تبدأ فصول الأزمة في الولاية الشمالية ولاتنتهي وتقف الكثير من الأسئلة حائرة تبحث عن إجابات منذ أزمنة متطاولة وكلما تحدثت عن الكهرباء وشارع الأسفلت وسد مروي تجد أمامك مشاهد القري والجزر الخاوية والتي لايسكنها غير الفراغ بعد أن هاجر الناس هناك زرافات ووحدانا إلي كل أرجاء المعمورة ، والآن الموسم الشتوي يطرق الأبواب وبرميل الجازولين ب700 جنيه وتوصيل الكهرباء إلي أي مشروع خاص (حواشة) يكلف 17 مليون جنيه بالقديم والمشاريع الكبري في كل يوم هي في شأن ، اليوم مستثمر سوداني وغداً مصري وفي كل مرة علاقة إنتاج جديدة ومشاكل جديدة. والشمالية الآن مثل سفينة فقدت ربانها فقدت وسيلة بلوغ مرفأ الأمان وفقدت أعز ماتملك وهو الانسان الذي ترك أرضه وهاجر حزيناً مغبوناً يائساً إلي أرض غير أرضه وحضارة غير حضارته لتصبح الشمالية خراباً بواراً والحديث عن تاريخ الأزمة هناك هو حديث عن تاريخ أحزان استفاضت مسائله في فصول وأبواب وإن السطر من تاريخها يرعد من الغيظ والكلمة تبكي وإن الحرف ليئن أنيناً يسمع وتاريخها ينتفض لأنها مصيبة كبري وكل سطر في واقع مواطن الولاية يمثل فصلاً من معاني الشقاء الانساني ،والأمثلة والشواهد علي الإهمال والتهميش والفساد كثيرة وأكثر من أن تعد والحديث عن مستشفي دنقلا التخصصي خير مثال بعد أن بدأت مباني المستشفي في التصدع وبعد أن طفحت المجاري رغم أن عمر المستشفي لايتجاوز عدد أصابع اليد من السنوات وتدهور الحال لدرجة أن الجهات المعنية بدأت في نقل قسم النساء والتوليد إلي المباني القديمة أي أن الولاية رجعت وعادت للقديم بعد أن تصدع (الجديد) وشهد قسم النساء والتوليد أكثر من حالة إلتهاب أثناءإجراء العمليات والأسئلة عن الجهات المنفذة والأخطاء الفنية والهندسية في مباني المستشفي لاتزال قائمة وتطرح نفسها في انتظار إجابات تلاشت وذهبت مع فقه عفا الله عن ماسلف أو خلوها مستورة. يقول الاستاذ محمد علي المحسي رئيس الحزب الوطني الديموقراطي الشمالية تمر بظروف صعبة جداً وانسانها بدأ الهجرة منذ أزمان بعيدة لأن طبيعة المنطقة قاحلة وقاسية جداً وكل المهاجرين هربوا من الأوضاع والظروف السيئة وحتي الذين أثروا البقاء هناك هم قلة يواجهون ظروف صعبة وأوضاع مأساوية بكل المقاييس حتي محصول البلح انتهي هناك. ويضيف المحسي علي الحكومة أن تعمل من أجل إيجاد حلول جذرية لمشاكل الشمالية خاصة لمرض السرطان الذي انتشر بصورة مخيفة جداً وأيضاً هناك مشكلة الزحف الصحراوي الذي يهدد الأراضي الصالحة للزراعة والحكومة لم تقم بأي مجهود يذكر. وتتداخل العوامل الطبيعية والأسباب السياسية لتصنع الأزمة هناك، الزراعة الحرفة الرئيسة تعاني من مشاكل كثيرة منها إرتفاع تكلفة الإنتاج ( مدخلات الانتاج) وغياب الحماية الحكومية لأسعار المنتجات الزراعية وغياب الإرشاد الزراعي والآفات التي تهدد الكثير من المحاصيل والأشجار والمنتجات الزراعية وغياب مشاريع التنمية الكبيرة ولم تسعد الولاية بأي مشروع تنموي كبير بإستثاء سد مروي والذي أثار الكثير من الأسئلة ولم تظهر حتي الأن أي أثار إيجابية واضحة له ولازالت الهجرات متواصلة من الولاية إلي الخرطوم وغيرها من مدن السودان و قال ل(الجريدة) ضابط إداري بالمعاش عمل بكل محليات الواية الشمالية طلب عدم ذكر إسمه "حكم علي السودان أن تظل الشمالية مجرد رصيد احتياطي وحتي المشاريع الاستثمارية الاجنبية في الشمالية توقفت لأسباب غير والحكومة حتي الأن لم تنتبه لخطر التنمية بالشمالية ولماذا حظر علي الشمالية أن تتنمي وهذه هي الجريمة الكبري". الشمالية لم تلق الاهتمام من كل الحكومات المتعاقبة علي حكم البلاد هكذا بدأ الأستاذ علي محمود حسنين حديثه من المهجر حيث يقيم منذ سنوات ويضيف حسنين وبل وجدت الاهمال حتي من قبل المستعمر والانقاذ حاولت استبدال زراعة القطن في الجزيرة بالقمح وبالتالي تهجير القمح من موطنه الأصلي إلي الجزيرة وفقدت القمح والقطن معاً ، ويري حسنين أن التنمية في الشمالية لاتحتاج إلي مال كثير ولا إلي برامج طويلة حيث هناك الأرض الصالحة للزراعة الممتدة حتي الصحاري الليبية ولكن الواقع حقيقة سيئ للغاية في الشمالية الفواكة ماتت والنخيل أصبحت محاطة بالاهمال والآفات الزراعية ( الحشرة القشرية) والمصانع القليلة الموجودة في كريمة توقفت بالاهمال وعدم الجدية في العمل. ويقول حسنين المواطن في الشمالية أصبح يتذمر لأنه يري أن الأقاليم أصبحت تطالب بحصتها في الثروة والسلطة هم لايحملون السلاح لأن لهم حجة ومنطق ولكن علي الحكومة أن تتفهم مطالب الناس هناك قبل وفوات الأوان... وبعيداً عن المهاجر حيث يقيم حسنين تطل الكثير من المشاكل برأسها في دنقلا وماحولها فجر كل يوم تدخلات سياسية في التعليم والصحة دون خبرة أو معرفة وأصبحت تنقلات الموظفيين تخضع للحذف والإضافة من منطلقات سياسية بحتة والشواهد كثيرة في أكثر من محلية بالولاية ومعدلات الفقر ترتفع بمتوالية هندسية والزحف الصحراوي والهدام والحشرة والقشرية والسرطان والهجرة وغيرها من الأمراض والأزمات استوطنت في الولاية . وتظل الكثير من المشاكل هناك بحاجة إلي تحليل أكثر عمقاً وتناول من زوايا مختلفة المساحات المزروعة تتناقص والآفات الزراعية تحاصر النخيل و إستخدام المبيدات الزراعية دون رقيب ومن غير كتاب منير والتعدين الأهلي لم يغير واقع الناس كثيراً بل أصبحت المحليات والوحدات الإداراية تتصارع حول إيرادات التعدين والمواطنون هناك تتدحرج أيامهم لدروب لايعرفونها وعند المنعطف فإذا بهم قد امتلكوا الضياع. [email protected]