رومبك (السودان) - أ ف ب - لم يتمكن صمويل ماجوك من المشاركة في الاستفتاء الأحد لأنه كان مجبراً على البقاء مع قطيع الأبقار الذي يملكه، إلا أنه تمكّن الإثنين من الاقتراع بعدما ترك بقراته لشقيقه وبعدما قطع ساعات طويلة سيراً على الأقدام للوصول إلى رومبك عاصمة ولاية البحيرات الجنوبية. وعلى غرار ما هو حاصل في جوبا، عاصمة الجنوب السوداني، تشكّلت طوابير طويلة منذ الصباح الباكر أمام مراكز الاقتراع في رومبك، وهي تجمع من الأكواخ، وكانت لسنوات طويلة عاصمة التمرد خلال الحرب مع الشمال. وخلال الاثنين وحده صوّت نحو 600 شخص في مكتب واحد أي ربع ما تتضمنه لوائحه، وهذا يعني أنه لن يكون من الصعب الوصول الى تصويت 60 في المئة من المسجلين، وهي النسبة المطلوبة لاعتماد نتيجة الاستفتاء. سار الكثيرون لساعات طويلة وربما لأيام للوصول إلى أقرب مكتب اقتراع، مع العلم أن الطرق الاسفلتية في جنوب السودان نادرة وتتركز في شكل خاص في بعض أحياء جوبا وحولها. ويقول المسؤولون في ولاية البحيرات إن الكثيرين ممن لم يتمكنوا من الاقتراع في رومبك ناموا في العراء للانتخاب الاثنين والعودة إلى قراهم النائية. وقال والي ولاية البحيرات شول تونغ ماياي ل «فرانس برس» إن «العملية الانتخابية تجري في شكل سلمي ولم أبلغ بحصول أي تجاوزات». وأضاف أن «الشكاوى الوحيدة هي التي قدمها بعض الذين انتظروا ساعات طويلة الأحد في الشمس من دون أن يتمكنوا من الاقتراع». وتابع أن «الكثيرين اجبروا على السير لثلاث أو أربع ساعات للوصول الى اقرب مكتب اقتراع، والفترة نفسها للعودة إلى قراهم». واقيمت مكاتب اقتراع كثيرة في ولاية البحيرات في العراء وأحيانا كثيرة تحت شجرة كبيرة للاحتماء من حرارة الشمس. وأمام مكتب اقتراع في رومبك كان بالإمكان مشاهدة نحو عشرة أشخاص ينتظرون دورهم للاقتراع وبجانبهم عدد من رؤوس الماعز وأولاد عراة يلعبون وسط التراب. وقال صمويل ماجوك: «لم أكن قادراً على ترك بقراتي إلا أنه كان من الضروري أن اقترع». وأضاف وقد ظهرت على وجهه آثار تشطيب معروفة لدى أبناء الدنكا نقوق: «لذلك قام اشقائي بالتصويت الأحد وهم يهتمون بقطيعنا من الابقار لذلك جئت لاقترع اليوم (أمس الاثنين)». ويوضح والي ولاية البحيرات أن بعض الناخبين يأتي للاقتراع مع قطعان الماشية لأنهم لا يكونون قادرين على ايجاد من يهتم بها بغيابهم. كومبي مارتن طالب يعيش في قرية نائية جاء على متن دراجة هوائية واستغرقت رحلته ساعات طويلة للوصول الى مكتب الاقتراع في رومبك. وقال: «المسافة طويلة إلا أنه كان عليّ أن اقترع من أجل الحرية». ويطلق على الساحة في وسط المدينة اسم «ساحة الحرية». وقال جون غوم لانغ الجندي السابق في «الجيش الشعبي لتحرير السودان»: «قاتلت خلال الحرب الأهلية الأولى (1955-1972) ثم في الثانية. والآن أنا اقترع من أجل حرية الجنوب ومستقبل أولادي وأحفادي».