تصدر الدكتور حسن عبد الله الترابى واجهة المشهد السياسى من جديد , وكما هو معروف لدى الجميع بترئسه لما يسمى بحزب المؤتمر الشعبى المنشق عن حزب المؤتمر الوطنى فى ما سمى وقتها -المفاصلة التى دارت أحداثها ما بين المنشية حيث يقطن الترابى ذاك الحى الراقى الذى يبين وبدون لبس الإنقسام ( الطبقى) فى سودان اليوم وصاحب القصر المنيف الذى اخرج الترابى من السلطة كما يخرج الميت من الحى وذلك بالتآمر مع تلامذة الشيخ الذين ذاقوا حلاوة السلطة وفى مسرحية تماثل تماما المسرح الشيكزبيرى ومؤامرات القصر كما فى رائعته ( Macbeth) ....وهذه المرة يعود بدافع الحفاظ على سلطة الأسلامويين فى السودان وبقوة دفع التنظيم العالمى لإخوان المسلمين وتحت رعاية قطر وذلك بسبب الحرب التى تشنها دول الخليج -والسعودية تمثل رأس الرمح فى حربها على الإسلام السياسى الذى يسعى لإبتلاع دول الخليج, وأيضا الأحداث فى مصر وفقدان الأخوانجية للسلطة بعد محاولاتهم الجادة للتمكين وأخونة الدولة – ولكن الشعب المصرى والمؤسسة العسكرية كانت لهم بالمرصاد وششتت شملهم. هذه الأحداث وحدها, اى الحراك الإقليمى والإصطفاف الجديد ضد الإسلام السياسى وحظز جماعة الإخوان المسلمين فى السعودية ومصر هما ما جعل زعيم حزب المؤتمر الشعبى يسرع الخطى للتقارب مع المؤتمر الوطنى ومتناسيا المرارات التى تجرعها على ايدى تلاميذه الذين باعوه مع أول منعطف وإلتحقا للتمرغ فى نعيم السلطة والتمتع بالإمتيازات جميها التى توفرها السلطة. ولو لم يكن الشعب السودانى ( طيب) والقوى التقليدية تريد الإلتحاق بالسلطة والتى إفتقدها لزمان طويل, لكان على الترابى تقديم إعتذار للشعب السودانى لانه هو عراب النظام وهو الذى قام بالتنظير والتدبير لإنقلاب يونيو 89 الذى أضاع البلاد وساق شباب فى مقتبل العمر وفى عمر الزهورالى محرقة الحرب – ومازال وهم لم يكملوا تعليهم بعد تحت دعاوى وخرافات الجهاد والحور العين ...وجاء بعد ( أنتشلت) منه السلطة وقال هؤلاء ( اى من ماتوا فى الجنوب) يعدون ( فطايس) فى ندوة شهيرة ومحضورة فى بحرى بشمبات. ولم يقف الامر عند هذا الحد, فالترابى هو المسئول الاول والاخير عن إنفصال الجنوب لانه هو وحده من أدخل مصطلح الحرب الدينية ( الجهاد) فى حرب ذات طابع سياسى, فالجنوبيين لم يقاتلوننا فى ( ديننا) بل طالبوا بعدم سيطرة وهيمنة النخبة النهرية وناديها على الجنوب – بل الراحل المقيم الدكتور جون لله دره تقدم بمشروع وحدودى ووطنى قائم على المساواة فى الحقوق والواجبات ولكن لان نادى النخبة النيلية يريد الحفاظ على الإمتيازات السياسية والإقتصادية ومن ثم قام برفضه تحت دعاوى النقاء العرقى والإستعلاء الدينى ولم يقدم عربونا للوحدة! وكل هذا ويأتى الترابى ليحدثا عن الحوار الوطنى وكأنما المؤتمر الوطنى غير من جلده ودونكم فساد مكتب والى الخرطوم ( ولا شنو يا كمال عمر) ( سبحان الله مغير الحال من حال الى حال) فكيف يكون هنالك حوار والحزب الحاكم مهمين على كل مقدرات البلاد الإقتصادية, وكيف يكون هنالك حوار وجهاز الأمن لديه سلطات مطلقة لإعتقال وبدون إبداء اى أسباب؟؟ وكيف يكون هنالك حوار والرئيس هو من يعطى الحريات ويحدد أين تقيم الإحزاب ندواتها السياسية, داخل دورها أم خارجها؟ ومنذ متى كانت الحريات تعطى من قبل الأنظمة الشمولية والدولة البوليسية من لدن الحجاج بن يوسف مرورا بصدام حسين والقذافى وحسنى مبارك؟ فالذى يعطى بإمكانه الاخذ- وتلك صفات المولى عز وجل لانه هو الذى يعطى ويمنع ( THE LORD GIVES AND THE LORD TAKES) – اما فى عالم السياسية فالشعوب هى التى ترسم معالم التغيير بدمائها ومقدرتها على التضحية والبذل والعطاء من أجل الحرية والكرامة الإنسانية- وأما حكاية أهل الحل والعقد تلك لا تنتج جنينا صحيا, بل مشوه المعالم والقسمات – وهو ما يعد إنتاج لازمة التى تتطاول أمدها وهى فى غاية التعقيد وخصوصا بعد فشل تجربة الأسلام السياسى – وأينما نظرت سوف تجد البؤس والدمار الذى طال المشاريع الزراعية والصحة والتعليم والفساد الذى طال كل مرافق الدولة وانتهت حرمة المال العام – وفساد مكتب الوالى يعد ) THE TIP OF THE ICEBERG) أى هذا ما ظهر من قمة جبل الجليد – فهنالك فساد رجالات الدولة الكبار اوىىىىىىىىىىى ( ولا كبير الا الله) وهؤلاء وغيرهم سوف يقفون ( ألف احمر) فى وجه أى تغيير قادم ....فماذا أنتم فاعلون يا أهل الوثبة...وفى فقه الإسلام بتاع المصالح والدنيا ( المال مال الله وهم أوصياء عليه) اولم يقل صغيرهم ( عقلا وعمرا) حاج ماجد سوار أن من يتعدى على المال العام من عضويتا سوف نقوم بتحفيظه سورة من سور القرآن....متناسيا وضاربا بعرض الحائط ( والله لو سرقت فاطمة بنت محمد , لقطع محمد يدها)!! خلاصة القول, هنالك المصالح المشتركة التى تدفع بقادة الأحزاب السياسية (الصادق – الميرغنى طبعا إلتحق بالسلطة باكرا وتناسى سلم تسلم) فبعض قادة القوى التقليدية وخصوصا لا تحتمل الوجود خارج السلطة وطويلا وهى جزء من جماعات المصالح ورأس المال الطفيلى الذى يعمل فى مجالات التجارة ( دولار- سمسرة عقارات وعربات) وما تبقى من الزراعة فى شكلها التقليدى والحديث- وتلك القوى مثلها مثل السمكة لا تحتمل الإنتظار والوقوف بعيدا عن السلطة وخصوصا أن جماعات الأسلام السياسى شنت عليها حربا لا هوادة فيها حتى أجبرتها على الإلتحاق بالسلطة المغتصبة بحد السيف والمال- فكيف بالله خبرونى لحزب يدعى الديمقراطية مثل حزب الأمة يستلم مال من نظام قمعى وديكتاتورى تحت دعاوى التعويض وبعيدا عن الأسس الديمقراطية وحتى محاكم الإنقاذ المشكوك فى نزاهتها وحياديتها ومن تحت الطربيزة ( راجع حوار ضياء الدين بلال مع الصادق المهدى) مما جعل فاتية النظام حسين خوجلى يتندر على الصادق المهدى مطالبا إياه بكشف حساب لجملة المال المستلم والمتبقى ( أهو 49 مليار ام كم) برضو تقول لى أجندة وطنية وديمقراطية يا حزب الأمة!! فكيف لرئيس حزب ديمقراطى يستلم مال مخلوط بدماء المهمشون وأتاوات النظام وبعيدا حتى عن محاكم النظام التى لدينا تحفظات عليها وفى عدالتها المشكوك فيها وبعيدا عن جماهير حزب الامة- وما الفرق بينها وبين رشوة قوات الدعم السريع الذى هو أسم الدلع للجنجويد....عزيزى المواطن الوطن صار كله جنجويدا!! وما الذى يعوض أهالى الضحايا فى دارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة وشهداء هبة سبتمر؟؟ وما الذى يعوض الشعب السودانى عن سنوات الحرمان والفقر والبؤس وتشريد الأسر وضياع الأبناء؟؟؟ أما الترابى فدوافعه معروفة للقاصى والدانى كما أوضحنا – وتنظيم الأخوان المسلمين العالمى ومن خلفه وأمامه دويلة قطر وأموالها هما اللذان سوف يسرعان بعودة الشيخ من جديد لتوحيد الحركة الإسلامية وحتى أهل القبلة...وهذا كله بالطبع لا يسهم فى حل الأزمة الوطنية التى تتطاول أمدها فى تجليتها الإقتصادية والسياسية ومجمل أوضاع حقوق الإنسان فى سودان اليوم التى هى فى غاية الرداءة ...وحتى لو توصل غردون فى أديس أبابا لإتفاق سلام مع الحركة الشعبية شمال وتحت ضغط المجتمع سوف لن يعجل بحلحلة الأزمة الوطنية الشاملة والتى تحتاج الى إرادة سياسية من قبل الحزب الحاكم تنهى الفساد وتقطع دابر المفسدين وترجع الحقوق الى أصحابها وتضع البلاد فى طريق التطور الديمقراطى الصحيح وهذا لا يكون بدون مشاركة الجميع وفى مؤتمر قومى دستورى بعيدا عن هيمنة المشير البشير وحزبه الحاكم ودعوة كل ال( STAKEHOLDERS) اى كل الفاعليين وأصحاب المصلحة فى التغيير وعمل مصالحة شاملة تضمد الجراحات الأجتماعية وترتق النسيج الإجتماعى الذى دمره اصحاب المشروع الحضارى جداااااااااااااااااااااا. [email protected]