يواجه قطاع الثروة الحيوانية العديد من المعوقات والتحديات التي ظلت حائلاً دون تقدمه بالرغم من الموارد والإمكانيات الهائلة التي يزخر بها السودان فى هذا القطاع، حيث يسهم بأكثر من (20%) من الناتج المحلي الإجمالي و(40%) من القطاع الزراعي، وتقدر الثروة الكلية الحيوانية بأكثر من (140) مليون رأس، وتتمثل المعوقات التي تعترض تطور القطاع في ضعف البنيات الأساسية وغياب الأطر والتشريعات القومية المشجعة على تطوير الثروة الحيوانية، بجانب عدم الاستفادة من الإمكانية العلمية والتقنية في الإنتاج الحيواني، فضلاً عن النزاعات الرعوية بسبب الصراع على الموارد التي ظلت العامل الأساسي في تبديد إمكانيات القطاع، ما يستوجب العمل على إيجاد مداخل لوضع إطار وصور لتطوير هذا القطاع ومعالجة كافة المعوقات التي تحول دون مواكبة التحولات الاقتصادية المتسارعة، وتماشياً مع ذلك نظمت منظمة الفاو ورشة لمناقشة التحديات التي تعترض تطور القطاع الحيواني بالبلاد التي أمَّها لفيف من الخبراء والمهتمين في مجال الثروة الحيوانية والإنتاج الحيواني وقدمت في الورشة خمس أوراق عمل تناولت البناء المؤسسي في مجال الثروة الحيوانية وإدارة النزاعات بين المجتمعات الرعوية والإنتاج والتسويق والتناسل بجانب ورقة عن إنتاج الأعلاف، وناقشت الورشة خلال خمسة أيام من الخامس والعشرين الى التاسع والعشرين من أبريل المنصرم إمكانية تطوير القطاع بإتباع مجموعة من التدابير قدمها المشاركون في الورشة لتكون خارطة طريق لمعالجة معوقات الثروة الحيوانية للمساهمة في الناتج القومي للاقتصاد الكلي. قدم د.كريس دو بورن خبيرالصحة الحيوانية بمنظمة الصحة العالمية ورقة عن إدارة الصراعات بين المجتمع الرعوي التي خلص فيها الى ضرورة تحليل أسباب الصراع ومعرفة ملابساته الظاهرة والخفية ومن ثم العمل على إيجاد الحلول لها وفق معطيات الواقع والأعراف المحلية مشدداً على ضرورة العمل على استحداث أنظمة للإنذار المبكر لتحاشي وقوع النزاعات بين المجتمع الرعوي، وأشار د. بورن الى أن هناك العديد من الأسباب وراء اندلاع النزاعات الرعوية أجملها في تفشي ثقافة الثأر بين مكونات المجتمع الرعوي بجانب مشكلات المسارات الرعوية وتأثرها بالظروف الطبيعية والإنسانية مثل الجفاف و الحروب والأوبئة الفاتكة بالحيوان بجانب التوسع الزراعي على حساب الحيواني والنشاط المتزايد في مجال التعدين فضلاً عن الصراع بين الرعاة والمزارعين والذي يعد من أكبر مهددات تطور وتقدم الثروة الحيوانية، وخلص بورن في نهاية الورقة الى ضرورة إيجاد صيغة توفيقية تقنن العمل الرعوي وإدارتة تضم كافة الأطراف المعنية من الرسميين والإدارات الأهلية وإقامة جسم أو هيئة تتولى مسؤلية إدارة الثروة الحيوانية بكافة جوانبها وإشراك القطاع الخاص والمجتمع الرعوي، وشدد بورن على ضرورة تضافرالجهود كافة تجاه تطوير المجال الرعوي وتقليل الصراعات بتنمية الخدمات البيطرية وصحة الحيوان وإدارة الإنتاج والتسويق التسهيل إدارة الصراع. وفي ورقته عن الأعلاف والمراعي قال د. عبدالستار محمد الخبير بكلية الزرعة بجامعة الاسكندرية: إن العمل في قطاع