مع موضة الحوارات والمنابر والمؤتمرات قالت صحف الخرطوم الصادرة أمس أن هناك لجنة عليا للمؤتمر القومي لقضايا الإعلام، برئاسة النائب الأول لرئيس الجمهورية ، وتضم اللجنة كثير من الأسماء التي ظلت ملازمة للمسيرة الصحفية دون أن يشعر الصحفيون بوجودهم ودون أي مواقف حقيقية لصالح الصحفيين وتعايش الصحفيون السودانيون مع هذه الأوضاع -" الغرائيبية" رغم وجود أجسام معنية بتطوير المهنة وحماية الصحفيين من مجلس للصحافة واتحاد للصحفيين ووزارة للإعلام وظلت الصحافة تتلقي الضربات الموجعة ومن أجسام رسمية رغم وجود المجلس والاتحاد والوزارة. (1) ويري عدد من الصحفيين أن المؤتمر الحالي لن يضيف جديداً وان مشاكل الصحافيين لاتحتاج إلي مؤتمرات جديدة بل تحتاج إلي إجراءات عملية من الحكومة وبالتالي المطلوب ليس إهدار مزيد من الأموال في مؤتمرات بلا جدوي ، مافائدة إجراء مشاروات واسعة إذا كانت الحكومة صاحبة الدعوي هي أكبر معوق للعمل الإعلامي والصحفي في السودان وقبل الحديث عن المؤتمر كان المطلوب إجراءات عملية تمكن الصحافة من نقل مختلف وجهات النظر وبحرية تامة وبدون وصاية أو رقابة أو مصادرة وفي أجواء من الحرية الكاملة. وبنظرة سريعة إلي الأسماء المشاركة في المؤتمر يمكن التكهن بمخرجات المؤتمر . (2) ويعمل الصحفيون في السودان علي مواجهة واقعهم بعيداً عن تلك المؤتمرات والمجالس والاتحادات والتي ماقدمت مايفيد في يوم من الأيام وتسعي المؤسسات الصحفية لإبتداع وسائل وحيل عديدة حتي تظل الصحافة السودانية علي قيد الحياة إلي حين إشعار آخر . وتواجه الصحافة السودانية مصاعب وتحديات كثيرة لا حصر لها تمسك بخناق الصحافة والصحفيين ، حيث احتل السودان المرتبة (171) وجاء في مؤخرة الترتيب وفقا للتقرير السنوي لسجل الحريات الصحفية في العالم وفقا لما أصدرته منظمة "صحفيون بلا حدود" في تقريرها السنوي عن الحريات الصحفية في العالم. فقد احتل السودان المرتبة (171) في تصنيف المنظمة الذي شمل (179) دولة في حين تقدمت دولة جنوب السودان الوليدة علي السودان في الترتيب حيث أحتلت المرتبة (111). وتتعرض الحريات الصحفية لإنتهاك متواصل من قبل أجهزة الدولة وأصبح من المألوف جداً أن تصبح الخرطوم وتختفي صحيفة من الوجود بسبب المصادرة أو الإغلاق ويعتقل صحافي في حين تفاوض الخرطوم حاملي السلاح وبل تدخلهم حتي في القصر الجمهوري في حين يظل حملة الأقلام عرضة لكل أنواع التضييق والقمع. وحتي الجهات والمؤسسات المعنية بحماية الصحافة والصحفيين (اتحاد الصحفييين – مجلس الصحافة – وزارة الإعلام ) فهي بلاحول ولاقوة. (3) ولاتزال الذاكرة منتعشة بحديث البروفيسور علي شمو رئيس المجلس القومي للصحافة والمطبوعات.. ‘‘ عندما يتدخل جهاز الأمن وويصادر صحيفة ما نبدو بشكل ضعيف، ويصبح مجلس الصحافة بلا قيمة لأنه لا احد يستشيرنا في مثل هذه الاشياء، ولا قرارات تتخذ بموافقتنا وفي كثير من الاحيان نقرأ عن اغلاق ومصادرة الصحف في صحف اليوم التالي، أو نكتشف أن هناك صحيفة لم تصدر فنسأل فنعرف انها صودرت، وقطعاً هذا شكل أمام الناس (ما كويس) ويجعل المجلس ما عندو هيبة‘‘. أما اتحاد الصحفيين السودانيين فدوره لايتعدي إصدار بيان خجول عقب كل مصادرة أو حتي إغلاق الصحف وتشريد الصحفيين . (4) وقال تقرير صادر عن شبكة الصحفيين السودانيين أن مستقبل الصحافة في السودان سيكون في خطر ما لم تطبق إجراءات جادة لحماية الصحفيين من الانتهاكات المتعددة وسن قانون جديد يحظى بإجماع القاعدة الصحفية وتوسيع مشاركة الصحفيين فى ميثاق الشرف الصحفي والعمل علي صناعة مؤسسات صحفية راسخة. (5) وتتعدد أشكال و أنواع الضغوط التي تمارس علي الصحافة والعراقيل والعقبات التي توضع في طريق الصحافة السودانية ، من التضيق الاقتصادي برفع أسعار مدخلات الانتاج الصحفي والضرائب والأتاوات المختلفة والتحكم في سوق الإعلان والتدخل المباشر في تحديد (ماينشر ومالاينشر) والملاحقات والمحاكم ... الخ.. وتخضع الصحافة السودانية لعدد من القواعد الصارمة المفروضة عليها من قبل الأجهزة الأمنية ، وتعقد الحكومة مؤتمراً قومياً للإعلام والصحف تصادر كل يوم وتمنع من التوزيع بعد الطباعة وأجهزة الإعلام الإلكترونية – الإذاعة والتلفزيون – تنحاز إلي حزب معين وأصبحت لسان حال الحزب الحاكم - ومنذ سنوات الصحافة السودانية تعاني بأمر السلطة الحاكمة ثم تدعو ذات السلطة الناس المناقشة مشاكل الإعلام . وترتبط الدعوة لمؤتمر الإعلام في أذهان الناس بدعوات الحوار التي ظلت الحكومة تدعو لها سنين عدداً دون أن تتغير الأفعال. وتعاني الصحافة السودانية من الأوضاع الاقتصادية المتردية في المؤسسات و من تدهور بيئة العمل جراء تدني المداخيل والضرائب المتعددة والمتنوعة التي تفرضها السلطات علي الصحف. وتعاني من الملاحقات القانونية للصحفيين الذين ينتقدون أداء المؤسسات الحكومية والزج بهم في السجون ومن التدخلات الحكومية المباشرة وغير المباشرة في سوق الإعلانات (المورد الرئيس)للدخل، وذلك بالتحكم في توزيع الاعلان حسب موقف الصحيفة من الحكومة وخطها التحريري. وتعاني من الرقابة الأمنية بكل أشكالها (القبلية والبعدية) والتي تتحول إلي رقابة ذاتية. [email protected]