قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن السودان سيصبح سودانين في القريب العاجل، داعية الجانبين إلى إيجاد سبل للتعايش المشترك، والمانحين إلى عدم الوقوع في إغراء إغداق الأموال على الجنوبيين، إذ إن الفرق في التعامل مع الطرفين من شأنه زيادة عوامل الفرقة. وسيدلي قرابة ثلاثة ملايين نسمة بأصواتهم في الاستفتاء بشأن انفصال جنوب السودان عن البلد الأم في التاسع من يناير المقبل، حيث من المتوقع ولادة دولة جديدة في أفريقيا هي دولة جنوب السودان. وبينما سيكون من شأن الانفصال وضع حد لحرب أهلية استمرت لأكثر من عقد من الزمان في القارة الأفريقية، فإن دولة شمال السودان لن تسلم من التغيرات الحتمية. وقد أكد الرئيس السوداني عمر البشير على تطبيق الشريعة الإسلامية في الشمال في حال انفصال الجنوب، ويجب أن يؤخذ في الحسبان حرية مرور المسيحيين المقيمين في الشمال إلى الجنوب بعد أي تسوية قادمة. وأشارت «الغارديان» إلى الهجوم الذي شنه الجيش السوداني ضد تحالف من حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان في إقليم دارفور غربي البلاد، والذي أسفر عن مقتل العشرات. وفي حين يصبح الاستفتاء يوما بعد يوم حقيقة أكثر وضوحا، ينبغي للسودانيين في الدولتين إيجاد صيغة للتعايش، وقد عقد لسودانيين، اتفاقا لتقاسم الثروة النفطية، ولكن ذلك الاتفاق ينتهي مع الاستفتاء، حيث تبدأ مرحلة واتفاقات جديدة. وستبقى أنابيب البترول من جنوب السودان تمر عبر الشمال إلى أن يشيد الجنوبيون أنابيبهم الخاصة، كما ستنشأ مشكلة الحدود الدولية بين الدولتين. وإذا ما طردت الخرطومالجنوبيين الذين يعيشون في الشمال، فإن جنوب السودان قد يرد بمنع هجرة القبائل البدوية من الجنوب إلى الشمال، والذين يشكلون دوائر انتخابية مهمة بالنسبة لحزب المؤتمر الوطني الحاكم. وينبغي للسودانيين في كلتا الدولتين أن يدركوا أنهم يعتمدون على بعضهم بعضا وليس على مجرد النفط أو الحدود، ويجب مراعاة قضايا مهمة مثل العملة المشتركة والدين الخارجي للجانبين. ونبهت «الغارديان» إلى أن المانحين سرعان ما يغدقون على الجنوب الأموال الوفيرة، ومعاملة الجنوب بشكل مختلف تؤدي إلى مزيد من الحقد والانقسام بين الأشقاء في الشمال والجنوب، والاستفتاء ما هو سوى البداية نحو المزيد من الاتفاقات المشتركة بين الجانبين.