تحدثنا في سابق الحلقات عن الترتيبات والتحركات التي تدور وتجري داخل اروقة تجمعات الاسلاميين في السودان بعد ما حدث في مصر للاخوان المسلمين ،وسوف نتحدث في هذه الحلقة عن الترتيبات التي تجري في دوائر حركات الاسلام السياسي خارج السودان ،والدور المطلوب من كل قوي التقدم والديمقراطية والاستنارة في العالم الاسلامي القيام به لقطع الطريق امام عودة هذه الحركات بلباسها الجديد، وفضحها وتعريتها : التحركات التي قامت بها جماعات الاسلام السياسي في السودان لم تكن وحدها داخل هذه الحركات انما كانت هناك تحركات اكبر واعمق في الاطار العالمي لهذه الحركات ،ومن ضمنها عقد مؤتمر لاسلاميين في اسطنبول،شهدته جميع الحركات الاسلامية وشخصيات اسلامية في اطار البحث عن مخرج جديد من الازمة التي حدثت لهذه الجماعات في مصر والتي في سوريا الان والخوف من لحاق تونس بركب الحركات الاسلامية المغادرة للسلطة حيث ، يعقد اجتماع قيادات في تنظيمات الإخوان المسلمين في دول مختلفة، في مدينة لاهور الباكستانية (بعيدا عن الأضواء) بهدف وضع خطط العمل لمواجهة ما أصاب التنظيم في مصر.عنوان اللقاء، الذي يتم برعاية الجماعة الإسلامية في باكستان، هو صياغة خطة عمل متكاملة للتعامل مع الملفين المصري والسوري.ويناقش لقاء اسطنبول قضايا تتعلق بالجانب النظري للتحديات التي تواجه التنظيم العالمي للإخوان بعد سقوط حكمهم في مصر وكيفية تعبئة منظمات المجتمع المدني والقوى الغربية لدعم عودتهم للحكم على أساس أنهم "اختيار شعبي حر".و قامت هذه الحركات الاسلامية بتاليب شعوبها ضد الغرب (الكافر ) في منهجها الا اننا نجد وبحسب مخرجات مؤتمرها الاخير قد توجهت نحو ذات الغرب الكافر من اجل تسويق وهمها الذي تدعيه حول انها منتخبة جماهيريا ، ربما هذا ظاهريا لكن باطن الامر انها قد نشأت بمباركة الغرب الامبريالي وتحديدا (اميركا) التي رعت ومولت هذه الجماعات قبل ان تنقلب عليها وتسميها ارهابية ،ومع ذلك حافظت الحركات الاسلامية كما في مصر وتونس والاردن والسودان علي سبيل المثال لا الحصر علي علاقات ودية سرية مع الغرب ،وهذا كان واضحا جدا مع احداث مصر الاخيرة ، كما ان هذه الامبريالية من جانبها تعمل على عقد تحالفات جديدة مع تيار الاخوان المسلمين في كل من مصر وسوريا مستفيده من قصور الاسلام السياسي وافتقاره لأي برنامج يتجاوز شعار "الاسلام هو الحل" في محاولة منها للحفاظ على مصالحها وابقاء شعوب المنطقة ودولها ضمن السيطرة والتبعية للأمبريالية الامريكية ،وقد حاولت هذه الحركات في الماضي طرد الاجنحة المتشددة والتي تجمعت اخيرا في تنظيم القاعدة والجماعات الارهابية الاخري ،وفي ذلك تريد كسب ود الغرب بغية تصنيفها بحركات سياسية تتبع اسلام مستنير وهذا ليس ذو شان كبير او مطلب رئيسي كي تعول عليه دول الغرب او تريده ،الذي تريده هذه الدول الغربية الامبريالية هو فقط ضمان مصالحها في منطقة الشرق الاوسط ،وهذا ما لن يتحقق لها الا في وجود جماعات الاسلامي السياسي في دست الحكم في بلدان الشرق الاوسط ، كما انه ايضا لابد من ضرورة التنبيه لان هذا المؤتمر عقد بعلم المخابرات الامريكية والذي غطته قنوات فضائية ووسائل اعلام تابعة ل(C I A) والانباء التي رشحت منها والتي سربت بسرية اكدت أن الحضور في مؤتمر لاهور اتفقوا على ضرورة الاعتماد على المساجد في الحشد الجماهيري وتعبئة الرأي العام ضد المسؤولين في مصر خلال الفترة المقبلة، دون التفات إلى قرار الإغلاق الذي أصدره وزير الأوقاف المصري أخيراً.ولمحت إلى أن بعض الحضور من الأفغان والباكستانيين أشاروا إلى ضرورة تبني عمليات تفجيرية في أماكن حيوية في مصر، رغبة في إجبار المسؤولين على عودة «الإخوان» إلى طاولة العمل السياسي ثانية، إلا أن هذا المقترح لم يلق قبولا لدى الجميع، خصوصا بعد وجود مراقبة دقيقة على مداخل مصر للقادمين من الخارج، ما يكلف الإسلاميين المخاطرة بمستقبلهم كاملا، وبدلا من البحث عن عودة كرسي الحكم سيكون البديل البحث عن العودة لممارسة الدعوة.وقال القيادي السابق بتنظيم الإخوان كمال الهلباوي، إن اجتماع قيادات التنظيم الدولي يدل على أنهم في ورطة كبيرة، موضحا أن مصر تحتل الأولوية في كل الاجتماعات الحالية للتنظيم الدولي.