وكأن المشهد المصري على موعد دائم مع الجدل والأزمات المتتالية، إذ توترت مؤخرًا علاقة القاهرة مع الخرطوم، على خلفية إعلان الأخيرة، عن الدفع بقوة جديدة من الفرقة «101» مشاة البحرية، لتتسلم مواقعها في منطقة «حلايب»، فضلاً عن التصريحات التي أثارت غضب الشارع المصري، والتي أطلقها السفير السوداني بالقاهرة أحمد العربي، والتي زعم فيها أن حلايب أرض سودانية. لماذا هذه الأزمة الآن، وقبيل أيام من الانتهاء من ثاني وأهم خطوات خارطة الطريق والمتعلقة بالانتخابات الرئاسية المصرية؟، سؤال يتردد على ألسنة الشارع المصري، وسط إدانة لأطراف دولية بمحاولة إثارة الأوضاع في المنطقة، وإحاطة القاهرة بالمزيد من الأزمات، في محاولة لمنع إتمام الانتخابات الرئاسية. الدور الأميركي ويؤكد خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية سعيد اللاوندي، والذي أشار في تصريحات خاصة ل«البيان» من القاهرة، إلى أن الغرب خاصة الولاياتالمتحدة الأميركية، يقوم باستغلال انشغال الشارع المصري في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها يومي 26 و27 مايو الجاري، داخل مصر، ووضع العراقيل أمام السلطات المصرية، وبالتالي يصبح من السهل جدًا معرفة لماذا هذه الأزمة في هذا التوقيت على وجه الخصوص. وأضاف: «أميركا هي من تقف وراء تلك الأزمة بشكل مباشر، لأنها لا تريد لوزير الدفاع السابق المرشح الرئاسي المشير عبد الفتاح السيسي أن يكون رئيسًا لمصر وأن يصل لسدة الحكم، وبالتالي فكلما نجحت مصر في حل أزمة، تلاحقها أميركا والغرب بأزمة مفتعلة أخرى من أجل عرقلة إجراء الانتخابات الرئاسية». وأوضح أن الدبلوماسية المصرية عليها أن تلتزم الهدوء التام، قائلاً: «لا نريد أن ندخل في صراع ضد السودان في هذا التوقيت، لأن السودان عمق استراتيجي لمصر، وعلى الخارجية أن تدرك ذلك الأمر جيدًا». خلاف وفي الوقت الذي أكدت فيه الخارجية المصرية على أن «حلايب وشلاتين» أرض مصرية خالصة، وذلك وفق تأكيدات الناطق باسم الخارجية السفير بدر عبد العاطي، عمّق حاكم ولاية البحر الأحمر محمد طاهر، من المشكلة الواقعة مع بلاده ومصر، إذ أوضح أن «وجود القوات المسلحة السودانية في المنطقة يعبر عن السيادة السودانية عليها»، بينما أكد أهالي حلايب المصرية على أن تلك القوات موجودة منذ العام 1995، وأن ما حدث هو عملية تبديل للقوات التي لا يتجاوز عددها 25 جنديًا، ولا يسمح لهم بالتحرك، وكذلك ليس لهم أي نفوذ. وبحسب مراقبين، فإن الاتفاقية التي وقعت بين الجانب المصري والسوداني فور عودة «حلايب وشلاتين» لمصر، عقب أن كانت تحت الإدارة السودانية، نصت على السماح ببقاء تلك العناصر، بينما السيادة المصرية متواجدة على هذه المنطقة بصورة كاملة. إجراء اعتيادي وفي السياق، أشار الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء أركان حرب محمد علي بلال، في تصريحات خاصة ل«البيان» إلى أن المسألة حتى الآن هي «إجراء اعتيادي» من السودان، والتي تقوم بتأمين حدودها مع حلايب، وبالتالي فهي لم تحتل جزءاً من الأراضي المصرية بعد، وكان هناك اتفاق سابق بين السودان ومصر على تأمين الحدود مع حلايب وبالتالي فلا يوجد داع للقلق. وتابع: «وفي حال قامت القوات السودانية بالفعل باقتحام حلايب المصرية، فعلى الفور سوف يتم التصدي لها من جانب قوات الجيش المصري، لأن هناك قوات مرابطة على الحدود المصرية هناك ولن تسمح بالمساس بجزء من الأراضي المصرية». سد النهضة أكد الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية السفير بدر عبد العاطي امس أن مصر مع التفاوض الجاد في موضوع سد النهضة الإثيوبي. وقال عبدالعاطي، في مؤتمر صحفي امس: إن هناك تحركاً من العديد من الأطراف الإقليمية والدولية بشأن هذا الموضوع، مشيراً إلى أن وزير الخارجية نبيل فهمى أثار هذا الموضوع مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال زيارته الأخيرة لواشنطن قبل توجهه إلى اديس ابابا وقد نقل كيري الرؤية المصرية وأهمية تحقيق مبدأ المكسب للجميع وضرورة التفاوض الجاد.