سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«كشري التحرير».. الاختيار الأول للمتظاهرين في الميدان..ترحيب أوروبي بقرار مبارك «الشجاع».. بان كي مون يدعو لانتخابات حرة نزيهة.. وإسرائيل تأمل في فترة انتقالية هادئة.. وتركيا تهنئ
على غرار شعارات القنوات الفضائية، يتندر أحد الشباب المصري المتظاهر بميدان التحرير وهو يشير بيده إلى ذلك مطعم: «كشري التحرير.. مش حتقدر تحط رجلك»، في إشارة منه إلى الزحام الذي يشهده المطعم. قال ذلك بينما كان يمسك في يده الأخرى علبة «كشري» كان أحضرها لتوه منه. تعد سلسلة مطاعم «كشري التحرير» من أشهر المطاعم التي تقدم الوجبة الشعبية الأشهر في مصر، ويعد فرع «باب اللوق» الذي يقع على بعد خطوات من ميدان التحرير هو ملاذ المتظاهرين والمعتصمين في الميدان منذ يوم 25 يناير الماضي، فهو مقصدهم الأول لتناول وجبة من الكشري تسد جوعهم، وتساعدهم على مواصلة التظاهر. أمام المطعم يقف المتظاهرون في طوابير طويلة، تضم العشرات من المعتصمين، في ظل آلاف المواطنين الذين يتوافدون يوميا على ميدان التحرير للتظاهر، ينتظرون دورهم في الحصول على علبة كشري بنظام ال«تيك أواي» لا يزيد سعرها على 5 جنيهات، أو الجلوس على إحدى الطاولات التي يضمها المطعم لطلب «طبق كشري» يختلف سعره حسب حجمه، حيث يتراوح بين 4 جنيهات و15 جنيها. الزحام أمام المطعم يبدأ مع أذان الظهر، ويستمر كذلك حتى ساعات متأخرة بعد انتصاف ليل القاهرة، حيث يفضل المتظاهرون أن يكون الكشري هو وجبة الغداء أو العشاء بالنسبة لهم وليس في الصباح، كونه وجبة دسمة، لما يضمه من الأرز والمعكرونة والعدس غير المقشر «أبو جبة» والحمص والبصل المقلي وصلصة الطماطم والتوابل السائلة «الدَقة والشطة».. هو إذن خلطة شعبية تشبه بامتياز خلطة ائتلاف ثورة الشباب بالميدان نفسه. «رغم تعدد الباعة الجائلين الذين ينتشرون وسط المتظاهرين وهم يحملون علب الكشري مختلفة الحجم لبيعها لهم، بعد أن جاءوا بها من مطاعم مختلفة تتخصص في تقديم الكشري، فإن غالبية المتظاهرين يتجاهلون ذلك ويفضلون (كشري التحرير)»، هذا ما يقوله الشاب محمد حسين (26 عاما)، أحد المتظاهرين بالميدان، موضحا أن الكشري الذي يتناوله في هذا المطعم تحديدا يكون له طعم لذيذ بخلاف ما تقدمه المطاعم الأخرى، ويضيف: «برأيي أن الإقبال على هذا المطعم تحديدا لأن اسمه (التحرير) يناسب الميدان الذي نتخذ منه مكانا لاعتصامنا». «لا بديل عن الكشري في ظل هذه الظروف»، هذا ما تقوله دعاء أحمد (25 سنة)، التي كانت تأخذ دورها في الطابور الواقف أمام المطعم برفقة زميلاتها المتظاهرات في انتظار خلو إحدى الطاولات التي يكون الحصول على كرسي فيها أمرا صعبا للغاية. تقول دعاء التي يبدو من هيئتها أنها تنتمي لطبقة اجتماعية عُليا: «جئنا للتظاهر، أي أنه ليس لدينا وقت للبحث عن طعام، فالكشري ملائم لظروف الميدان، كما أنني لا أتذوقه كثيرا، فأجد أنها فرصة لتناوله في هذه الأيام». أما أحد العاملين بالمطعم فأوضح على عجل نظرا لحالة الزحام الشديد، أن هناك إقبالا كبيرا على المطعم منذ بداية المظاهرات، خاصة أنه يقع على بعد خطوات من الميدان، مبينا أن العاملين يرفضون بيع كميات كبيرة من العلب لشخص واحد، وسبب ذلك أن البعض يأخذ هذه العلب ويقوم بإعادة بيعها مرة أخرى للمتظاهرين بسعر أكبر من سعرها الحقيقي. الزحام الشديد الذي يشهده كشري التحرير دفع بعض المتظاهرين إلى التعليق على ذلك في مواقع التواصل الاجتماعي وفي مدوناتهم وفي المنتديات على شبكة الإنترنت، فالمدون المصري أسامة صابر صاحب مدونة «دماغوس» قام بنشر تسجيل فيديو للطوابير الطويلة أمام المطعم، وقال معلقا عليه: «قمت بتصوير هذا الفيديو لأنه لفت انتباهي فقط التزام المتظاهرين المصريين بالنظام والوقوف صفا أمام محل كشري التحرير الشهير بجوار ميدان التحرير في يوم المظاهرات المليونية». وأضاف أنه ينشر الفيديو ليفند ادعاءات حصول المتظاهرين على وجبات «كنتاكي» ممولة من جهات خفية. وفي دعابة على أحد المنتديات قالت إحدى المتظاهرات: «الثوار طول النهار بياكلوا كشري من (كشري التحرير) اللي جنب الميدان.. مصادر خفية تقول إن بتاع (كشري التحرير) هو الرجل الخفي وراء الثورة.. الرجل يبيع أكثر من 100 ألف علبة يوميا، وبكده بعد ثورة الياسمين في تونس هنلاقي ثورة الكشري في مصر». بينما جاء في مشاركة لأحد أعضاء موقع «تويتر»: «(كشري التحرير) يوزع الطعام مجانا على المتظاهرين.. تكاتف رائع بين أبناء الشعب المصري».. بينما قال آخر مازحا «الثوار (كشروا) أنيابهم في وجه النظام» في جناس بلاغي طريف مع اسم الكشري. ترحيب أوروبي بقرار مبارك «الشجاع».. ودعوات إلى انتقال ديمقراطي للسلطة بان كي مون يدعو لانتخابات حرة نزيهة.. وإسرائيل تأمل في فترة انتقالية هادئة.. وتركيا تهنئ أثنى قادة الدول الأوروبية والأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، على قرار الرئيس المصري، حسني مبارك، في التنحي، ووصفه بعض الزعماء الأوروبيين بالقرار «الشجاع»، إلا أن معظم الزعماء شددوا على ضرورة انتقال السلطة في مصر بشكل هادئ وشفاف وديمقراطي. دعا بان كي مون من نيويورك إلى «انتقال شفاف ومنظم وسلمي» للسلطة، وقال في بيان ألقاه على الصحافيين إنه يريد أن يرى انتخابات «حرة ونزيهة وذات مصداقية» في مصر تؤدي إلى إرساء حكم مدني مبكرا، مشيرا إلى أن «الشعب المصري أسمع صوته». وأعرب مسؤول حكومي إسرائيلي لوكالة الصحافة الفرنسية، أن بلاده تأمل في أن تكون الفترة الانتقالية التي بدأت في مصر هادئة. وقال هذا المسؤول رافضا كشف هويته: «نأمل أن تتم العملية الانتقالية نحو الديمقراطية بهدوء من أجل مصر وجميع جيرانها أيضا». وكرر ضرورة الحفاظ على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل التي وقعت عام 1979. وأضاف المسؤول أن «هذه المعاهدة تخدم مصالح البلدين وتشكل ضمانا للاستقرار في المنطقة برمتها»، لكنه شدد على أن «اللحظة لا تزال مبكرة للقيام بتحليلات»، مع إقراره بأن المسؤولين المصريين «يشعرون بقلق معين في مواجهة الغموض»، الذي خلفه تنحي مبارك. من جهته، أعلن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، في