هذا يوضح ان الجماعات الاسلامية استفاقت علي دوي الانفجار الكبير الذي زلزل اركانها وهدد وجودها في مصر والتي منها سوف ينتقل لجميع الدول الاخري ،فقررت الرجوع الي عادتها التي تدمنها جيدا وهي العمل في الظلام وتهديد امن المواطنيين المدنيين ،وهذايكشف بجلاءطبيعة الجماعة من خلال مخططاتها انفة الذكر ،كما يبين كذبالحديث وغشه في ما يتعلق بما يسمي بعملية (الاصلاح) التي تظهر هذه الجماعات تبنيها في العمل السياسي والاجتماعي . سخونة الملفين المصري والتونسي بالاضافة للسوري والسوداني،تجعلها الابرز والاكبر استحواذا علي الاهتمام من قبل هذه الحركات ،مثلا رغم حديث الغنوشي عن البحث عن وفاق وطني في تونس وقيادته لمفاوضات مع المعارضة والاتحاد العام لنقابات الشغل الا ان مصادر مطلعةٌ قالت بأن مؤتمر تنظيم الإخوان المسلمين العالمي الذي عقد في اسطنبول كلف أمين عام حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي بمهمة رئيس المكتب السياسي للتنظيم وهذا الأمر يعني أن الغنوشي أصبح الرجل الثاني في التنظيم.فيما يبدو ان الحركات هذه اصبحت تعول علي المماطلة التي يقوم بها الغنوشي في تونس والتي كانت سببا في ان لا تجتاحه الرياح التي اجتاحت مصر وهو الذي كان مرشحا بقوة هو حركته لها ،فلربما كوفئ بهذا المنصب لانه حركته تمثل ركناً اساسياً من اركان الحكم في دول الربيع العربي لانها الحركة الوحيدة التي تحكم الان في هذه الدول بعد انهيار حكم الاخوان في مصر ،اما سوريا فتعول عليها هذه الحركات في التدريب والتاهيل لكوادرها مستغلة في ذلك حالة الفوضي التي تعيشها سوريا ،اما السودان فلم يخرج عنه اي شئ في هذا المؤتمر رغم مناقشة ملفه باستفاضة وبحضور وفد منه برئاسة علي جاويش مرشد الاخوان المسلمين وبعض التسريبات تؤكد حضور الزبير ،وهذا في رأيى يرجع ربما الي تعقيد هذا الملف وصراع العسكر مع الاسلاميين داخل الحكم ،بالاضافة للصراع داخل الحركة الاسلامية منذ مؤتمرها الاخير الذي شهد بروز العديد من التيارات ،ربما يعمل المؤتمر علي حل مشكلة هذه الحركة لاحقا . مما تقدم نخلص الي ان هذه الحركات رغم تظاهرها بالحديث المعسول عن قيم الديمقراطية والحرية والمدنية الا انها تمارس نفس اسلوبها والتي اسست عليه وهو الارهاب فكرا وممارسة ،والاغتيالات السياسية ومواجهة الخصوم عسكريا وليس فكريا كما يدعون ،ما تقوم به الان هو تمويه تظن ان تتقنه لكنه اصبح غير محكم الاغلاق والاتقان كما في السابق فقد سقطت الاقنعة وانكشف المستور داخلها ،ولعل كل الذي ذكر علي مدي الحلقات السابقة يبقي مجرد تنبيه للقوي الوطنية والديمقراطية وقوي التقدم والاستنارة بالمنطقة لكشف هذه المخططات والوقوف كترياق مضاد لهذه الافكار الهدامة وقطع الطريق امام هذه الحركات لتنفيذ مخططاتها ،وتوعية الجماهير الشعبية بهذا الخطر الذي تعد له ،وتوعية الجماهير الي ان هذه الجماعات تفعل كل شئ ولا ترفض ذهاب كل الشعوب والاوطان من اجل ان تصل لكرسي الحكم الذي حرمت منه فطال شوقها له كثيرا ،اذا ثمة مسؤولية كبيرة واقعة علي قوي التقدم والديمقراطية ،وهي مسئولية لطالما اضطلعت بها هذه القوي الديمقراطية ولكن هذه المرة عليها مسؤولية مضاعفة اولها العمل مع الشعوب التي ثارت ضد حكم الاخوان والتي ستثور ،وفوق ذلك والاهم الوقوف بالمرصاد لهذه الجماعات ومحاربة افكارها فكريا والحاق الهزيمة بها المرة تلو الاخري حتي اسقاطها نهائيا ،وبالتالي اراحة الشعوب من هذا الفكر الارهابي الذي طالما مثل خميرة عكننة في المنطقة ،كما الاهم هو العمل علي اسقاط ورقة (الغرب الكافر) التي تستخدمها هذه الجماعات من اجل كسب ود الشعوب الرافضة فطريا للاستعمار والاستغلال والامبريالية ،وكشف حقيقة الرباط السري والمقدس بين هذه الحركات الاسلامية وبين قوي الامبريالية العالمية والقوي اليمينية والرجعية الاقطاعية المرتبطة بها في المنطقة ،عليه يبقي مهما يكن فان الاسلام السياسي هو نفس الارهاب والتفكير والجمود وهو نفس العقلية الخربة والمريضة غير المتصالحة مع ذاتها والاخرين . الميدان