أفتتحت أمس بميدان "أبوجنزير" وسط الخرطوم سوق لبيع المنتجات الزراعية والحيوانية بأسعار مخفضة، وذلك ضمن برامج حكومة الولاية الرامية لتخفيف حدة الغلاء على المواطنين في الشهر الكريم حسب ما ورد في الصحف أمس، ونقول: إن مشكلة غلاء الأسعار ليست منافذ البيع التي تبتدعها ولاية الخرطوم كل عام. كما حدث إبان أزمة الخبز في الأعوام الماضية. وإنما في هيكل السياسة الاقتصادية للنظام الحالي. فإرتفاع الأسعار يتواصل لأن تكاليف إنتاج السلع ترتفع بفعل الضرائب والرسوم والجبايات، التي تعتمد عليها الحكومة في تمويل الإنفاق العام. وترتفع الأسعار لأن الدولة خرجت من النشاط الاقتصادي بأوامر من صندوق النقد الدولي. وترتفع أسعار الخضروات والفواكه في ولاية الخرطوم تحديداً لأن معظم المشاريع الزراعية تحولت إلى أراضي سكنية، وخصصت للمحاسيب ومؤيدي الحزب الحاكم. وعليه فإن الضائقة المعيشية لا تحل عن طريق توفير طيور القطا أو السمك فهي ليست احتياجات الفقراء الذين لا يجدون لقمة الكسرة ب"الموية" ناهيك عن اللحوم والفواكه. إن تخفيض الأسعار يمرعبر بوابة الإهتمام بالقطاعين الزراعي والصناعي وحماية الإنتاج المحلي، ودعمه وتقليل تكاليفه وتخفيض أسعار الطاقة ومدخلات الإنتاج، حتى تصل السلعة للمواطن بسعر زهيدٍ. كما أن تخفيض الضائقة المعيشية يتطلب سياسة نقدية تحافظ على سعر الجنيه من التدهور، ويتطلب رفع الأجور والمعاشات حتى تغطي الحد الأدنى المعقول من الاحتياجات. أما الأكشاك المزمع قيامها لبيع طيور السمان والأسماك، فستصبح هي عبئاً على موازنة ولاية الخرطوم، والتي لن تستطيع بعد حين دفع رواتب الموظفين العاملين في تلك الأكشاك وسينتهي العزاء بإنتهاء مراسم الدفن بعد نهاية شهر رمضان. الميدان