شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة شهد المهندس تشعل مواقع التواصل بعد ظهورها وهي تستعرض جمالها بأزياء مثيرة للجدل ومتابعون: (لمن كنتي بتقدمي منتصف الليل ما كنتي بتلبسي كدة)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    بلومبيرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    سوق العبيد الرقمية!    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    علماء يكشفون سبب فيضانات الإمارات وسلطنة عمان    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الحليم المتعافي : جاهز للإستقالة ومستعد للتقاضي..لن أقول من المخطئ أو من المسؤول؟ لأني طرف في القضية.
نشر في الراكوبة يوم 26 - 11 - 2013


حوار: عبد الباقي الظافر – يوسف الجلال
قطع وزير الزراعة الدكتور عبد الحليم المتعافي بانه جاهز للاستقالة من منصبه في حال ثبوت تورطه فعليا في قضية تقاوي القمح بعدما تأخرت عملية الانبات، مؤكدا استعداده للمساءلة القضائية او البرلمانية حال ثبوت مسؤولية وزارة الزراعية عن القضية، وقال في حواره مع (الأهرام اليوم) أنا على يقين بان قضية التقاوي سوف تنتهي لانها ازمة فنية وليست سياسية، منوها الى ان اللجنة الفنية قررت مواصلة نفس التقاوي ومضاعفة الجرعة، استنادا الى جولة ميدانية ورأي الخبراء، ونأى المتعافي عن مسؤولية التقاوي الفاسدة وقال ان تقدير البذور واستعمال الكميات قضية فنية وليست من اختصاصي،لكنه عاد واكد انه في حال ثبت ان وزارة الزراعة مخطئة فيجب ان تحاسب و تتحمل المسؤولية، وأردف يقول: " لن أقول من المخطئ او من المسؤول لانني طرف في القضية"، لافتا الى ان زراعة القمح من عدمها قرار اقتصادي وليس سياسي.
ما الذي حدث تحديدا في قضية التقاوي التركية؟
السودان أصلا يعيش حالة عجز في انتاج التقاوي ولذا نستورد سنويا من تركيا. وما حدث انه في العام الماضي ونظرا لمشاكل الاعتمادات الناتجة عن احداث احتلال ابوكرشولا وقبلها هجليج وغيرها، تأخر وصول تقاوى القمح (إمام)، وبدلا من ان تصل التقاوى في شهر سبتمبر او اكتوبر وصلت مشروع الجزيرة في منتصف شهر نوفمبر.
بداية هذا خطأ كبير، إذ كيف يتأخر وصول التقاوي لشهرين؟
تأخرت بسبب الاعتمادات وهي لا تلي وزارة الزاعة وهي مهمة بنك السودان ووزارة المالية والبنك الزراعي، لذا وصلت التقاوي متأخرة. ولا يفترض ان تكون عندنا تقاوي "بايتة" ويجب ان يكون استيرادها سنويا, لكن مع ذلك تم تخزينها في عدد من المواقع ولم تستعمل في نفس الموسم، وفجأة ظهر في الاعلام كلام عن تأثر التقاوي بالتخزين السيئ.
كم هي القمية المالية لتكلفة استيراد تقاوي "إمام" التركية؟
كمية التقاوي تسع الف طن وبالتالي قيمة استيرادها هي اربعة مليون يورو، وهي استوردها البنك الزراعي، واصلا تطلبها ادراة توطين القمح، التي تتبع لوزارة الزراعة، وهي ادارة مستقلة، تخاطب البنك المركزي الذي يخاطب بدوره البنك الزراعي، وبعدها يتم تكوين فريق من كل الاطراف ليحضر فحص التقاوي ويجلب الشهادات، وهذا الفريق فيه ممثلو البنك الزراعي والمالية والزراعية والامن الاقتصادي ومشروع القمح، للتأكد من جودة التقاوي.
هل تكتفون بهذه الاجراءات التي تتم في بلد التقاوي؟
عندما تصل التقاوي يتم عمل اجراء جديد للتأكد من جودة التقاوي مرة اخرى، كاجراء فني من قبل ادارة التقاوي، وايضا من قبل الحجر الزراعي للتأكد من عدم وجود آفات حجرية، وهي افة ليست موجودة في السودان، واذا ثبت وجود آفة حجرية يتم ارجاع التقاوي الى تركيا فورا، واذا ثبت وجود آفة غير حجرية يتم معالجة التقاوي. الشاهد انه بعد ان تم فحص التقاوي عبر ادارة التقاوي والحجر الزراعي (طلعت كويسة ومشت) للزراعة لكن لم تزرع وتم تخزينها لانها جاءت متأخرة.
قلت ان استيراد التقاوي جاء عبر البنك الزراعي بطلب من ادارة التقاوى لكن هناك حديث عن وجود شركة ضحمة قامت بالعملية؟
لا توجد شركة الا في خيال الصحافي عثمان ميرغني الخصب، لان وزارة الزراعة تستورد من شركة تركية تابعة للحكومة التركية، وهي مشهورة جدا، وهي الذراع الاستثماري لوزارة الزراعة التركية، وتنتج تقاوي مع القطاع الخاص وتبيع لكل الدنيا وارباحها السنة الماضية حسبما اخبرني وزير الزراعية التركي بلغت 150 مليون دولار.
