واصل مواطنو جنوب السودان الإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء على تقرير مصير الإقليم وسط إقبال كبير ومظاهر فرح في جنوب السودان على عكس شمال السودان الذي شهد إقبالا ضعيفا في الساعات الأولى لبدء الاقتراع. ونقل موفد الجزيرة نت إلى جوبا معاوية الزبير أن الأجواء الاحتفالية بدأت مع انبلاج الفجر، حيث ترددت الأغاني والموسيقى الصاخبة -من أجهزة التسجيل- في جنبات المدينة، وامتلأت الشوارع بالناس على غير العادة في هذا الوقت المبكر، بل بدا الشارع اليوم مختلفا حتى عما كان عليه يوم أمس القريب. كما عمت خارج مراكز الاقتراع في العاصمة جوبا وفق المراسل فرحة شعبية غامرة، وانهمك شباب وأطفال من الجنسين في رقصات وأهازيج جماعية، وأحيانا هتافات ب"النصر". وعبرت غالبية من الذين استطلعت الجزيرة نت آراءهم، عن فرحتهم بالوصول إلى هذا اليوم "المنشود" الذي اعتبره البعض التجسيد الموضوعي لاتفاقية نيفاشا التي حققت السلام بعد حرب متواصلة استمرت 22 عاما. يوم تاريخي وقد وصف رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت في كلمة له عقب إدلائه بصوته قرب ضريح مؤسس الحركة الشعبية لتحرير السودان جون قرنق هذا اليوم بالتاريخي. وقال إن أرواح أبناء الجنوب الذين قُتلوا في الحرب لم تذهب سدى. ودعا المصوتين إلى التحلي بالصبر إذا تأخرت عملية الاقتراع. وذكر أن حماية الشماليين وممتلكاتهم والأجانب وأفراد لجنة الاستفتاء في الجنوب من مسؤوليات قوات الأمن. كما يجب على قوات الأمن في شمال السودان حماية الجنوبيين هناك. وقال مراسل الجزيرة من هذا المركز هيثم أويت إن حشودا كبيرة تصطف خارج المركز للإدلاء بأصواتها منذ ساعات الصباح الأولى كما هو الحال في جميع المراكز بجوبا، مشيرا إلى أن كل الذين استطلعتهم الجزيرة من الناخبين عبروا عن أن الانفصال هو الرغبة التي سيؤكدون عليها مما يشير إلى أن النتائج ستدعم هذا الخيار وفق ما هو متوقع. كما بدأ الآلاف من منتسبي الجيش الشعبي الإدلاء بأصواتهم في مركز مخصص لهم في جوبا، ومن المقرر أن يصوت في هذا المركز نحو مليون عسكري يدلون بأصواتهم جميعا في هذا اليوم وفق ما نقله مراسل الجزيرة من المركز عادل فارس. وفي واو نقل مراسل الجزيرة حسن الراشدي أن عمليات التصويت تسير بسلاسة وسط إقبال جماهيري غفير، تماما كما هو الحال في ملكال عاصمة ولاية أعالي النيل القريبة من الشمال والتي شهدت هي الأخرى إقبالا كثيفا، كما نقل موفد الجزيرة محمد فاضل. وإلى الشمال في الدمازين عاصمة ولاية النيل الأزرق إحدى ولايات التماس بين الشمال والجنوب شهد مركز حي الزهور إقبالا متزايدا وسط دعم وتسهيل من حكومة الولاية بحسب موفد الجزيرة محمد الكبير الكتبي. إقبال ضعيف ومن أحد مراكز التصويت بالعاصمة السودانية الخرطوم قال مراسل الجزيرة الطاهر المرضي إن عمليات التصويت انتظمت وسط إقبال ضعيف في الساعات الأولى من صباح اليوم، ومن المقرر أن يدلي حوالي 116 ألف جنوبي بأصواتهم في نحو سبعين مركزا انتخابيا. وعقب إدلائه بصوته بأحد المراكز بالخرطوم اعتبر الدكتور لام أكول رئيس حزب الحركة الشعبية التغيير الديمقراطي انطلاق عملية الاقتراع بأنها تاريخية للسودان عامة ولشعب الجنوب خاصة، وأعرب عن أمله في أن تمر عملية الاستفتاء بسلام طيلة أيامها السبع حتى يشهد العالم بنزاهتها وحتى تقنع المواطن السوداني نفسه بمصداقيتها". بدوره أكد مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني الفريق محمد عطا المولى عباس أن البلاد لا تواجه أية مخاطر ترتبط بعملية الاستفتاء، ونقلت الفضائية السودانية في موقعها الإلكتروني عنه قوله إن الأجهزة الأمنية ملتزمة بتأمين الاستفتاء والحفاظ على حماية المواطنين بالشمال والجنوب، مؤكدا أنه لا توجد مؤشرات مقلقة بشأن الأمن. وكانت المفوضية القومية للاستفتاء أعلنت أن عملية الاقتراع لتقرير مصير جنوب السودان ستستمر من الثامنة صباحا حتى الخامسة مساء وفق التوقيت المحلي في نحو ثلاثمائة مركز بجميع ولايات السودان وخارجه طيلة أيام الاستفتاء من التاسع وحتى الخامس عشر من يناير/كانون الثاني الجاري. وأكد رئيس مفوضية استفتاء جنوب السودان محمد إبراهيم خليل في مؤتمر صحفي أمس السبت أن عدد المسجلين الذين يحق لهم الإدلاء بأصواتهم بلغ 3930916 مواطنا ومواطنة بواقع 3753815 في الجنوب و116860 في الشمال، بينما بلغ عدد المسجلين في مراكز الخارج 60241 مواطنا ومواطنة. وحدد إبراهيم قبول نتيجة الاستفتاء بتجاوز نسبة 60% من عدد المقترعين، مشيرا إلى أن المفوضية مسؤولة عن إجراءات ونزاهة وشفافية الاستفتاء. وأكد رئيس المفوضية إعلان نتيجة الاستفتاء بعد شهر من نهاية التصويت، معتبرا أن عمل مفوضية الاستفتاء سيستمر حتى نهاية الفترة الانتقالية لاستكمال الإجراءات الإدارية. ويجري الاستفتاء بموجب اتفاق السلام المبرم بين شمال السودان وجنوبه عام 2005 بعد 21 عاما من الحرب، مع آمال وتطلعات بأن تتم العملية بكاملها حتى إعلان النتيجة في جو آمن ونزيه وحر يفضى لسلام مستدام سواء ظل السودان واحدا أو انفصل لدولتين.