تحقيق : بله علي عمر: تشكل منطقة أبيي بؤرة تهدد الاستقرار بين السودان والدولة الجديدة حال تصويت أبناء الجنوب لخيار الانفصال وبرغم إن المنطقة تعتبر من أكثر المناطق الغنية بالنفط الا أن أسباب الاحتقان الراهنة تبرز لحالة كون المنطقة تشكل ركيزة اساسية وإمتداد لمراعي قبيلة المسيرية التي تري أنها صاحبة حق الأصيل وهي التي استضافت دينكا نقوك من بطون قبائل الدينكا، ذات الاصول النيلية وهنا يبرز التساؤل حول كيفية معالجة أثآر الانفصال على قطاع الثروة الحيوانية. إن المراعى الطبيعية بجنوب البلاد تشكل نسبة حيوية في توفير احتياجات القطيع القومى من ماء وكلاء خاصة بالنسبة لقبائل الترحال الموسمى حيث توفر النباتات العشبية والاشجار والشجيرات الرعوية نسبة كبيرة كما تساعد مخلفات المحاصيل في سد النقص. ونجد أن الموسم الماضي قد شهد مستويات جيدة في معدلات الامطار الا أن العامين الذين سبقاه قد شهدا تدنيا في مستوي الامطار الشيء الذي انعكس سلبا على مردود المرعي الطبيعي، بحيث حتم الوقوف الميداني على مجمل مكونات الموارد الرعوية لتقييم الحالة والخروج بموجهات تسهم في تلافي الوضع الراهن والتخطيط المتوازن. يقول الدكتور سيد بشير أبوجبة رئيس شعبة مصدري الإبل أن السودان ورغم عدم قابليته للقسمة الا انه وحال حدوث ذلك فالمطلوب أن تكون هنالك عدالة تراعي الحقوق، ويذهب أبو جبة الى أن «90%» من ثورة السودان الشمالي تملكها قبائل التماس في مناطق جنوب دارفور وجنوب كردفان ومناطق جنوب النيلين الابيض والازرق وقال أبوجبة في حديثه ل«الصّحافة» إن المشكلة ليست في أبيي وحدها وكان اتفاقية نيفاشا نسيت قطاع الثروة الحيوانية وهي تقسيم البترول والمناصب، ويمضي دكتور سيد بشير في حديثة أن تربية الأبقار تعتمد على المصايف في بحر العرب والبقار حيوانات لا يمكنها الابتعاد عن المياة ليوم واحد بينما يمكن للجمل ورود الماء مرة واحدة في الاسبوع كما يرّد الضان الماء كل «3» أيام حتي في الصيف كما إنه في حالة تربية الابقار فلا بد أن يكون المرعي في مكان به الماء ويكشف ابوجبة بأن مناطق النزاعات هي اغني المناطق بالبلاد وعليه فإن هذه المراعي إما أن تذهب جنوبا او تغدو مناطق نزاعات حدودية.أما نزاع حول البترول نجده في كل الاحوال قد تغول على مراعي وبالتالي فإن الثروة الحيوانية بهذه المناطق مهددة بالزوال وبات مصير مربيي المواشي مهدد ايضا. سُئل الدكتور سيد عن سُبل تطويق الأزمة؟ فقال لايمكن التفكير في معالجة الآن والمراحيل تتجه جنوبا والاوضاع متازمة، وواضح إن الحكومة تركت هذه القبائل لمصيرها المظلم في وقت تتحدث الحكومة بأن لديها بدائل للبترول، فما هي البدائل حال تعذر وصول الابقار لبحر العرب؟ برغم إن صورة القاتمة التي رسمها رئيس شعبة مصدري الإبل الا إنه عاد مستدركا إن الماء واللماء حقوق مشروعة «تحميه القوانين الدولية» وعليه فلابد من رفع الأمر للمنظمات والدول الكبري لحماية هذه الحقوق وذلك في وقت تمسكت فيه الحكومة بالارض فلم تستطع المحافظة عليها فضاعت وأضآعت من معها «حقوق المراعي والماء» وخلص ابوجبة الى ان توفير المراعي ومصادر المياه لا تحتمل التأخير والنزاعات والا ضاعت الثروة. ولا يخفي عباس الدراش من منتجي الماشية دعمه للوحدة حبث إن الجنوب ظل يشكل إمتدادا طبيعياً للمراعي خاصة في السنوات الماضية والتي شهدت تراجعا في معدلات الامطار في وقت يخلو فيه السوق من مخزون استراتيجى للأعلآف لسد الفجوة المراعي مضيفا ان البلاد ظلت تشهد ازمة مراعي فى كل ولايات البلاد عمقتها حالة الفجوة فى المنتجات الغذائية في الاعوام الماضية مشيرا الى أن أهم مسبباتها هي نقص فى الامطار وعدم الاهتمام بحماية المراعى نفسها «انشاء خطوط نار» ويري أحمد الإمام فضل المولي من منتجي المواشي ان انفصال الجنوب سيؤدي الى حدوث مشكلة في قطاع المراعى مالم تقوم الدولة بإصدار تشريعات جديدة