لكن لماذا تقومون بشراء التقاوي من تركيا تحديدا وهناك خيارات أخرى كثيرة؟
السبب الذي جعلنا نشتري التقاوي من تركيا هو انهم اهدوا لنا تقاوي في المرحلة الاولى كمساعدة للسودان، وكانت روحهم تجاهنا (كويسة)، وبعد ذلك اصبحنا نشتري منهم، واؤكد انه لا توجد شركات خاصة في عملية شراء التقاوي التركية، ولكن مع ذلك لا غضاضة في ان نتعامل مع القطاع الخاص، لان هناك تقاوي كثيرة تمت زراعتها هذا العام استوردها القطاع الخاص مثل "الفا تو" وهي احسن تقاوي في الجزيرة، ومثل "القوارا" و"الهاي صن" وكلها اتى بها القطاع الخاص.
لكن لماذا ظهر القطاع الخاص في قضية تقاوي "إمام" التركية تحديدا؟
التقاوي لا تأتي إلا بإذن من ادارة التقاوي، والتقاوي (عايزة قروش) وتقاوي القمح تعودنا ان نأتي بها من الحكومة التركية، وباقي التقاوي كلها قطاع خاص.
لماذا استيراد التقاوي هل انتم عاجزون عن انتاج تقاوي في السودان؟
نحن نتوقع ان تكون هذه آخر سنة نستورد فيها تقاوي، لان هذا العام توفرت لنا فيه مطلوبات انتاج التقاوي هنا لاول مرة، وغالبا ننتج اكثر من الكمية التي نستوردها. المهم ان التقاوي لم تستعمل وتم تخزينها ورشحت في الاعلام معلومات عن اصابة التقاوي بآفات التخزين، ولما حدث هذا عملنا خطوتين مع ان البنك الزراعي لم يطلب منا ان نتدخل، ولكن خوفا على النتائج، وانا شخصيا خاطبت المدير العام للبنك الزراعي ونبهته وقلت له ان ما يدور في الصحف لن يكون حديثا والسلام، ولابد من اجراء اختبار فني. وبعدها وكيل الوزارة كون لجنة ذهبت وتأكدت من ان التقاوي فيها اصابة، وعمل لجنة فنية للمعالجة لان اصابة التقاوي لا تعني تلفها، ويمكن ان تُعالج.
لماذا قمتم بتكوين لجنة للتحقيق مع ان التقاوي ليست مسؤوليتكم وهي مسؤولية جهات أخرى؟
نحن لم نكوّن لجنة مستقلة او منفصلة او خاصة بالوزارة، بل كونا لجنة لكي تساعد البنك الزراعي لانه يفتقر الى المطلوبات التقانية في فحص التقاوي، ولا يملك ادارة وقاية وادارة تبخير، واذا اراد تبخير التقاوي فانه يرجع للوزارة، نحن مسؤولون من الاختبارات، لاننا نملك ادارة وقاية وغيرها. لكن لان هذا امر قوي تدخلنا، ولان كثيرين قالوا ان وزارة الزراعة هي المسؤولة وانها تملك شركة خاصة، ونحن قمنا بلفت نظر البنك الزراعي، ووكيل الوزارة ارسل مسؤول العمل الفني في الوزارة لتتأكد من ان المعالجة تمت.
يعني أن هناك لجنة فحصت التقاوي وأكدت صلاحيتها قبل التخزين؟
نعم.. وحدث هذا في شهر يوليو، وأعيد فحصها في شهر سبتمبر بواسطة ادارة التقاوي، وخلصت اللجنة الى ان نسبة الانبات تصل الى 85% وهذا يعني انه لا توجد مشكلة لان نسبة 80% تكفي، لذا اجازت اللجنة كل الكميات التي تجاوزت ال(85%) وما دون ذلك اوصت اللجنة باستبعاده وهي نسبة قليلة، وبعد هذا انتهت مهمتنا.
لكن أليس من الممكن أن يكون قد تم استعمال الكمية التي استبعدت بعد إعادة الفحص الأمر الذي أدى لعدم الإنبات في بعض الأقسام الزراعية؟
لا.. لم يتم استعمالها، لان حصرها تم برقم الجوال، وهذا ينفي احتمالية توزيعها للمزارعين.
طيب لماذا فشل الإنبات طالما أن التقاوي أحرزت نسبة 85% في اختبار إدارة التقاوي للمرة الثانية؟
هناك نوعان من الفحص والاختبار، واحد اسمه اختبار الانبات واختبار آخر لا يتم اجراؤه الا بعد النمو والانبات الضعيف او الهزيل، وهو لاختبار قوة الانبات، وفي العادة يتم اجراءه بعد الانبات، وحينما زرع المزارعون جاءوا واحتجوا مع ان كل الكمية التي تمت زراعتها في الجزيرة هي 4500 فدان من اصل 300 الف فدان، وهناك نحو 18 الف فدان تمت زاراعتها ولم تروى بالمياه.
تقصد أن هناك مساحة تمت زراعتها ولم تتم فيها عملية الري؟
نعم.. واول ما حدثت المشكلة تم ايقاف الزراعة وتم ايقاف عملية الري الى حين معرفة السبب في عدم الانبات او الانبات المتأخر، ومعرفة من المسؤول. وفي (اللحظة دي اتصلنا بناس مشروع الجزيرة وبعض الصحفيين وقالوا في مشكلة كدا كدا،) ونحن لم نتحدث لانه ليس من العدل ان نصدر حكما ونحن طرفا في المشكلة، وانه لابد من وجود لجنة فنية اخرى من رئيس مجلس التقاوي بمعية ممثل البنك الزراعي.