الثروة الحيوانية يتصف بالتكامل في كافة الجوانب الرسمية والأهلية والمستفيدين في القطاعات الزراعية الصناعية والتجارية، وأشار الى أن السودان بالرغم من امتلاكه الى إمكانيات هائلة من المراعي تقدر ب (279) مليون فدان إلا أنه يعاني من العديد من المشاكل والمعوقات التي أقعدته عن لعب دورمحوري في الاقتصاد الكلي والمساهمة في الناتج المحلي الإجمالي بسبب ضعف المراعي لعدم توافر المياه في فترات طويلة من السنة ونقص في الأعلاف بفجوة كبيرة تقدر بأكثر من (100) مليون طن. وقال: عبد الستار إن المجال الحيواني بالسودان يفتقر الى السياسات الرعوية وضعف التشريعات والاتفاقيات التي تمكن من الاستفادة من الإمكانيات الهائلة التي يتميز بها السودان، وحدد عدة عوامل أسهمت في تراجع دور الثروة الحيوانية أهمها موجات الجفاف التي تضرب المراعي من وقت لآخر بجانب السياسات الحكومية في التوسع الزراعى باستخدام الآلات وميل الرعاة للزراعة المستقرة على حساب المراعي فضلاً عن تفشي مفاهيم الفخر والاعتزاز في التعامل مع الثروة الحيوانية. وخلص عبد الستار الى عدة توصيات فنادى بضرورة العمل على وضعها في الاعتبار للنهوض بالثروه الحيوانية أجملها فى ضرورة تدريب المتعاونين على كافة الوسائل والتقنيات الحديثة وإشراكهم في إدارة المراعي وفق ترتيبات تضمن استمرارهم في تأدية العمل التوعوي والإرشادي بجانب العمل علي معالجة مشكلات مصادر المياه لضمان استقرار القطعان بأرض المرعى وتدريب المجتمعات الرعوية على طرق إنتاج وزراعة الأعلاف وحفظها والتعامل فضلاً عن توظيف النار في إدارة المراعي بالاستفادة منها في إعادة إنبات الحشائش والتخلص منها. إلانتاج الحيواني والتسويق كان أحد أوراق الورشة التي قدمها د. ساكو بنياس خبير البنك الدولي بكينيا مبتدراً الحديث عن ضرورة إدخال مفاهيم جديدة في مجال الإنتاج الحيواني والتسويق والعمل على تجديد الوسائل العلمية والتقنية في مجال تناسل الحيوان، تغيير النظرة السلبية للثروة الحيوانية باعتبارها أموالاً للتفاخر والتباهي الى مفهوم تجاري حديث يستوعب القطاع الخاص لتوفير التمويل الكافي وضمان التسويق وأشار بنياس الى أن من المعوقات الكبيرة للثروة الحيوانية مسائل الترحال وضعف المراعي بجانب النزاعات على الأراضي وطالب بنياس بضرورة تدريب المجتمعات المحلية على مهارات التعامل مع الحيوان في كافة الجوانب الصحية والعلاجية ومتابعة التغيرات التي تحدث في البيئة المحيطة والمجتمع الرعوي التدريب على كتابة التقارير وتدوين الملاحظات ومخاطبة الجهات المعنية بكافة التفاصيل، وخلص المشاركون في الورشة الى ضرورة تفعيل التشريعات في مجال الثروة الحيوانية وتحديد الصلاحيات للجهات المسؤولة وتوضيح العلاقة بين الأطراف الرسمية ذات الصلة الى جانب القطاع الخاص والمجتمعات الرعوية الأهلية والعمل على رفع قدرات الفئات المنتجة للثروة الحيوانية عبر تدريب المتعاونين في تنمية الحيوان ومنحهم الصلاحيات الكافية ومدهم بالمعدات والإمكانيات اللازمة لتأدية مسؤلياتهم على الوجة الأكمل من أجل النهوض بالقطاع للاستفادة من قدراته في دعم الاقتصاد الكلي.