تواصلت حالة الهلع والهستيريا التي انتابت حزب البشير وجهاز امنه، على خلفية الوثائق التي نشرتها صحيفة (الصيحة) حول فساد عدد من رموز النظام على رأسهم وكيل وزارة العدل الحالي ومدير الاراضي السابق عصام عبد القادر، المتهم بالاستيلاء على (10) قطع اراضي ابان توليه منصب المدير في الفترة من العام 2002م وحتى العام 2012م. وعلمت (الراكوبة) ان جهاز امن البشير قام باعتقال نائب ومساعد مدير الاراضي الحالي، تحت زريعة تورطهما في تسريب الوثائق الخاصة بفساد وكيل وزارة العدل الى صحيفة (الصيحة)، وذلك بعد يومين من توقيف ثلاثة من صغار الموظفين بمصلحة الاراضي، هم (صالح كوران وعبد القيوم عمر وامجد الطيب) وإخضاعهم الى التعذيب النفسي من اجل الحصول على إقرار بضلوعهم في تسريب مستندات فساد الوكيل. وبدلا من ان ينخرط في تقديم المتورطين في الفساد الى العدالة، بذل جهاز امن البشير مجهودات جبارة لمعرفة الاشخاص الذين قاموا بتسريب الوثائق التي نشرتها (الصيحة) بما في ذلك الخاصة بقضية فساد عبد الله البشير (شقيق السفاح)، ووزير الاعلام احمد بلال عثمان التي نشرتها (الصيحة) عن تورطهما في استيراد ادوية منتهية الصلاحية، كلفت الخزينة العامة للدولة (150) مليون دولار، ابان تولي الاخير منصب وزير الصحة. وهو الامر الذي جعل احمد بلال يتولى كبر الحملة الممنهجة ضد صحيفة (الصيحة)، لدرجة انه قال للصحافيين في البرلمان "نحن وقفنا الصيحة وسوف نقوم بايقاف غيرها". ولم تنحصر رحلة البحث عن المصدر الذي سرب المستندات لصحيفة (الصيحة) في مصلحة الاراضي فقط، بل تعدتها الى إقتحام قوة من نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة لمباني الصحيفة، بقيادة رئيس النيابة ياسر احمد محمد ووكيل نيابة الصحافة عوض البلة الذي تربطه صلة قرابة وإنتماء جغرافي بوكيل وزارة العدل المتهم بالاستيلاء على الاراضي عن طريق استغلال سلطاته كمدير للاراضي. وتعد حادثة اقتحام مباني صحيفة (الصيحة) من قبل القوة الامنية التابعة لنيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة، خروجا صريحا على الثوابت العدلية، وقفزا صارخا فوق القانون، وسابقة خطيرة مكنّت نيابة امن الدولة من الاستيلاء على المستندات التي بحوزة الصحيفة والخاصة بكل قضايا الفساد التي فجرتها (الصيحة) خلال سبعين يوما، والبالغة (20) قضية فساد، مسنودة بثلاثة وخمسين وثيقة رسمية تدعم ما تنشره الصحيفة من ادعاء بوجود فساد في بنية الدولة ونظام البشير. ويرى خبراء قانونيون تحدثوا ل (الراكوبة) ان استيلاء نيابة امن الدولة على مستندات (الصيحة) بالقوة الجبرية، يفقد الصحيفة حجتها في الدفاع عن موقفها القانوني في ما نشرته من قضايا الفساد، حال تواصلت الاجراءات القضائية لاحقا. ومعلوم ان نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة دونت بلاغا في مواجهة رئيس تحرير (الصيحة) الدكتور ياسر محجوب تحت المادة (55) من القانون الجنائي التي تحظر على الاشخاص تداول او الحصول على المستندات الخاصة بالدولة، بما في ذلك الصحافيين، لكن رئيس تحرير تمسك بان صحيفته نشرت شهادات بحث خاصة بالاراضي المملوكة لوكيل وزارة العدل وليس بالاراضي المملوكة للدولة، وهذا ينفي ان تكون الوثائق تخص الدولة وانها تخص شخص الوكيل. وعلمت (الراكوبة) ان محجوب استهجن تطويع القانون لخدمة اشخاص تحت زرائع انهم يمثلون الدولة. وكانت السلطات الامنية بدأت الحملة الممنهجة التي تتعرض لها صحيفة (الصيحة) المملوكة للخال الرئاسي الطيب مصطفى، عقب يومين من صدور الصحيفة في العاشر من مارس الماضي، وبحسب بيان صادر عن صحافيي (الصيحة) فان جهاز امن البشير قام بايقاف الكتاب محمد عبد الماجد عن الكتابة بعد مقالين فقط كتبهما بالصحيفة، قبل ان يقوم جهاز امن البشير بمصادرة العدد رقم (14) من الصحيفة في يوم (23) مارس، كاسرع حالة مصادرة تتعرض لها صحيفة سودانية، قبل ان يقوم جهاز امن البشير بتعليق صدور الصحيفة الى اجل غير مسمى في زمن قياسي لم يتجاوز العدد السبعين. وتعرض رئيس تحرير الصحيفة الى اعتقال وحشي من قبل قوة امنية تتبع لنيابة الاراضي، وتم الزج به في السجن رفقة مدير تحرير (الصيحة) احمد يوسف التاي، ولم يسمح لهما الخروج بالضمان الا بعد مضي اكثر من ثمانية ساعات، وتحديدا بعد ان تم تدوين البلاغ الرابع في مواجهتهما بنيابة الاراضي من قبل وكيل وزارة العدل عصام عبد القادر، الذي سبق ان قام بتدوين بلاغين في مواجهة الصحيفة. وكانت الصحيفة قد نشرت في حلقات فساد مفوضية نزع السلاح المتهم فيه المفوض سلاف الدين صالح، واتبعت ذلك بازاحة النقاب عن تورط شقيق البشير ووزير الاعلام احمد بلال في استيراد ادوية فاسدة من خلال شركة وهمية وغير مسجلة ولا وجود لها في اراض الواقع، وهي الصفقة التي كلفت الخزانة العام (150 مليون دولار). اعقب ذلك نشر فساد وكيل الاراضي ومدير المساحة بمصلحة الاراضي الذي اكدت الصحيفة انه يمتلك اكثر من عشر قطع اراضي في مواقع مميزة، بجانب بكشف حالات فساد تخص معتمد ابو حمد، فضلا عن تورط احدي شركات معاوية البرير في استيراد قمح فاسد والشروع في توزيعه. وكانت الصحيفة قد تجرأت ونشرت في عددها الاول خبر إلقاء القبض على شقيق نافع (البلال علي نافع) بعد ان تهيبت الصحف الاخرى نشر الخبر الذي كان مبذولا ومتاحا، بعد ان اكدت النيابة تهمة تعذيب ومقتل الراعي (عطا المنان) الذي مات متأثرا بالتعذيب الوحشي وفقا لتقرير الطبيب.