تشهد الساحة السياسية السودانية في هذه الأيام محاولات جديدة- قديمة للإصطفاف بين القوي السياسية وبدأت الأحزاب ذات المرجعيات الإسلامية ( الشريعة والصحوة والجهمورية) تتقارب وتتوحد في مواجهة الأحزاب اليسارية وقوي الهامش والحركات المسحلة بصورة تعيد إلي الأذهان ماحدث في ستينات القرن الماضي حينما تحالفت الطائفية مع الحركة الإسلامية وقامت بخرق الدستور وطرد نواب الحزب الشيوعي من البرلمان. وتقف كثير من الجماعات والهيئات ..( السلطانية) مع الإصطفاف الإسلامي الجديد الذي يضم الوطني والشعبي والأمة والإتحادي. (1) وفي تصعيد لموجة الخطاب الإسلامي الجديد طالبت هيئة علماء السودان الحكومة بمنع قيام الأحزاب العلمانية والملحدة والغريب في الأمر أن نائب رئيس القضاء مولانا عبد الرحمن شرفي خلع عباءة السلطة القضائية وتحزب وسار مع جماعة منع الاحزاب العلمانية وحظر الحزب الشيوعي وأبدي شرفي استغرابه من عودة نشاط الحزب الشيوعي والجمهوري بكثافة في الساحة السياسية، بعد قرار حل الأول وإعدام زعيم الثاني. وعزف إمام وخطيب المسجد الكبير بالخرطوم ذات اللحن السياسي الإسلامي وقال " مقترح الحكومة القومية مخطط للإبتعاد عن الإسلام وفصل الدين عن الدولة". (2) ورغم الخلافات البادية علي السطح بين كثير من القوي السياسية التقليدية والمؤتمر الوطني هناك مشتركات كثيرة تجمع بينهما وأهمها شعارات الحكم التي تستند علي مرجعية دينية(الجمهورية الاسلامية والصحوةالاسلامية والشريعة الاسلامية). ، رغم حالة السيولة السياسية التي تفرض نفسها علي المشهد السياسي تبدو ومن علي البعد ملامح تكتلات وتحالفات أولية تطل بوجهها علي الملعب السياسي وتدفع نحو إصطفاف جديد تحت لافتات تبدو جديدة وإن كانت غيرذلك الفريق الأول يضم المؤتمر الوطني والشعبي وحزب الأمة والإتحادي الديمقراطي ، يحاول أفراد هذا الفريق التحرك في مساحة المشتركات التي تجمع بينهم ( التوجه الإسلامي بمسمياته المختلفة ) والإتفاق علي برنامج الحد الأدني وكان قيادي بارز في المؤتمر الوطني قد ذكر في تصرحات صحفية منشورة.. "الأحزاب التقليدية تتسق أفكارها مع فكرة المؤتمر الوطني في قضية الشريعة وليس هناك خلاف بيننا وبين الإتحاديين والأمة في التوجه الإسلامي ولذلك هي أيضاً مستهدفة مثل المؤتمر الوطني " وفي نظرية الإستهداف والمؤامرة لاتزال الذاكرة منتعشة بماقاله الدكتور غازي صلاح الدين عندما كان في داخل حزب السلطة ، قال في ندوة عن العلاقات السودانية الأمريكية أن الولاياتالمتحدة تستهدف السودان لأسباب عرقية وعنصرية وسياسية لو جاء الصادق المهدي أو الميرغني سوف يتواصل الإستهداف الأمريكي للسودان. (3) في مقابل الفريق الأول الذي ربما يتشكل بصورة نهائية قريبا هناك فريق يضم أحزاب اليسار وحركات الهامش والحركة الشعبية قطاع الشمال .(الجبهة الثورية) وبعض القطاعات التي تقف ضد تيارات الاسلام السياسي أو ضد توظيف الدين لخدمة أجندة سياسية وخاصة أن تجربة حكم الانقاذ تحت شعارات الشريعة الاسلامية والافرازات السلبية لتلك التجربة جعلت قطاعات كبيرة من المجتمع السوداني تقف ضد تلك الشعارات‘. يقول القيادي البعثي محمد ضياءالدين تحالف قوي الاجماع الوطني يضم الأحزاب التقليدية واليسار ولكن في ظل عدم مصداقية بعض الأحزاب تظل كل الإحتمالات مفتوحة وخاصة أن عضوية بعض الأحزاب التقليدية رغم إنضوائها تحت لافتة التحالف تلتقي سراً وعلانية مع المؤتمر الوطني. ويمضي محمد علي المحسي رئيس الحزب الوطني الديموقراطي و القيادي السابق بالحزب الشيوعي