عفوا.. لكن هذه اللجنة أو مكوناتها هي التي أصدرت القرار بصلاحية التقاوي للزراعة؟
لا.. لأن صلاحية التقاوى قبل شهرين لا يمنع فسادها بعد شهرين، ولا يوجد عيب في الاختبار الاول، اما الاختبار الثاني فهو لفحص قوة الانبات، وحتى الآن لم تقل اللجنة ان التقاوي فاسدة، بل قالت يجب استعمال التقاوي ولم تقل يجب ان تُباد. وعندما ذهبت اللجنة الى الجزيرة وجدت البحوث الزراعية في الصورة وكلهم مقتنعين ان المشكلة بسبب التخزين. وتساءل الناس حول ماذا يجب فعله لان هناك ارض مزروعة ومروية وارض مزروعة وغير مروية وارض ليست مزروعة، فعملوا طواف ميداني على الحقل وقرروا ان تتم مضاعفة كمية التقاوي بنسة 100% لان المشكلة في الانبات، وانها لا تنبت مثل التقاوي الممتازة، وقالوا لابد من مضاعفة جرعة التقاوي في الزراعة. وهذا يعني ان القضية الفنية قد انتهت.
كيف تقول أن القضية قد انتهت وهناك لجنة برلمانية طافت على الحقول وينتظر أن تخرج بتقرير عن القضية؟
هذه لجنة رقابة يُسأل منها البرلمان، وهي ذهبت الى الحقل واخرجت تقريرها ولم نتصل بها لانها لجنة تتبع الى جسم رقابي. (وقابلت ناس )البحوث الزراعية وخبراء وزارة الزراعة وادارة المشروع والمزارعين واتحاد المزارعين. ويفترض ان يكون التقرير ذهب الى البرمان.
لماذا صمت المتعافي كل هذه المدة طالما أنه يعرف حقيقة قضية التقاوي التركية؟
انا من الاول اعلم ان هناك مشكلة في التخزين لكن ليس لديّ الحق في ان اتحدث او ان اقول من المخطئ او من المسؤول، لأني طرف في القضية، وقلت اذا ثبت ان وزارة الزراعة مخطئة فيجب ان تحاسب و تتحمل المسؤولية.
هل يمكن أن تستقيل إذا ثبت ضلوعك في الخطأ؟
نعم يمكن ان استقيل، ولماذا لا استقيل، وهذه ليست المشكلة لان المشكلة هي ان هذه الوزارة حساسة واذا حدث فيها ايما خلل فانه يؤثر تاثيرا كبيرا، واذا حدث خلل في الفحص فهذا يعني انك فقدت مصداقيتك، وهذا يعني تقصيرك ويجب ان تستقيل.
قلت أن الوزارة طرف في القضية فما الذي يليك في هذه الأزمة تحديدا؟
لا يليني اي شيء، (لانو ناسي فحصوا وعملوا كل حاجة مطلوبة).
عفوا.. إدارة التقاوي هي التي قررت صلاحية التقاوي للمرة الأولى والثانية وأيضا المرة الثالثة، ألا يعني هذا أن هناك مداراة للحقيقة، إذ لا يعقل أن يكون الإنبات ضعيف جدا على أرض الواقع ومع ذلك تصر ادارة التقاوي على استخدام ذات التقاوي؟
تقدير البذور واستعمال الكميات ليس من اختصاصي، لانها ليست مسؤولية سياسية وهي فنية تقوم بها جهات مثل ادارة التقاوي والابحاث الزراعية، وهي لا تعني ادارة المشروع، (وانا ما من شغلتي) تحديد استعمالات كمية الجرعات او الكميات، لانها قضايا فنية، وهي بين الفنيين في التقاوي والبحوث الزراعية، وهم كانوا موجودين وهم الذين قرروا ونحن ننفذ حديثهم.
ألا تشعر بأن القضية تحوّلت من قضية فنية إلى قضية سياسية؟
هي فعلا تحولت الى قضية سياسية.. وتفسيري لذلك ان الزراعة شأن عام يهتم به كثيرون وهناك من له اهداف مختلفة، وهذه( بجيب مفاهيم مناسبة كويسة للنقاش).
لكن هذه ليست القضية الأولى التي طرفها المتعافي؟
القضية الاولى حكم فيها القضاء وقرر شطب الدعوى، ومع ذلك لم تقل الصحافة اننا ابرياء. واقول لكم بصراحة ان القضية الاولى سياسية والثانية سياسية.
تتحدث بغبن ومرارة فهل تشعر بوجود مؤامرة ضدك يقوم بها آخرون؟
انا لا اسميها تآمر او مؤامرة.. سمها منافسة سياسية او غيرة مهنية او اي اسم غير مؤامرة، ولا اعتقد انها مؤامرة مع ان هناك من كتبوا مثل رئيس اتحاد المزراعين وحملّوا وزارة الزراعة المسؤولية ولم يطالبوا بعمل تحقيق.
