ينوي الرئيس البشير أداء مناسك الحج هذا العام تاركاً خلفه أحداثاً جسام وبلداً يمور كالتنور .. عن ماذا يبحث السيد الرئيس وهو يترك هذه الدنيا خلفه ويلجأ إلى حرم آمن تجبى له الثمرات، ودون شك سيكون في معيته خلق كثير من ماسحي الجوخ وناهبي الثروات ومريقي دماء الشباب. طلب المغفرة له شروط أولها إزالة الأسباب والتأكيد على عدم العودة للذنب مرة أخرى فأي الذنوب سيطلب الوفد الرئاسي التوبة عنها أمام بارئ الخلق.. وأي الذنوب سيتعهدون أمام البارئ بعدم تكرارها .. كيف تتضرع أكف مضرجة بدم الأبرياء إلى الله تعالى .. وكيف تقبل التوبة ودعاء المظلومين الذي ليس بينه وبين الله حجاب يملأ فجاج الأرض وعنان السماء.. وهم الذين استثناهم عز وجل من الجهر بالسوء من القول تأكيداً على تعجيل الاقتصاص لهم في الدنيا قبل الآخرة. هؤلاء الجمع الذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هو من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً بارت تجارتهم وكسدت .. فإن يخادعوا الله فهو خادعهم .. يمد لهم في طغيانهم يعمهون.. حتى لحظة حسابهم الدنيوي أمام من أريقت دماء أبنائهم أما حسابهم الأخروي فهذا شأن آخر. من لأمهات فطرت أكبادهن يستقبلن العيد كما أستقبله المتنبئ بمصر: عيد بأية حال عدت يا عيد... بما مضى أم لأمر فيك تجديد أما الأحبة فالبيداء دونهم.. .......ليت دونك بيد دونها بيد من لأمهات الجرحى وأمهات المعتقلين والمعذبين والمجلودين . كيف سيكون عيد الفداء وهن قد قدمن فلذات أكبادهن فداءاً للوطن والحرية والعدالة والعيش الكريم. ربما لو كان هنالك تعقل نسبي لخرج المؤتمر الوطني بمبادرة ينسبها إلى عقلائه في محاولة لاستباق المنازلة الفاصلة ، خصوصاً وقد مهد لها السيد الإمام ، وباركها سراً العراب الأكبر في اجتماعه مع الإمام بمنزل السيد كامل إدريس. لقد أدى السيد الإمام دوره على أكمل وجه ووضع العصاة على العجلة ليفرمل تصاعد نسق الاحتجاجات بمهارة الحاوي (عصاية نايمة وعصاية قايمة) ، وغضب مولانا غضبته المضرية وسحب حيرانه من الحكومة وتوارى عن الأنظار إلى حين إشعار آخر. بالأمس القريب حاصرت أجهزة الأمن مقر حزب الأمة الرئيسي وجمعت من الصحفيين ما وسعت له البكاسي من أحرار الصحافة فأين رد الفعل من هذا الانتهاك لحرمات أهل البيت والبطش بضيوفهم الآمنين الذين ظنوا أنهم مانعتهم حصون حزب الأمة؟ ولم يجدوا عدا بيانات الشجب والإدانة. يبدو المشهد الآن سريالياً بامتياز.. لكن وبالعودة إلى المتنبئ نجد عنده الحكمة الفصل "إذا رأيت نيوب الليث بارزة.. فلا تظنن أن الليث يبتسم" .. فإن هدأت حدة المظاهرات فلا زالت الصدور تمور بغضب مختزن منذ ربع قرن .. زاده حدة بطش الزبانية بشباب في ريعان العمر .. تركوهم صرعى تنادي دمائهم الطاهرة بالقصاص .. وشباب أهدرت أدميتهم بالمعتقلات .. يبدأ تعذيبهم منذ القبض عليهم حين تنهال عليهم الخراطيش من كل حدب وصوب.. وتنتهي بصوت العنج على يد مأجور مأفون ، فلا يأمنن زبانية النظام نيوب الليث... وهل يظنن واهم أن هذا المشهد سيستمر على حاله.. وأن الناس ستسكت على الضيم قهراً بقوة السلاح ..أم أن الفيلم الذي بشر به السيد الإمام على وشك أن يبدأ. فلننتظر لنرى إن غداً لناظره قريب. [email protected]