في ذات الاتجاه ويقول: لن نتحالف مع أحزاب فقدت فرصتها في المستقبل نحن نختلف معهم في الفكر والتوجه الإقتصادي هم مع الخصخصة والسوق الحر ونحن مع العدالة الإجتماعية والتوجه الإشتراكي. (4) وتعزز الكثير من الشواهد والتصريحات رغبة بعض قيادات الوطني والأحزاب التقليدية في بناء تحالف سياسي تحت مظلة التقارب الفكري والتوجه السياسي تحت مسميات تلعو وتهبط في حدة التعبير حسب الطقس السياسي وتظلل اللافتة بعبارات (أهل القبلة) عند بعض الجماعات التي تري أن السودان الشمالي بعد إنفصال الجنوب أصبح دولة (عرواسلامية) كاملة الدسم لامجال فيها لليسار وغيره!وتثير شعارات تطبيق الشريعة بصورة كاملة وشاملة بعد انفصال الجنوب مخاوف العديد من الجهات دا خل الشمال السوداني تؤشر لمرحلة قادمة من الصراع في الشمال بين مكوناته المختلفة.وكان الخبير البريطاني ألان غولتي ممثل بريطانيا الخاص السابق لدي السودان قد ذكر في حوار صحافي أن الانفصال قد يشجع المؤتمر الوطني علي تطبيق الشريعة الاسلامية بصورة قد تحدث مشاكل وقال(ربما يشجع التغيير الذي حدث بانفصال الجنوب الحكومة في الخرطوم علي فرض نظام اسلامي ترفضه أقلية من سكان الدولة الجديدة في الشمال وبالتالي يزرع بذور الصراع في المستقبل)غولتي قال حديثة ومضي والصراعات المسلحة مشتعلة في أكثر من جهة في سودان مابعد الجنوب. (5) وظلت الحوارات المتصلة بين المؤتمر الوطني وحزبي الأمة والاتحادي تؤشر لجهة إمكانية بروز كيان جديد وكان الامام الصادق المهدي قد أشار للتقارب بين الأحزاب الثلاثة في لقاء مع الصحفيين البرلمانيين بمنزله وقال(نحن والحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بزعامة السيد محمد عثمان الميرغني الأقرب إلى المؤتمر الوطني الآن) الإصطفاف تحت لافتة الدولة الدينية سوف يفرز تحالف مضاد ومختلف لقوي سياسية وحركات ترفع شعارات الدولة المدنية وإبعاد الدين من المعترك السياسي وإعادة هيكلة الحكم في الشمال بعد انفصال الجنوب ويمكن قراءة التقارب بين بعض الحركات الدارفورية(عبد الواحد ومني) وتصريحات قادة الحركة الشعبية – قطاع الشمال الرافضة لشعارات الجمهورية الثانية وإلغاء التعدد الثقافي والديني في الشمال بمجرد انفصال الجنو عنوان الفرز الجديد والمضاد لمخرجات تحالف أحزاب المرجعية الاسلامية. (6) ويري كثير من المراقبين أن إصطفاف الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية ودخولها إلي حكومة المؤتمر الوطني لن يحل مشاكل السودان بل سوف تضيف المزيد من التعقيدات ،في حين أن كثير من قوي المعارضة في اليسار والقوي الشبابية تري خروج الشعبي والأمة من المعارضة دليل عافية وتسهيل لمهمة الشباب في مواجهة سلطة الرأسمالية الإسلامية .. وفي رؤية مختلفة حول مستقبل المعارضة قال عثمان ادريس ابوراس في حوار مع صحيفة ( الجريدة).. " خلافات المعارضة حول المشاركة في الحوار لن تؤدي الى اصطفاف جديد يمكن أن يصل بتقسيم قوى التحالف الى فئتين ". نقطة أخري توضح معالم تحالف أهل القبلة ، قال الأمين العام للحركة الشعبية ياسرعرمان " كنا نتمنى ان نعمل في صف واحد مع المهدي في مواجهة المؤتمر الوطني ولكننا يبدو أننا نقف في مواجهة المؤتمر الوطني والصادق المهدي " ولأن الصورة أكثر تعقيداً قال كمال عمر القيادي بالمؤتمر الشعبي والذي قطع مسافات طويلة في زمن قصير جداً نحو حكومة المؤتمر الوطني .." حزبنا متمسك بتحالف المعارضة وأضاف : الشعبي لن يكون جزءاً من أي اصطفاف جديد يقود العمل ضد قوى الإجماع". [email protected]