تعني أن هجوم اتحاد المزارعين غير مبرر، فان كان كذلك فهل كنت تتوقع منهم موقف آخر؟
اسألوا اتحاد المزارعين.. لكن هذا جزء من الجو العام، ويمكن ان تسميه سياسة او غيرها.
لماذا تباطأت وزارة الزراعية - وهي الجهة المسؤولة سياسيا ان لم يكن فنيا عن القضية - في انقاذ ما يمكن انقاذه؟
تمت عملية الانقاذ من خلال توصية اللجنة الفنية التي قررت مواصلة نفس التقاوي ومضاعفة جرعة التقاوي.. والآن يجري تنفيذ التوصية.
لكن الا ترى ان الوقت قد تأخر، خاصة ان هناك من يقول ان محصول القمح خرج من الموسم الزراعي فعليا في مشروع الجزيرة؟
كل كمية التقاوي التركية كان يُفترض ان تزرع 80 الف فدان في الجزيرة، لكن التخزين حال دون ذلك، مع ان كل المشاريع الاخرى قامت بالتخزين الجيد، وزرعت بتقاوي (نبتة) و(امام) ولم يحدث عدم انبات.
هناك من يتحدث عن فشل موسم زراعة القمح في الجزيرة؟
صحيح انه يقترض ان تتم زراعة 550 الف فدان، لكن صحيح ايضا ان الموسم الزراعي لم ينته، ولن نستطيع الحديث عن المساحة الكلية المزروعة قبل 15 ديسمبر.
أليس هناك توقعات؟
انا لا استطيع ان احدد المساحة التي يمكن زراعتها، لان الجزيرة من المشروعات التي يصعب التكهن بما يحدث فيها، وعموما نحن نستهدف 300 الف فدان والعام المضى تمت زراعة 179 الف فدان مع انهم قالوا سوف نزرع 300 الف فدان، وهذا العام نتوقع مع تحسن السياسة وزيادة سعر القمح وحفز المزاعين ووجود مياه متوفرة وتحسن عمليات الري وخلو الصيف من المشكلات.. نتوفع زراعة ما بين 250 الى 300 الف فدان، وبالنقاش مع المزراعين ومع الاتحادات ومع مجلس الادارة فان المزراعين مقبلين على زراعة القمح، لان سعر جوال القمح 350 جنيها، وهذا اعلى من السعر العالمي بمائة دولار. والعالمي يتراوح ما بين 240 الى 350 دولار.
لماذا تراهن الحكومة على استيراد القمح هل هذا لان المحلي لا يمكن ان يستخدم في صناعة الخبز؟
القمح المحلي يمكن ان يستخدم في صناعة الخبز وليس هناك مشكلة، ويمكن ان يُطحن في اي مطحن، لان الطواحين لا تفرق بين القمح السوداني وغيره.
لماذا تراهن الحكومة على الاستيراد؟
هذه قضية تجارية وليست زراعية، ونحن ليس لدينا كمية كثيرة من القمح وواحدة من مشكلاتنا عدم ثبات الانتاجية، ولما حدث صعود في سعر القمح عالميا واصبح المحلي ارخص جاءوا الى المحلي، وكل المطاحن جاءت تفتش للقمح واكتشفت ان واحدة من المطاحن سبقت الجميع.
القمح المحلي هل هو اقرب الى الاسترالي ام الاوربي؟
نحن اقرب الى الاسترالي وهو الاجود، وهو الذي نستورده، ولا مشكلة في نوعية القمح وانما في كميته وفي تعدد الاصناف احيانا.
طالما ان القمح المحلي اغلى لماذا تصر وزارة الزراعة على ان تزرعه، اما كان من الاولى ان تزرع محاصيل اخرى تدر نقدا اجنبيا من خلال تصديرها؟
انا اشجع المزارع لانني اشتري منه بالسعر المحلي والعملة المحلية وليس بالنقد الاجنبي، ولان الحكومة تدعم المستورد بالنقد الاجنبي. وعموما القضية مرتبطة بالطقس، وفي الشتاء افضل محصول يزرع في مساحة واسعة هو القمح، وهو المحصول الوحيد الذي يستوعبه السوق بكميات كبيرة، وعوامل حاجة البلاد لتوفير عملات حرة، الاضافة الى المناخ والمساحة.
هذا يعني ان قرار زارعة القمح من عدمه قرار سياسي وليس اقتصادي او مهني؟
هذا غير صحيح لان القرار اقتصادي، صحيح قد يكون هناك جانب تشجيعي لان القمح فقد قدرته على المنافسة كمحصول في الزراعة السودانية، لان هناك محاصيل تدر عائد على المزارع افضل من القمح. ونحن لم نفرض على احد زراعة القنح عنوة، ولكن من خلال التشجيع والتمويل. والطبييعي ان نركز شمالا في زراعة القمح، لانها الشمالية تنتج افضل من الجزيرة في القمح، والفدان في الشمالية يمكن ان يكون بفارق 30 الى 50 % عن الجزيرة، ويمكن ان تنتج 30 الى 40 شوال واقصى انتاجية في الجزيرة وصلت الى 25 جوالا.
