإنسانية البائسة. كل ما في الأمر أن كيانا أفريقيا جديدا مستنسخا من الوضع الأفريقي البائس سينضم عما قريب إلى منظومة الدول الأفريقية الفقيرة. سلطان الخلف