شهدت جماهير كرة القدم في هذا العام واحداً من أفضل مواسم الليجا الإسبانية في العقد الأخير خاصة أنه خالف جميع المواسم الماضية التي انحصر فيها السباق بين برشلونة وريال مدريد ليحققه أتليتيكو مدريد هذه المرة لأول منذ عام 1996. بالتأكيد تفاجئ الجميع بمستوى الكرة الإسبانية المتطور بشكل ملحوظ سواء محلياً أو أوروبيا لكثير من الأندية بخلاف البرسا والريال. فالدوري الإسباني حصل على كثير من الألقاب "السيئة" التي وصفت حالته "المملة" حيث لقب بدوري "توم وجيري" نسبة للصراع المستمر بين برشلونة وريال مدريد فقط ودوري "المباراة الواحدة" وما غير ذلك، وهذا يأتي بسبب ضعف مستوى الأندية المنافسة للقطبين وانحدارهم بشكل مخيف مما جعل الأمر أشبه بتدريبات طوال الموسم بالنسبة للفريق الكتالوني أو غريمه الملكي. وحاولت بعض الأندية في السنوات الماضية الصمود قليلاً أمام القوة المفرطة للبرسا والريال، مثل إشبيلية وفالنسيا وأتليتك بيلباو وأتليتيكو مدريد ولكن دون جدوى لأن الأمر كان أشبه بالمعجزة الاستثنائية. إلا أن أخيراً وبعد طول انتظار.. تحققت المعجزة الاستثنائية ونجح فريق آخر في التتويج بلقب الليجا والصمود في وجه العملاقين برشلونة والريال وتقديم موسم تاريخي بكل ما تحمله الكلمة من معنى. دييجو سيميوني قاد أتليتيكو مدريد لدخول التاريخ من أوسع أبوابه بعد موسم استثنائي لن يتكرر إلا بتحقيق معجزة أخرى، فالأتليتي لم يتصدر الدوري الإسباني فحسب ولكنه وصل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا مطيحاً ببرشلونة نفسه من ربع النهائي ومن تشيلسي مورينيو في نصف النهائي ليصبح منافساً على لقبي الدوري والشامبيونزليج على حساب كبيري إسبانيا برشلونة والريال. ما قدمه سيميوني مع الأتليتي منذ التحاقه بالفريق جنى ثماره في هذا الموسم بعد أن كافح وعانى الكثير من أجل بناء فريق قوي استطاع به تحدي البرسا والريال ليس في هذا الموسم فقط ولكن من الموسم الماضي بالتحديد بعدما استطاع أتليتيكو مدريد خطف كأس ملك إسبانيا من ملعب السانتياجو برنابيو من غريم مدينته ريال مدريد. استفادت الكرة الإسبانية بشكل كبير من الذي قام به سيميوني مع الأتليتي حيث أنه أضفى متعة وإثارة غير مسبوقة في الليجا الإسبانية وأشعل الصراع على اللقب وساهم أيضا في تطوير المسابقة التي بالفعل ساعدت إشبيلية لتحقيق لقب اليوروباليج أو الدوري هذا الموسم وصعود فالنسيا إلى نصف النهائي لتهيمن الكرة الإسبانية بالكامل على عرش الكرة الأوروبية. فالتراجع الإيطالي ما زال مستمر منذ فترة طويلة والسيطرة الألمانية في 2013 تلاشت هذا العام بسقوط البايرن أمام الريال، والإخفاق الإنجليزي استمر للعام الثاني على التوالي في ظل تراجع يونايتد وقلة خبرة سيتي وعدم تواجد ليفربول وضعف آرسنال و"نحس" مورينيو مع تشيلسي في دوري الأبطال. جميع هذه العوامل أدت إلى التفوق الكاسح للكرة الإسبانية الذي يعود الفضل فيه بشكل كبير إلى فريق أتليتيكو الذي خلق كياناً جديداً لليجا الإسبانية. ولكن.. ماذا بعد هذه الملحمة؟ ماذا سيحدث في الموسم المقبل؟ كيف يصمد أتليتي في وجه الريال المنتشي بلقب الأبطال وبرشلونة "الثائر" للعودة من جديد لسابق عهده؟ وكيف سيكون موقف البطولات الأخرى؟ الواقع يقول.. أن رغم الموسم الاستثنائي الذي قدمته الليجا الإسبانية هذا الموسم لمتابعي كرة القدم فأن الدوري الإنجليزي كان متفوقاً أيضاً هذا العام ومثل كل عام، حيث تنافس على اللقب 4 أندية حتى آخر 10 جولات من المسابقة لينحصر السباق على 3 فرق ومن ثم تحديد البطل في المباراة الأخيرة. موسم البريميرليج هذا العام الذي لقبه البعض من بين أقوى المواسم في العقد الأخير جاء في الوقت الذي تراجع فيه مانشستر يونايتد عن مستواه بعد رحيل السير ومر بمرحلة من الترنح الشديد والأمر نفسه لتوتنهام الذي عانى كثيرا برحيل جوهرته الويلزية جاريث بيل. للآسف ولأن الجماهير غير معتادة على جنون الليجا الإسبانية الذي شهدناه في الموسم المنصرم بات الدوري الإسباني هو الأفضل والأقوى والأمتع في الوقت الذي قدم الدوري الإنجليزي موسما استثنائيا في المتعة الكروية برغم غياب الشياطين الحمر والسبيرز اللندني، ومع ذلك لم يحظ بإشادة الإسباني. ولا نريد أن نبخس حق أي دوري من الاثنين لأن كلاهما كان أكثر من رائع في هذا الموسم ولكن الأمر هنا يتلخص في الاستمرارية.. ما حدث في الليجا الإسبانية هذا الموسم يحدث كل موسم وربما أقوى في البريميرليج والسؤال هل تحافظ الليجا الإسبانية على مستواها ورونقها في الموسم المقبل أم تعود الهيمنة الإنجليزية محلياً وأوروبيا من جديد بعد عاميين من الراحة؟ فإذا نظرنا لأتليتيكو الذي أصبح مطمعا لجميع الأندية الأوروبية الكبيرة، سنرى أن دييجو كوستا في طريقه للرحيل إلى تشيلسي وربما كوكى الذي يتنافس عليه الكثيرون هذا بجانب ميراندا وفيليبي لويس المرتبطان بالعديد من الأندية وعلى رأسهم برشلونة والريال. في المقابل.. تسلح مانشستر يونايتد بمدربه الهولندي الجديد لويس فان جال الذي من المؤكد أنه سيقدم موسما أفضل بكثير من سابقه ديفيد مويس في رحلة استعادة هيبته الشياطين الحمر والأمر نفسه لتوتنهام الذي استعان بالأنيق بوكيتينو الذي يستطيع أن يقدم موسما رائعا مع السبيرز توتنهام بصفقاته الجديدة غير المستغلة، فيما يجهز مورينيو للكشف عن فريقه "المرعب" الجديد بعد إبرام الصفقات الصيفية للمنافسة بكل قوة على لقبي الدوري والشامبيونز في الموسم المقبل، وحماس آرسين فينجر للصرف من جديد مع آرسنال بعد تحقيق كأس الاتحاد الإنجليزي ورغبة بيليجريني في نجاح سيتي أوروبيا على غرار الدوري وأخيراً طموح ليفربول في استمرار تطور الفريق أكثر وأكثر تحت قيادة رودجرز وبقاء سواريز للدخول بقوة في دوري الأبطال والمنافسة من جديد على لقب البريميرليج... فهل هناك مجال للمقارنة بين البريميرليج والليجا الإسبانية في الموسم المقبل؟ هل تتكرر تجربة سيميوني والأتليتي في أندية إسبانية أخرى الموسم المقبل ونرى صراعات جديدة أم أن هذه هى النهاية السعيدة للهيمنة الإسبانية هذا يوروسبورت