الحديث عن أن سياسيات النظام القائم في السودان هي التي صنعت أزمة دارفور بشكلها الحالي ، وانها هي التي نقلت المشكلة من جهوية عادية إلى أزمة قومية ودولية ، كان دائما بين القبول والرفض ، وبين التصديق والتكذيب ، وكان يطرح معه العديد من التساؤلات ؟؟؟ عن من وراء الاخفاقات في التوصل الي حلول لأزمة دارفور ؟ والعقبات التي تقف امام تحقيق ذلك ؟ ثم التساؤل عن ماهي الاسباب وراء الاضطرابات والاخفقات التي اضعفت القوات الدولية المشتركة ( اليوناميد) عن تنفيذ مهامها ، ان " اليوناميد " تاخذ على عاتقها حماية المدنيين كمهمة اساسية ، كما أنها أيضا تقوم بمهام تحقيق الأمن للمساعدات الإنسانية وتأكيد ومراقبة تنفيذ الاتفاقيات والمساعدة في العملية السياسية الشاملة هناك ، بالإضافة إلى المساهمة في تعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون وذلك وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1769 ، و لكنها قد فشلت في تحقيق ذلك ، وظلت الحقيقة غائبة او يتم نفيها رغم ما اثبته الواقع ، ولكن كما يقال لابد للحقيقة ان تنجلي وان طال الزمن ، فقد كشفت د / عائشة البصري في مقابلة مطولة اجراها معها الاستاذ / كمال الصادق رئيس تحرير راديو " دبنقا " و نشر الجزء الأول في التاسع من شهر ابريل 2014م ، ان السبب الرئيسي لاستقالتها من منصبها العام الماضي كمتحدثة رسمية بإسم بعثة " اليوناميد " هو ان البعثة لا تريد ان تقول الحقيقة وتتستر على الجرائم التي ترتكبها قوات الحكومة والجنجويد التابعين رسميا للحكومة ، هذا الى جانب الجرائم الاخرى المرتكبة من الفصائل المتمردة ، ومجرمين آخرين في الاقليم . وقالت ان البعثة لا تريد ان تقول الحقيقة وصامته ، و قد كشفت عائشة البصري خلال حديثها ان السبب الرئيسي وراء فشل وضعف اليوناميد هو ان مجلس الأمن كان علي علم مسبق ان البعثة فاشلة قبل ان ترسل الى دارفور ، و ذلك لان مجلس الامن والاتحاد الافريقي ومنذ البداية رضخا لشروط الحكومة السودانية وهم على علم انها هي وجنجويدها من يعرقل و يحرق ويقصف القرى ويشرد ويقتل المدنيين في دارفور . واضافت قائلة ان ( الاخطر من ذلك ان الاتفاقية الدولية الموقعة بين الحكومة واليوناميد تنص على ان الحكومة هي المسؤولة عن حماية البعثة نفسها ) . فكيف لبعثة تأتي تحت حماية الحكومة ان تحمي نفسها ) وقالت عائشة ان البعثة تتعرض لهجومات عدائية وتحرشات طوال الوقت من طرف الحكومة وقواتها المفترض ان تقوم الحكومة هي بحمايتهم ) . واكدت عائشة ان مجلس الأمن يعلم ان البعثة ليس لديها القدرة على حماية (2) مليون نازح في دارفور ، دعك عن (7) ملايين شخص في دارفور . واكدت عائشة البصري ان المشكلة الكبري الآن تتمثل في عمليات التستر على مايجري في دارفور من قبل الاممالمتحدة وامينها العام وادارة حفظ السلام وبعض وكالات الاممالمتحدة العاملة في السودان ورؤساء بعثة اليوناميد منذ بدء المهة في دارفور . واكدت في هذا الخصوص ان التسترعلى الجريمة جريمة ، واشارت في ذلك الى ما اعلنه ردولف ادادا رئيس بعثة اليوناميد الاسبق من ان الحرب انتهى في دارفور ، في حين ان الحرب كانت مشتعلة ولم تنقطع في الاقليم . وقالت ان خلفه ابراهيم قمباري جاء وقال نفس الكلام وزاد عليه ان الاوضاع تحسنت والدارفورين يريدون الان التنمية والأموال ، وان السلام في الطريق لدارفور ، مشيرة الى ان كل تلك التصريحات كانت كاذبة و لا تعكس الواقع الحقيقي في الميدان بدارفور . واكدت د / عائشة البصري ان المشكلة تتمثل في ان البعثة وقادتها حتى الان لايقولون ما يرون ، ولا يقولون كذلك ان من وراء معظم جرائم دارفور الحكومة وقواتها الممثلة في الجنجويد الذين تم ادماجهم في القوات الحكومية منذ العام 2005 على اقل تقدير . وتابعت عائشة وهي تقول (البعثة عارفة وشايفة ان القوات الحكومية تقصف القري بأكملها ولاتفرق بين المدني وغير المدني ، و تقصف الجميع ولاتعتذر والبعثة صامته وخائفة من ان تطرد من قبل الحكومة المكلفة بحمايتها من دارفور ) . وكشفت عائشة انه في خلال العام 2012 قصفت سلاح الجو السوداني (6 10 ) مرة في دارفور ، و(85) في سنة 2013 ، وهذه الحقيقة الخطيرة كما تقول عائشة لم تظهر في تقارير بان كيمون الكاذبة ولا مرة واحدة . وكشفت عائشة كذلك ان التستر وصل في بعثة اليوناميد لدرجة ان تتسترعلى جرائم الحكومة وجنجويدها ضد قوات اليوناميد حفظة السلام انفسهم ) ، واضافت ان (الحكومة وقواتها تهاجم وتقتل قوات اليوناميد في دارفور ، ) . واضافت وهي تقول (اذا كانت البعثة غير صادقة لدرجة انها تخفي العمليات الوحشية ضد قواتها ، فما بالك بالهجومات التي تشن من قبل القوات الحكومية ضد اهل دارفور). وعبرت عائشة البصري عن اعتقادها ان بعثة اليوناميد ارسلت الى دارفور لتمويه الرأي العام العالمي ، وان مجلس الامن يقوم بمسؤولياته وللتخلص من ملف دارفور نفسه الذي لم يعد الآن يمثل أولويه لدى المجلس . ودعت عائشة اهل دارفور توجيه خطابهم الى مجلس الامن لانه هو المسؤول عن هذه البعثة وولايتها ومراجعة ادائها ، واشارت في هذا الخصوص الى قيام المجلس مؤخرا بعمل ما اسموه بمراجعة اداء بعثة اليوناميد ومنحت البعثة بموجب ذلك مدة سنة لتثبت انها جديرة بمهمة حماية المدنيين وهو يعلم اي مجلس الامن ان المهمة تستعصى على البعثة في شكلها الحالي . واشارت عائشة البصري في هذا الصدد الى كلام المندوبة الامريكية لدى الاممالمتحدة سيمنتا باور الذي قالت فيه ان البعثة يجب ان تكون اكثر حزما في ادائها وتسألت هنا عائشة البصري (كيف تطلبون من البعثة ان تكون اكثر حزما وانتم تعلمون - ان البعثة ليس لديها طائرة واحدة لرصد ما يجري في دارفور ) . واضافت قائلة (هنالك نفاق في مجلس الامن .. كفي كذبا على اهل دارفور ، مجلس الامن لم يكن يوما من الايام جاد في مسألة حماية المدنيين وهذه هي الحقيقية المؤلمة ) على حد كلام عائشة البصري . أذن فمن هو الذي سوف يتحمل مسؤولية هذة الحقيقة المؤلمة التي وضعتها د / عائشة البصري بين أيدي الرأي العام ؟ ومن الذي يردع ويعاقب هؤلاء المتسببين في تأزم الوضع باقليم دارفور وتداعياته علي كل السودان ؟ وما الذي خلف ابواب و داخل اداراج الاممالمتحدة ومجلس الامن مما جعلهما يسلكان هذا المسلك ؟ و في ظل هذا الواقع ماهو المصير الذي ينتظر أقليم دارفور ؟ وماذا سوف يحدث لشعب دارفور ؟ و هل بعد الواقع الحالي يمكن ان يتم إجراء ابرام سلام حقيقي وعام في دارفور ، و ما هو مفتاح السلام العادل الشامل في دارفور ؟؟ و هل الحكومة السودانية سوف تتخلي عن سياساتها التي تقف عقبة في سبيل الحل ؟ . ام علي الحكومة السودانية و الحركات المسلحة ايجاد وسائل اخري لايقاف الانتهكاكات التي تحدث لانسان دارفور ، وهل ان ما حدث ويحدث في دارفور يحتاج منا بعد الان الي برهان علي إخفاق الاممالمتحدة ومجلس الامن و نظام " الإنقاذ " ام كما قال عميد الصحافيين السودانيين الاستاذ / محجوب محمد صالح ان استحقاقات السلام العادل الشامل في دارفور تحتاج الي مرافعة قوية وأن نكبة السودان في كافة الملفات " في مجال الفكر – والحكم – الاقتصاد - والأمن " لا سيما جبهات الاحتراب ، والعلاقات الدولية مرتبطة ارتباطاً عضوياً بسياسات النظام ، ولا سبيل لحلها إلا في نطاق النظام الجديد بموجب خريطة طريق قومية على غرار (كوديسا) جنوب أفريقيا عام 1992م ، وأن اتفاقيتي أبوجا والدوحة لم تحققا السلام لغياب مطالب مشروعة أهمها تمثيل أهل دارفور في الرئاسة، وتعويض النازحين واللاجئين فرديا وجماعيا ، والنص على نصيب لدارفور في السلطة والثروة بحجم سكانها . فكيف أذن يمكن ايجاد حلول لازمة استفحلت ولاحلول جذرية تاتي من الداخل والخارج رغم وجود أزمة حقيقة في دارفور و أثرت علي جميع الأفاليم وتهدد الدولة السودانية بأكملها . [email protected]