قلت ان السودان في أولى زراعة.. ألا ترى أنك لم تكن موفقا خاصة أنك تقول هذا بعد 24 سنة من الحكم؟
ليس بعد 24 سنة، بل بعد مائة سنة، ونحن منذ ان بدأنا الزراعة الآلية في القضارف وبدأنا القطن في 1919م نستعمل نفس الوصفة الزراعية الى ما قبل عام واحد، وهذا هو الواقع، لان الوصفة الزراعية المستعملة في الحقول السودانية ظلت ثابتة منذ بداية مشروع الجزيرة، وحدث تطور ضئيل جدا، وهذه هي سنة اولى زراعة، والعالم كل يوم يتطور وينتج تقانات جديدة ووصفات زراعية زراعية، ولما عملنا هذا كان الفرق كبير جدا، ونفس القمح في الجزيرة الذي كان متوسطته عشرة جولات انتج 25 جوالا بعد ان احضرنا شركات القطاع الخاص الاجنبية وعملت وصفات جديدة. وفي القطن اتينا بتقانة جديدة مع وصفة جديدة انتجنا عشرين قطنارا بدل اربعة.
النائب الأول قال في لقاء مع قناة الجزيرة أن الاكتفاء الذاتي سيكون بعد 10 سنوات؟
لو شدينا حيلنا وعملنا سياسية مالية ووفرنا التمويل المطلوب يمكن ان نكتفي ذاتيا في ثلاث سنوات.
هل سنكتفي في هذه المدة ذاتيا عن كل المحاصيل والمحاصيل الغذائية؟
نحن من كبار مصدري الغذاء، والآن حجم الغذاء المصدر اكبر من حجم الغذاء المستورد. وهذا يعني الاكتفاء الذاتي، لكن الازمة تكمن في اننا يمكن ان نصدر اضعاف ما نصدره، لاننا نصدر الآن حوالي 2 مليار دولار ونستورد حوالي مليار واربعامئة مليون دولار، مع انه يمكن ان نصدر حوالي 20 مليار دولار، والميزان الغذائي التجاري في صالحنا، ومع هذه الظروف الطبيعية في السودان والامكانات يبقى من العيب ان نظل في ما نحن فيه. خاصة انه لا توجد مشكلة ري بعد تعلية خزان الرصيرص، وكل المشكلة في انه يجب ان نزيد مساحة الرقة المزروعة ونشجع المزارعين وان ندخل تقانات جديدة ووصفات زراعية جديدة، وهي تحتاج الى تمويل واسع للقمح، واذا حدث هذا فاننا يمكن ان تكتفي ذاتيا في ثلاث سنوات.
هل هناك دراسات فعليا لهذا، وكم من المال يحتاج المتعافي لكي يجعل السودان يكتفي من القمح في ثلاث سنوات؟
اذا انت بتستورد قمح ب(800) مليون فاذا انفقت ربعها في البني التحتية عشان تزيد وتنتج ربعها فتلك خطوة ممتازة، واذا انتجت ثلاثة ارباع ففي السنة الرابعة ستصل الى الاكتفاء الذاتي، بمعنى انه اذا انفقت 200 مليون من اصل 800 مليون دولار سنويا ففي اربع سنوات ستكتفي ذاتيا.
اذا تم اعطاؤك مبلغ 800 مليون دولار فهل ستنجز ما وعدت به؟
لا اظن انه يكمن منح المبلغ الذي ذكرته في سنة واحدة لانها صعبة، لكن اذا اعطوني لها في اربع سنوات او خمس سنوات فساكتفي ذاتيا. لان تجهيز الفدان بالري للقمح يكلف 1000 دولار واذا عايز تضيف 500 الف فدان اضافية جديدة فستكلف 500 مليون دولار وهي يمكن ان تُعطي مليون طن قمح، واذا عملت مليار دولار فيمكن ان تعطيك 2 مليون طن قمح.
الخبراء قالوا كلمتهم بمضاعفة كمية التقاوي لكن القضية حاضرة كقضية سياسية ويمكن ان تصل الى القضاء؟
انا على يقين بانها سوف تنتهي.
هل تتوقع ان تنتهي بذات الطرق والمسارات القديمة اي من خلال القضاء والمحاكم؟
محاكم شنو؟
ممكن ان يقول تقرير البرلمان بان وزارة الزراعة قد اخطأت او انها قصرت ويمكن ان يقول البنك الزراعي؟
انا بالنسبة لي قد انتهيت، ولست مهموما برأي الجهات الاخرى، لاني اعتبرها قد انتهت وليست لها قيمة، والمهم بالنسبة لي ان يلحق المزارعين بالموسم الزراعي، وان تاتي وصفة علمية توصي بما يدعم نجاح الموسم الزراعي.
لكن هناك جولة طويلة تنتظرك في البرلمان وربما يبرز اتجاه للتقاضي فهل انت جاهز؟
انا جاهز على طول وفي كل الاوقات.
تبدو كمن استفاد من تمارين كثيرة سابقة او كمن يملك لياقة عالية؟
اذا انت عندك تدريب كويس واستفدت من التمارين فهذا امر ايجابي.
