قال الرئيس البشير أمس الأول إنه يؤيد نقل مستشفى الخرطوم إلى الأطراف مهما علت الأصوات المعترضة وقال: ( نحن لا نعبد صنماً... مستشفى الخرطوم ما صنم نعبده) الرئيس البشير كعادته يختزل القضايا ويمحورها في مكان وزمان معين ليعطي حجة لكلامه، لكن الواقع يدحض حديثه، ومن حيثيات رسمية كشفت عن العجز في الميزانية المخصصة للصحة في ولاية الخرطوم بنسبة (15%) وأنعكس ذلك سلباً على مرتبات العاملين وعلى الخدمات الطبية والأصوات التي علتْ ضد قرار تفكيك المستشفيات الاتحادية، برزت من داخل القطاع الطبي ومن أهل الوجعة الذين يدركون تماما تبعات ذلك القرار غير المدروس ويكفي الإشارة هنا لتصريح المدير العام للصندوق القومي للتأمين الصحي لصحيفة (الخرطوم) أمس، حيث أشار إلى ارتفاع نسبة صرف المواطن من جيبه على الصحة بنسبة (64%). واضح أن الرئيس البشير يريد أن يتدخل ليقطع الطريق على التفاهمات التي تمت بين نقابة العاملين ووزارة الصحة بولاية الخرطوم، وذلك لصالح أطراف تسعى للسيطرة على وسط الخرطوم، فقد تم الاتفاق بين الطرفين للإبقاء على مستشفى الخرطوم كمستشفى تعليمي ومرجعي واتحادي، و يشكل سكان الولايات أكثرمن (50%) من مرتاديه. موقف الرئيس يكشف السر في تذبذب مواقف وزارة الصحة الولاية في الإلتزام بالاتفاق بينها وبين نقابة العاملين. حديث رئيس الجمهورية جاء إبان مخاطبته جمعاً بمناسبة افتتاح مجمع للسكن الشعبي بأم درمان، وقال في معرض كلامه الذي هاجم فيه ( دعاة حقوق الإنسان): ( نحن كنا وين وبقينا وين؟) الإجابة على سؤاله لا تتطلب تفكيراً كثيراً، لأن الرئيس عندما طرح السؤال لم يسأل نفسه: لماذا إمتدت ولاية الخرطوم واكتظت بالسكان حتى فاق سكانها ال 9 مليون نسمة؟ وما علاقة ذلك بالنزوح من الريف وهجر الزراعة والمراعي ومواقع الإنتاج بحثا عن السكن في الأطراف دون توفر الحد الأدنى من الخدمات؟ الدفاع عن مستشفى الخرطوم تبرز أهميته من كونه مؤسسة من مؤسسات شعب السودان تدميرها لا يصب في مصلحة أي مواطن سوداني، لذلك فإن إخلاء موقعه لصالح طبقة تجار البضائع المستوردة والمباني الفارهة الزجاجية أمراً لا يمكن الصمت عليه، وسنعمل على مقاومته مع جماهير الشعب والعاملين في القطاع الطبي حماية لمصالح الشعب.