للحد من تلك الاثآر وعن ماهية القرارات التي يمكن أن تحد من أثار انفصال الجنوب يري الامام يجب أن يسن قوانين تحظر فتح خطوط النار بمناطق المراعي الفقيرة إضافة لتوجيه الموارد نحو مشروعات حصاد المياه ويري الامام كان على الحكومة توجيه ما صرفته على مشروع دعم الوحدة، لمشروعات حصاد المياه في وقت كان فيه الجميع على قناعة بأن ابناء الجنوب سيصوتون للانفصال مهما كانت المغريات ومن سبل مواجهة الاثار السالبة لانفصال الجنوب توزيع بذور الاعلاف المحسنة في القطاع المروي من جانبه خلص محمد البشير الحاج من منتجي المواشي الى أن خروج مراعي الجنوب سيدفع البعض للتخلص من الحيوانات مشيرا إلى أن التنقل من منطقة إلى أُخرى في قطاع المراعي المتبقية يسبب ضغطا عليها كما انه يؤدي الى بروز نزاعات على المراعي خاصة في إقليم دارفور التي كان بها «11» مساراً تقلصت الى خمسة مسارات فقط خلاف النزاعات الاخرى وفى الشرق منطقة القضارف حيث تقلص عرض مسار الدرب الاسود من «10» كيلو إلى «150» مترا. إن خروج مراعي الجنوب يعني الضغط على المتبقي من مراعى الولايات الشمالية ما يؤدي الى ضعف النباتات لتغدو ذات قيمة غذائية ضعيفة. إدارة المراعي والعلف الاتحادية التي كانت قد قامت باعمال مسح للمصادر العلفية كشفت تقديرات الثروة الحيوانية بالولايات التى شملها المسح «99,63» أي مليون راس ما يعادل 71% من جملة القطيع البالغ عدده «140» مليون راس وفق تقديرات العام 2009م تحتاج الى «87 44 » مليون طن علف مادة جافة على اساس الصيانة واضعين فى الاعتبار الانتاج والنمو يمثلان مرحلة اخرى للموازنة كما حسبت الاحتياجات للفترة الحرجة ديسمبر 2009م يونيو 2010م وبمقارنة الاحتياجات مع المتاح نجد العجز الكلى بلغ حوالى «46,52» مليون طن وأشار التقرير الى أن القطاعات الاكثر هشاشة هى دارفور متثملة فى وسطها وغربها إذ بلغ فى قطاع دارفور«17.3» مليون طن اي ما يعادل 32.35% من جملة العجز الكلي ويتوقع ان يزيد اذا لم تحصد المناطق الرعوية ذات المرعي الجيد شحيحة المياة يليها القطاع الغربي «14.5» مليون طن، يلي ذلك القطاع الاوسط «10.93» مليون طن والشرقي«2.48» مليون طن ثم الشمالي«1.289» مليون طن، ويتوقع أن يذيد الضغط على المناطق الجنوبية في جنوب دار فور وجنوب كردفان والقضارف والنيل الازرق وقد تتداخل الماشية في المراعي الحدودية وهذا الوضع يتطلب معالجات طويلة الاجل إضافة للمعالجات الآنية. ومن ناحيه أُخرى قال رئيس اتحاد الرعاة سعد العمدة في حديث صحفي جواباً لمن سأله عن أسباب تراجع المراعى تدهورها؟السبب الرئسي قلة الامطار وحمل ادارة المراعى والاعلاف المسئولية بعدم نثر البذور فى الوقت المناسب مشيرا إلى أن تحرك الرعاة من مناطقهم الى المراعى المجاورة ادى الى نزاعات بين القبائل بجانب عدم الاستقرار، واوضح ان الهجرة بالمواشى من منطقة الى اخرى يؤدى الى إضعاف الحيوانات ما يقلل من قيمتها الانتاجية وعدم التوالد اضافة الى ان الرعى الجائر وعدم ثقافة الرعاة بالتعامل مع المراعى الطبيعية يعتبر واحد من مسببات تدهور المراعى مشددا انه وما لم يتم إعداد خطة اسعافية عاجلة ستفقد البلاد جزء كبيرا من الثروة الحيوانية وقال العمدة ان كل هذه الاسباب ستؤدى الى تدنى فى أسعار المواشى وإرتفاع فى أسعار الاعلاف خاصة الذرة ولسد الفجوة العلفية طالب رئيس اتحاد الرعاة بإعفاء القيمة المضافة لكل الاعلاف وإعفاء منتجى الثروة الحيوانية من كافة الرسوم الولائية والمحلية، اضافة الى فتح باب الاستيراد للاعلاف واعفائها من الجمارك ودعا العمدة الى السعى الجاد لزراعة الاعلاف فى المشاريع المروية مشددا على الاهتمام بصناعة الاعلاف والمراعى الطبيعية ورفع قُدّرة الرعاة للتعامل مع المراعى الطبيعية داعيا الى انشاء وحدة قوية لحماية المراعى الطبيعية ومزارع رعوية نموذجية لنقل القطاع الرعوى من قطاع تقليدى الى قطاع حديث.