جوبا (السودان) (رويترز) - أدار أتيم دوت مفتاحا لتدب الحياة في أول مطبعة حديثه للصحف في جنوب السودان لتبعث أملا حذرا في نيل وسائل الاعلام حريات جديدة فيما يتوقع أن تكون أحدث دولة افريقية. واختارت الأغلبية من سكان الجنوب الغني بالنفط اعلان الاستقلال عن الشمال في الاستفتاء الذي جرى العام الحالي حسب النتائج الأولية. والآن يريد الصحفيون في جنوب السودان أن يحرروا أنفسهم من عقود من القيود على النشر التي فرضتها الحكومة الشمالية فضلا عن قرارات اغلاق وأحكام بالسجن. وحتى يناير كانون الثاني كانت جميع الصحف في السودان تقريبا تطبع في الخرطوم حيث يفرض على الناشرين الالتزام بقوانين الاحتشام الاسلامية وتفتيش من ان لآخر من جانب أجهزة الامن الوطني. وكانت النسخ تنقل عن طريق الجو او بالشاحنات للمدن الأخرى. وخرجت صحيفة سيتزن اليومية التي تصدر في جنوب السودان عن الطوق وأنشأت مطبعة خاصة بها في التاسع من يناير كانون الثاني وهو نفس اليوم الذي بدأ فيه الاقتراع في استفتاء الانفصال واستمر أسبوعا. وقال دوت مدير تحرير نسخة الصحيفة "كان طبع الصحيفة في ذلك اليوم عملا رمزيا. لم يكن يرمز لاستقلال سيتزن فحسب بل لاستقلال الجنوب. "كنت متحمسا حين بدأ الطبع.. ستسير الصحف الاخرى على نفس الدرب. اتوقع ان تطلب صحف أخرى الطباعة في المطبعة حين تكتمل الطباعة الملونة." واكد جوزيف لاجو من قدامي المحاربين في جنوب السودان انها أول مطبعة صحفية في المنطقة وقال لرويترز "انه انجاز ضخم." وجمعت سيتزن أموالا لشراء المطبعة بمبلغ 480 ألف دولار وساعد مانحون غربيون في دفع ثمن مولد للكهرباء. وكان للتغيير تأثيره وتنوي الصحيفة زيادة دخلها بنشر اعلانات عن البيرة وهو عمل غير قانوني في الشمال ونشرت موضوعات سياسية اكثر جرأة بصفة خاصة عن منطقة دارفور الغربية التي تمزقها الحرب وهو من المحظورات في الشمال وذلك منذ بدء طباعة الصحيفة في الجنوب. وبالنسبة لدوت فانه تغيير منعش خروجا عن القيود التي فرضتها الخرطوم. وتابع "بعيدا عن الرقابة الحكومية كانت ثمة رقابة ذاتية من الصحفيين انفسهم في الشمال لانهم يشعرون انه يمكن القبض عليهم. يفهمون نظام الخرطوم." وامتزج شعوره بالتفاؤل بحالة من الحذر اذ ان سجل الجنوب ابعد ما يكون عن الكمال فيما يتعلق بحماية حرية بوسائل الاعلام على مدار السنوات التي تمتع فيها بحكم شبه ذاتي. وذكر صحفيون انهم تعرضوا لمضايقات واعتقلوا خلال الانتخابات الوطنية في العام الماضي وخلال فترات أخرى من التوترات السياسية. وقال دوت ان ضابط امن في الجنوب هدد باعتقاله بعدما نشرت الصحيفة مقالات تنتقد أحد المرشحين لمنصب محافظ ولاية. ويقلق الصحفيون ان قادة الجنوب لم يصدروا قانونا خاصا بوسائل الاعلام بعد ليظلوا بدون أي حماية قانونية قوية. وقال دوت "خلال الانتخابات خلصت لرأي بان الاعلام لن يكون حرا كما كنا نعتقد في الجنوب." وذكر نيال بول رئيس تحرير سيتزن ان الصحفيين غير سعداء بالقيود التي يفرضها مشروع قانون خاصة بنشر أنباء عن فساد حكومة الجنوب والذي استشرى في الجنوب منذ تشكيل الحكومة في عام 2005 . واقترح قانون وسائل الاعلام لاول مرة في 2006 وقال بول ان لا يتوقع ان يصدر قريبا في ظل الخلاف بشأن الحصول على معلومات عامة. وقال بول "الغوا (المادة) المتعلقة باعادة فحص المؤسسات الخاصة والعامة. نحن نعارض ذلك." واغلقت قوات الامن الجنوبية لوقت قصير محطة راديو باخيتا اف.ام الكاثولكية ومقرها جوبا في مارس اذار2010 واعتقلت مديرة الراديو الاخت سيسيليا سييرا. وقالت سييرا "ليس لدينا قوانين خاصة بوسائل الاعلام لذا يمكن لاي شخص ان يأتي ويقول انك تنتهك اللوائح وانت لا تعلم ماهي اللوائح . اذا كان ثمة تدخل الان اشعر بانه سيزداد لاحقا." وتتصل بها أجهزة الامن منذ ذلك الحين وزار ضباط المحطة مرتين في يناير للشكوى من المضمون السياسي للبرامج. وأضافت انها تلقت في الايام الاخيرة خطابا وصف بأنه دعوة لحضور اجتماع مع جهاز أمني لم يتضمن أي تفسير آخر. وتقول سييرا انه ينطوي على تحسن مقارنة بالقبض عليها في العام الماضي. وتابعت "اثق بهذا الاجتماع. حقيقة تسلمي خطاب تشير الى تحسن بالفعل. في المرة السابقة قاموا بزيارتي ولم أتلق خطابا وهو مؤشر ايجابي