رسالة على موقع «تويتر»، أن بلاده تأمل أن تؤدي استقالة الرئيس حسني مبارك إلى تشكيل حكومة جديدة تستجيب لتطلعات الشعب المصري. وقال أوغلو «نهنئ الشعب المصري، ونأمل أن تبصر النور حكومة تستجيب لتطلعات الشعب المصري». وفي أوروبا، قالت كاثرين أشتون، مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إنها تحترم قرار مبارك بالتخلي عن السلطة، ودعت إلى الحوار من أجل تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة. وأضافت في بيان أن الاتحاد الأوروبي يشاطر الشعب المصري هدفه في انتقال منظم إلى الديمقراطية، وفي إجراء انتخابات حرة ونزيهة في مصر. وقالت أشتون: «من المهم الآن أن يتم الإسراع بحوار يقود إلى حكومة موسعة تحترم تطلعات الشعب المصري وتحقق له الاستقرار». وأشارت أشتون إلى أن احترام الحقوق الأساسية للإنسان «أمر مهم، ولا بد من التحقيق في كافة الانتهاكات التي وقعت أثناء الاضطرابات». ودعا رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، إلى تحرك نحو الحكم المدني، في إطار عملية انتقال تجعل مصر «منفتحة وديمقراطية وحرة». وقال: «لدى مصر فرصة ثمينة فعلا لكي يكون لديها حكومة تجمع البلد. وكأصدقاء لمصر وللشعب المصري، فإننا مستعدون للمساعدة بأي وسيلة تكون في مقدورنا». وأضاف: «نعتقد أنه يتعين أن تكون حكومة تبدأ في وضع لبنات بناء مجتمع منفتح وحر وديمقراطي بحق. ما حدث في مصر اليوم ينبغي أن يكون الخطوة الأولى. أولئك الذين يديرون مصر الآن من واجبهم أن يعكسوا رغبات الشعب المصري، وبصفة خاصة فإنه يتعين أن يحدث تحرك إلى حكم مدني وديمقراطي في إطار عملية الانتقال المهمة هذه نحو مصر منفتحة وديمقراطية وحرة». ووصف الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، قرار مبارك ب«الشجاع والضروري»، وآمل في أن تأخذ مصر خطوات ديمقراطية عبر المؤسسات تؤدي إلى انتخابات حرة. من جهتها، أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن سعادتها بالتطورات السياسية الأخيرة في مصر، وقالت: «كلنا شهود على تحول تاريخي». وأكدت المستشارة الألمانية أنها تتمنى للمصريين مجتمعا «دون فساد ولا رقابة ولا اعتقال ولا تعذيب»، مشيرة إلى أهمية أن تكون هذه التطورات بلا رجعة وإعطائها الشكل السلمي. وقالت ميركل: «في نهاية هذا التطور يجب أن تتم انتخابات حرة». وفي أثينا، قال رئيس الوزراء جورج باباندريو «إن مصر بحاجة ملحة لتجد طريقها لإطلاق عملية مفتوحة للحوار السياسي الذي يحقق مطالب واضحة من قبل الشعب المصري تنطبق مع حقوق الإنسان، وهي مزيد من الحرية ومزيد من الديمقراطية وتكافؤ الفرص والحق في حياة أفضل وبناء مصر الجديدة، وهو نموذج إيجابي للعالم العربي كله أكثر استقرارا وأقوى وأكثر ديمقراطية». وأضاف باباندريو أن «مطالب الشعب المصري من الجيل الجديد مريحة، ودليل صريح على البعد عن صدام الحضارات، الذي قد يأتي من الاختلافات في القيم الغربية - الشرقية، المسلمين - المسيحيين، وأن مفهوم الديمقراطية مفهوم عالمي، وهو مفهوم تتبناه حاليا الرؤية العربية والشعوب المسلمة».