قلت من قبل إن السودان في سنة أولى زراعة.. ألا ترى إنك لم تكن موفقاً؛ خاصة وانك تقول هذا بعد 24 سنة من الحكم؟
ليس بعد 24 سنة من الحكم؛ بل بعد مائة سنة زراعية؛ ونحن منذ أن بدأنا الزراعة الآلية في القضارف؛ ومنذ أن بدأنا زراعة القطن في 1919م نستعمل نفس الوصفة الزراعية الى ما قبل عام واحد؛ وهذا هو الواقع، لأن الوصفة الزراعية المستخدمة في الحقول السودانية ظلت ثابتة منذ بداية مشروع الجزيرة؛ وحدث تطور ضئيل جداً؛ وهذه هي سنة أولى زراعة؛ والعالم كل يوم يتطور وينتج تقانات جديدة ووصفات زراعية زراعية؛ ولما عملنا هذا كان الفرق كبير جداً؛ ونفس القمح في الجزيرة الذي كان متوسط انتاجه عشرة جوالات أنتج 25 جوالاً بعد أن أحضرنا شركات القطاع الخاص الأجنبية وعملت وصفات جديدة. وفي القطن عندما أتينا بتقانة جديدة مع وصفة جديدة انتجنا عشرين قطنار بدل أربعة قناطير.
النائب الأول قال في لقاء مع قناة الجزيرة إن الاكتفاء الذاتي سيكون بعد 10 سنوات؟
لو شدينا حيلنا وعملنا سياسة مالية ووفرنا التمويل المطلوب يمكن أن نكتفي ذاتياً في ثلاث سنوات.
هل سنكتفي في هذه المدة ذاتياً عن كل المحاصيل والمحاصيل الغذائية؟
نحن من كبار مصدري الغذاء؛ والآن حجم الغذاء المصدر أكبر من حجم الغذاء المستورد؛ وهذا يعني الاكتفاء الذاتي؛ لكن الأزمة تكمن في اننا يمكن أن نصدر أضعاف ما نصدره؛ لأننا نصدر الآن حواليِّ 2 مليار دولار؛ ونستورد حوالي مليار وأربعمائة مليون دولار؛ مع إنه يمكن أن نصدر حوالي 20 مليار دولار؛ والميزان الغذائي التجاري في صالحنا؛ ومع هذه الظروف الطبيعية في السودان والامكانات يبقى من العيب أن نظل في ما نحن فيه. خاصة إنه لا توجد مشكلة ري بعد تعلية خزان الرصيرص؛ وكل المشكلة في إنه يجب أن نزيد مساحة الرقعة المزروعة ونشجع المزارعين وأن ندخل تقانات جديدة ووصفات زراعية جديدة؛ وهي تحتاج الى تمويل واسع للقمح؛ واذا حدث هذا فاننا يمكن أن تكتفي ذاتياً في ثلاث سنوات.
هل هنالك دراسات فعلية لهذا؛ وكم من المال يحتاج المتعافي لكي يجعل السودان يكتفي من القمح في ثلاث سنوات؟
اذا إنت بتستورد قمح ب(800) مليون فاذا أنفقت ربعها في البنى التحتية عشان تزيد وتنتج ربعها فتلك خطوة ممتازة؛ واذا انتجت ثلاثة أرباع ففي السنة الرابعة ستصل الى الاكتفاء الذاتي؛ بمعنى إنه اذا أنفقت 200 مليون من أصل 800 مليون دولار سنوياً ففي أربع سنوات ستكتفي ذاتياً.
اذا تم اعطاؤك مبلغ 800 مليون دولار فهل ستنجز ما وعدت به؟
لا أظن إنه يمكن منح المبلغ الذي ذكرته في سنة واحدة لأنها صعبة؛ لكن اذا أعطوني لها في أربع سنوات أو خمس سنوات فساكتفي ذاتياً؛ لأن تجهيز الفدان بالري للقمح يكلف 1000 دولار؛ واذا عايز تضيف 500 ألف فدان اضافية جديدة فستكلف 500 مليون دولار وهي يمكن أن تُعطي مليون طن قمح؛ واذا عملت مليار دولار فيمكن أن تعطيك 2 مليون طن قمح.
مسيرتك في وزارة الزراعة شهدت أزمات كثيرة؛ بعضها غير مبرر؛ مثل اصرارك على ان ترأس مجلس إدارة مشروع الجزيرة؟
أنا قلت بوضوح العبارة إنه لا يمكن أن تطالب شخص برفع الآداء في مشروع الجزيرة وهو غير مسؤول عنه؛ ولا يمكن أن تحاسب الوزير عن آداء رئيس مجلس إدارة المشروع؛ لهذا طالبت بأن اتولى المنصب؛ طالما انني من ستتم محاسبته؛ وطلبي ليس بدعة لأن هنالك عدد من وزراء الزراعة تولوا منصب مدير مشروع الجزيرة؛ وكل ما في الأمر أنني شعرت بأن المشروع يحتاج الى جهد والى تدخل كثيف.
لماذا لم تطالب برئاسة مشروع الرهد أو حلفا أو السوكي مثلاً ولماذا مشروع الجزيرة بالتحديد؟
مشاريع الرهد، وحلفا، والسوكي؛ كلها تساوي ثلث مشروع الجزيرة؛ وهو مهم، وكبير؛ وعنده ثقل في الاقتصاد؛ ثم إنني مسؤول عنه بنص الدستور مع أنني لا ارأس إدارته فعلياً؛ ومع ذلك تحاسبني به فكيف لا أطالب بأن أكون مديره.. أنا أصلاً اخترت المرحوم عبد الوهاب محمد عثمان للمنصب وهو من أبناء الجزيرة لكنه اعتذر؛ وعندما اعتذر وكان الوقت ضيقاً والموسم على الأبواب قدرت إنه بدل البحث عن خيار غير مجرب أفضل لي أن اتحمل المسؤولية؛ وأنا أرى انها تضحية وليس استئثار لأن هنالك مشاكل كبيرة.
