لم يخف علي أحد أن القرارات الحكومية الاقتصادية الأخيرة كانت امتثالاً لشروط وتوجيهات صندوق النقد الدولي ، وطمعاً في ( الجزرة) الممدودة منه فيما يتعلق بملف إعفاء الديون الخارجية ، وبرغم الكارثة الوخيمة التي حلت علي الشعب والاقتصاد جراء الصعود الكبير في معدل التضخم وارتفاع الأسعار لمستويات قياسية وما استتبع ذلك من ضائقة معيشية وتدني في سعر الجنيه مقابل العملات الأجنبية فالحكومة لا زالت ملتزمة بوصفة الصندوق إلي آخر (شولة) في حين لا زال الصندوق يملي أوامره عليها ويحذرها من الأوضاع القاتمة والمخاطر الكبيرة التي تنتظرها والخاصة بالتحولات الاقتصادية والسياسية خلال الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية فى عام 2015 . والصندوق في هذا الصدد لا يتحدث باسمه وإنما إنابة عن الرأسمالية العالمية ، حين يومئ للنظام الحاكم بأن الاعتراف بنتائج الانتخابات القادمة مرهون بالتحولات الاقتصادية المنشودة ، وهي لا تخرج عن إطارها المعروف القائم علي تحطيم الإنتاج وإفقار الناس والتخلص مما تبقي من القطاع العام وإثقال كاهل الفقراء بالضرائب والرسوم من أجل تحويلهم لمتسولين تحت رحمة صناديق العون الاجتماعي أو الزكاة . ولا يجد الصندوق حرجاً في الطلب من الحكومة أن تطور الأدوات الكافية لتداول المال فى السوق والتسهيلات الائتمانية للبنك المركزى من أجل تخفيف ضغوط التضخم علي رؤوس الأموال وتحسين فعالية السياسة النقدية وإدارة السيولة لدى البنوك، كيما لا تتوقف أرباح الرأسمالية الطفيلية واستثمارات رأس المال الأجنبي ، كما يطلب منها إيلاء أهمية لقضية توحيد أسعار الصرف المتعددة بما يعني تخفيض سعر الجنيه ،وتبعاً لهذه التوجيهات التي صدرت من الصندوق في الأيام القليلة الماضية هاهو وزير المالية يهدد الشعب بالمزيد من الغلاء في الموازنة القادمة ، وهو يدري أن الشعب لا يتهدد ولا يهدد بل يقرن البيان بالعمل ، كما حدث إبان هبة سبتمبر التي لقنت النظام درساً لن ينساه ، وستظل المقاومة متصاعدة وقوية في وجه النظام وسيده صندوق النقد حتي الإطاحة بهما .