“فلسطنة السودان، وسودنة المنطقة العربية" . هذا سيكون الشعار “الإسرائيلي" (والأمريكي) في الشرق الأوسط العربي في ،2011 وهذا سيحدث بسرعة قصوى . ففي الأيام الأولى من العام الجديد، سيدشن الاستفتاء على مستقبل جنوب السودان بدء أحداث دراماتيكية ومصيرية كبرى ليس فقط بالنسبة إلى هذا البلد بل أيضاً إلى باقي أنحاء الوطن العربي . أحداث ستُسبغ الطابع الرسمي هذه المرة على استراتيجية “إسرائيلية" عمرها 100 عام، تقضي بتفتيت الأمة العربية إلى “أمم" طائفية ومذهبية وإثنية تكون مرجعيتها الأولى والأخيرة الدولة الصهيونية . السودان سيصبح في 2011 سودانين، سواء تم ذلك سلماً أو حرباً . والثروة النفطية التي تبلغ الآن 500 ألف برميل يومياً (والتي سيضاف إليها قريباً ثروات الغاز الطبيعي المكتشفة حديثاً)، ستضمن تحويل السودان إلى ساحة مجابهات ضارية بين الولاياتالمتحدة والصين وبقية الأسراب الدولية الضارية والظمأى أبداً إلى موارد الطاقة المتناقصة. بيد أن صراع الفيلة هذا، على خطورته، سيبهت أمام المخطط “الإسرائيلي" الخطر الذي سيبدأ في السودان وانطلاقاً منه إلى بقية المنطقة، والذي يمكن تلخيصه بالتالي: فلسطنة السودان عبر تفكيكه (كما الضفة الغربية) إلى كانتونات شمالية وجنوبية في المرحلة الأولى، ثم استكمال التفكيك لاحقاً عبر دعم حركات الانفصال في منطقتي النيل الأزرق وكردفان، وبعدها في إقليم دارفور . تحويل جنوب السودان، الذي تقيم تل أبيب علاقات تاريخية مع حركات الانفصال فيه، إلى منصة انطلاق للسيطرة على حوض منابع النيل لثلاثة أهداف: الأول، إحكام القبضة “الإسرائيلية" على عنق مصر عبر الإمساك بمياه النيل، ودفعها إلى الابتعاد كلياً عن المنطقة العربية والغرق في صراعات لا تنتهي في إفريقيا . والثاني، إجبار مصر أيضاً على تحويل مجرى النيل من مساره نحو البحر المتوسط إلى صحراء النقب، وإلا العمل على بناء سلسلة سدود في دول حوض النيل لخفض منسوب المياه عنها . وأخيراً، تفجير التناقضات الحادة بين الدول العربية والدول الإفريقية . مواصلة العمل للسيطرة على البحر الأحمر الذي بات فيه ل"إسرائيل" وجود بحري عسكري دائم، لاستكمال تطويق المنطقة العربية من كل الاتجاهات . بيد أن هذا المشروع “الإسرائيلي" الكبير الموضوع الآن على نار حامية، لن يتوقف في السودان بل سيكون، كما ذكرنا في البداية، مجرد الناقوس الذي يعلن بدء التقسيم “الرسمي" للعديد من الأقطار العربية “إسرائيل" جاهزة الآن للقيام بهذه الخطوة في العراق، بعد أن ثبّت الموساد قواعد ثابتة له في الشمال الكردي، وبعد أن أسهم مع غيره في تمويل وتسهيل العمليات الإرهابية الهادفة إلى إشعال أوار الفتنة المذهبية بين السنّة والشيعة . وهي من موقعها في البحر الأحمر، ستكون قادرة على تشجيع وحفز النشاطات الانفصالية في اليمن وإن بشكل غير مباشر . أما بالنسبة إلى لبنان وسوريا، فإن دخول استراتيجية التفكيك مرحلة التدشين الرسمي، ستكون إيذاناً بوقوعهما قريباً (قريباً جداً على الأرجح) في قبضة كماشة التفتيت “الإسرائيلية"، ما لم تتداركا الأمر قبل فوات الأوان بخطوات وقائية مشتركة . هل ثمة مبالغات في تقييم هذا الخطر “الإسرائيلي"؟ كلا . ولمن يريد أن يتأكد، الوثائق الصهيونية منذ مئة عام أمامه، والفلسطنة والسودنة اللتان ستجتاحان بلا ريب المنطقة في 2011 وراءه . . هنيئاً ل"إسرائيل" . سعد محيو