لا يختلف حال الحمير في العاصمة نواكشوط عنه في باقي أنحاء موريتانيا من حيث الاعمال الشاقة التي تناط بها. فالاف الحمير التي تجر عربات تحمل براميل المياه والسلع المختلفة بل وحتى البشر تعد وسيلة مواصلات حيوية في اقتصاد موريتانيا الصحراوي. وعلى الرغم من دورها الذي لا غنى عنه تتعرض الحمير على نطاق واسع لسوء معاملة تتمثل في الضرب المبرح وسوء التغذية. ومن المألوف رؤية حمير بها جراح تنزف وندوب تعمل في شوارع نواكشوط المتربة شديدة الحرارة حيث لا يجد أصحابها غالبا المال أو الوقت اللازمين لعلاجها. وقال صاحب حمار في نواكشوط يدعى أدما ان البعض يتمالك اعصابه والبعض الاخر لايرغب في ضرب حميره لانه يعرف ان ذلك يضر بها لكن "الشيطان يوعز لهم بفعل ذلك". ويقوم حاليا مجموعة من البيطريين الموريتانيين بمساعدة منظمة مدنية دولية بانشاء عيادات متنقلة تقدم النصح والرعاية الطبية المجانية لاصحاب الحمير. وتعتبر الحمير بمثابة رأسمال لكثير من الموريتانيين. وقال صاحب حمار يدعى محمد سيدي انه طالما كانت صحة الحمار جيدة فان عمل صاحبه يسير بشكل جيد والعكس صحيح. وأثنى على الجهد الذي يقوم به الاطباء البيطريون لعلاج الحمير. وأشار محمد سيدي الى ان الحمار الذي يتعرض لضرب متكرر لا يصبح صالحا لاي شيء مشددا على أهمية ان يكون الحمار بصحة جيدة ليستمر العمل بشكل جيد وبالتالي يتحسن دخل صاحبه. ويعمل البيطريون الموريتانيون مع جمعية حيوانات نمساوية تسمى ريسبيكتري بدأت منذ خمس سنوات العمل في علاج الحيوانات بموريتانيا. والعيادات المتنقلة مبادرة جديدة من شأنها ان تساعدهم على الوصول الى أكبر قدر ممكن من الحمير في البلاد. وقال الطبيب البيطري سامبا عمر دينج أحد العاملين في البرنامج "انه من دواعي سعادتي وفخري ان أرى الحمير التي عالجتها وقد شفيت. حين يراني الحمارون يأتون ويعانقونني امتنانا منهم لعلاج حميرهم. هذه اشارات تشعرني بالفخر. وهذا أيضا يشجعني على مواصلة العمل الذي أتولاه لصالح جمعية ريسبيكتري." ويغادر دينج منزله يوميا الى عين ماء يزورها بانتظام في نواكشوط ليقابل أصحاب الحمير ويفحص حميرهم التي عالجها ويتعامل مع حالات الاصابة الجديدة. ويشمل عمل دينج تنظيم حملة توعية واقناع أصحاب الحمير مثل أدما ديالو لايلاء حميرهم مزيدا من الاهتمام باعتبار ان لذلك مردودا اقتصاديا يصب في صالحهم. وقال دينج لدى فحصه لحمار "انظروا الى حال الحمار..أتوسل لكم ألا تضربوه بعد ذلك. حين أعود أتعشم أن أراه يتحسن أو لم تزدد حالته سوءا. سنساعدكم حتى لا تسوء جراح بطنه. لا نطلب منكم مالا..لا نطلب أي مال..نرجوكم فقط ألا تضربوه بعد ذلك." وأوضح لاصحاب الحمير انهم سيعالجونها مجانا اذا تعهدوا بمعاملة حيواناتهم برفق. وبالنسبة لصاحب حمار مثل أدما ديالو يبدو ان الحافز قد أثمر لانه رد على الطبيب البيطري بقوله "كما قلت وبأمر الله..ما ان يتحسن الحمار ويشفى لن أضربه أبدا." ويقول البيطريون العاملون في ريسبيكتري ان ترتيبات العلاج في العيادات البيطرية التابعة للجمعية تشمل المساعدة في اقناع السكان الاشد فقرا باحضار حيواناتهم لمعالجتها في العيادات. وقال الطبيب البيطري توم وتزجبير ممثل جمعية ريسبيكتري "نعالج حيواناتهم لانها رأسمالهم. واذا كانت صحة الحيوانات جيدة يأتيهم رزقهم بانتظام. ولذلك أرى أن ذلك (علاج الحيوانات) أفضل ما يمكننا عمله لمساعدة الحيوانات والبشر أيضا." واذا كان احداث تغيير في وجهة نظر الناس فيما يتعلق بالرفق بالحيوان قد يستغرق بعض الوقت فان الفوائد تبدو جلية على صحة الحمير التي اتيحت لها فرصة العلاج في عيادات ريسبيكتري بموريتانيا.