لماذا لا تترك الحكومة أمر إدارة المشاريع للولايات؛ بمعنى هل الولايات يمكن أن تدير المشاريع القومية؟
الولايات النيلية الأربعة التي بها مشروعات متفاوتة الحجم وتحديداً أقل من الكبيرة لا تستطيع إدارة الشان الزراعي الا بمعاونة المركز؛ وهي اتفقت معنا لاقامة هيئات جديدة للمشروعات النيلية الصغيرة دون مشروع الجزيرة؛ مثل مشاريع النيل الأبيض والأزرق والشمالية ونهر النيل. وعموماً لا توجد للولايات القدرة على إدارة النشاط الزراعي بكفاءة عالية نسبة لضآلة موارد الولايات.
نحن على مشارف تشكيل وزاري جديد؛ وأنت من أقدم اللاعبين في ملعب الانقاذ؛ فاذا طلب منك عمل جرد لمسيرتك؛ فماذا تقول؟
أنا لا أود الحديث عن انجازات شخصية؛ لكني اعتقد أن التجربة الطويلة جداً منذ يوليو 1991م حتى الآن اتاحت لي فرصة كبيرة جداً لتقديم خدمة للشعب السوداني الذي علمني وأنفق عليِّ؛ وإن أرد له بعض الجميل؛ من خلال عملي محافظاً في سنار؛ ووالياً في جنوب دارفور؛ والنيل الأبيض؛ ثم وزيراً للصناعة لفترة قصيرة؛ وأيضاً والياً للخرطوم. وافتكر إنه اتيحت لي فرصة كبيرة في ولاية الخرطوم واستلمت ميزانية مائة مليون دولار وسلمتها مليار دولار في ثماني سنوات؛ صحيح انها كانت أيام سهلة والاقتصاد ينمو بسرعة؛ ولكن أن توظف النمو السريع للاقتصاد وتحوِّله لبنيات تحتية بحيث تستقر الخرطوم لسنوات؛ كان في حد ذاته تحدياً.
تبدو مفاخراً بفترتك في ولاية الخرطوم؟
أنا سعيد بعملي في كل المواقع.. وفي وزارة الزراعة ركزنا على قضية أساسية وهي قضية الانتاجية؛ وهي مكمن فشل الزراعة لمدة مائة عام؛ وتوصلنا الى اختراقات حقيقية في الانتاجية؛ فمثلاً القطن كاد أن يخرج والآن سيعود بقوة؛ ومعدل الانتجاية ارتفع من 4 الى 5 قنطار لأول مرة منذ تسعين عام؛ وهذا أول عام يتجاوز الانتاج 7 قنطار وقد يصل الى 10 قناطير؛ وهذا نتاج عمل متواصل لمدة أربع سنوات من التجريب وتدوين الملاحظات والنتائج لتجويد الآداء.
لكن النجاح النسبي في رفع انتاجية القطن لا يعني أن باقي المحاصيل شهدت تقدماً في الانتاجية؟
نعم؛ غالبية المحاصيل تعيش حالة تقدم في الانتاج؛ ومثلاً الأرز حدث فيه اختراق في السودان وأوصلناه مرحلة التصنيع؛ والكيلو الآن يباع بدولار ونصف بينما كيلو القمح ب(30) سنت؛ بما يساوي خمسة كيلو قمح وهو يزرع في الخريف وفي النيل الأبيض ونهر النيل والشمالية، وأول مزرعة واول شركة لانتاج الأرز نزل منتوجها الى السوق؛ والانتاجية بلغت الآن أكثر من 2 طن في الفدان بعد سنتين من التجريب؛ صحيح إن كمية هذا العام بسيطة لكن العام القادم نتوقع التوسع في زيادة المساحة. ونحن لأول مرة نتفق مع المزارعين بعد التجارب لادخال الأسمدة والأسمدة المركبة في الزراعة المطرية لزيادة الانتاج الراسي؛ ولأول مرة نُدخل محصول السمسم في القطاع المروي من خلال 400 ألف فدان الى خمسين ألف فدان؛ وستتغير التركيبة المحصولية الاقتصادية لمشروع الجزيرة في أربع سنوات؛ وكل ذلك لزيادة الدخل؛ والآن وزارة الزراعة تتحدث بعقلية جديدة، وهي التحول للمحاصيل التي تزيد دخل المزارعين والدخل القومي؛ وعندما قلنا إنه ليس هنالك محصول مقدس بما في ذلك القطن؛ كنا نقصد زيادة دخل المزارعين وزيادة الدخل القومي.
لكن هذه الخطة تحتاج الى جرأة سياسية والى تمويل؟
نحن عندما نتحول الى مشروع نتحوله الى انتاج محصول عالي القيمة وعالي الربحية وسهل التصدير؛ فمثلاً رغم قلة الأمطار الا أن الذرة الشامية انتجت 16 جوالاً بينما الذرة العادية انتجت 3 جوالات والذرة الشامية تزيد بنسبة 15% في السعر عن الذرة.
هل تجد وزارة الزراعة تمويلاً اضافياً لانفاذ هذه البرامج والخطط، وكم تطلبون من الأموال من وزارة المالية؟
نحن طلبنا 200 مليون دولار في العام؛ وأيضاً 600 مليون دولار في العام الثاني للمدخلات وهي يمكن أن تأتي بالتمويل؛ وطلبنا 200 مليون دولار في العام الأول لأنشطة وزارة الزراعة مثل زيادة المساحات المروية وصيانة البنيات التحتية وتقوية الارشاد والادارات؛ وأيضاً طلبنا في العام الأول مدخلات تصل الى 500 مليون دولار تزيد كل عام وكذلك تزيد معها الصادرات كل سنة، واذا طبقنا الخطة هذه سنصل الى خمسة مليار دولار في ثلاث سنوات.
المزارعون يشتكون من احتكار شركات محددة للسماد؟!
لا يوجد احتكار للأسمدة؛ لكن الشركات التي تعمل في هذا المجال محدودة؛ ونحن ساعون الى كسر هذه الحكاية؛ وهي واحدة من الأشياء التي تجلب لنا المشاكل.
اذا حدث أن غادرت منصب الوزير بدواعي التغيير والتجديد وليس بدواعي النجاح والفشل؛ فمن الأجدر باتمام المسيرة التي بدأتها؟
حواء والدة.. (يضحك) ويقول: اذا غادرت المنصب سوف أقوم بعمل تسليم وتسلم؛ وأيضاً سأشرح للقادم الجديد؛ وكل البرامج التي تساعده على المحافظة على أمر الزراعة. لكن أهم من كوني باقٍ في الكرسي أو مغادر هو أن هنالك من عملوا معي هذا العمل؛ وهو لم يكن خاصاً بالمتعافي وحده؛ وهنالك تجربة لها أربع سنوات اشترك فيها عدد مقدر من الفنيين.
هذه التجارب التي استمرت أربع سنوات أليس من الممكن أن يهزمها غياب المتعافي؟
ممكن وما ممكن.. يمكن أن تذهب الخطة ويمكن أن تتوقف بحسب التجربة في السودان.
طالما انك غير مطمئن على استمرار خطة تطوير الزراعة التي أمضيت فيها أربع سنوات؛ فلماذا لا تخاطب القيادة السياسية بالتمديد لك؟
أنا لن أطالب بالتجديد ولا بالبقاء ولا يهمني التجديد ولا البقاء.. واذا كلفت لن اعتذر لكن لن أطالب بالتمديد.
لكن النقلة الزراعية التي تتحدث عنها ألا تحتاج لاستمرارك في منصب وزير الزراعة؟
اذا وجد الذين أشرفوا على هذه الحكاية نفس الدعم فسيتقدمون.
رهنت التطور بالتمويل؛ وهنالك من يحدث عن أن مشكلة الزراعة هي مشكلة تمويل؛ ويقول إنه اذا كلف المتعافي بوزارة المالية يمكن أن يعالج مشكلة المالية والزراعة؟
وزارة الزراعة لا ترتبط ببقاء أو ذهاب انسان؛ لكن أيما شخص لم يتوافر له التمويل اللازم للتجويد والتطوير فلن يصلح حال الزراعة وبالتالي لن ينصلح حال الاقتصاد.
اذا غادرت منصب وزير الزراعة فما هي وجهتك المقبلة؟
اذا مشيت الشارع فليس لديِّ مشكلة في ذلك.. لكن لن استطيع العودة لممارسة الطب؛ لكن ماذا أعمل أو من أين أكسب قوت عيالي؟، فلديِّ عشرات الأفكار في رأسي؛ منها التصنيع الغذائي، والتعليم، والاستثمار في التعليم وتطويره؛ أنا أتيحت لي تجارب كثيرة.
تقصد انك تتمنى أن تجد فرصة لانزال هذه التجارب الى أرض الواقع؟
اذا ربنا سبحانه وتعالى يسَّر لي أن أصبح مواطناً عادياً مثل أي زول فليس لديِّ مشكلة؛ ويمكنني أن اشتغل في الخدمات والزراعة.. ولم يحدث أن فكرت في ما يمكن أن يحدث لي ولست مشغولاً بهذه الحكاية؛ وحتى عندما تخرجت من كلية الطب لم امتهن الطب؛ وما مشغول بي بقصة الرزق.
بعد عشرين عام من العمل العام ألا ترى أن هذه لحظة مناسبة لانهاء تواجدك في الجهاز التنفيذي؟
نحن من أبناء السودان المحظوظين الذين جاءوا من أسر عادية وأتيحت لهم فرصة تعليم جيد في جامعة الخرطوم وبالمجان؛ واذا وجدت فرصة لخدمة الشعب السوداني فلست مشغولاً بأولادي لأن ربي كفاني رزقهم؛ واذا لم أجد الفرصة فلن أندم على أنني كنت وزيراً، لأنني لا أشعر أنني وزير؛ وبالنسبة لي العودة للسوق ساهلة ولا تأخذ مني سوى يومين؛ وكل ما احتاجه اجازة اسبوع لاطمئن على ابني الذي يعمل في دبي؛ واتفاكر معه في أمر زواجه ثم أعود لممارسة عملي الجديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.