لم يكن مفاجئاً لأي متابع سماع نبأ إقالة جواو بنتو من تدريب منتخب البرتغال، فالسقوط أمام البانيا لم يبقِ أي مجال أمام الاتحاد البرتغالي للتعاطف معه، رغم المطالبة بإقالته من بعض الجماهير منذ اضطراره إلى خوض الملحق المؤهل لكأس العالم 2014. الاتحاد البرتغالي اتجه هذه المرة لخيار يملك خبرة دولية تمثلت بفرناندو سانتوس، مدرب منتخب اليونان منذ عام 2010، وصاحب تجربة تدريبية طويلة مع أندية البرتغال فهو من القلائل الذين دربوا الثلاثي الكبير في البرتغال؛ بورتو وبنفيكا وسبورتنج لشبونة، علماً أن طول مسيرته كمدرب يصل إلى 27 سنة. قليل الألقاب ولكن: رغم خبرته الطويلة فإن سانتوس لا يملك سجلاً حافلاً بالألقاب، فقد فاز بالدوري البرتغالي مرة مع بورتو، وفاز بكأس البرتغال مرتين مع ذات الفريق، كما أنه فاز بكأس اليونان مرة واحدة مع ايك أثينا، لكن النظرة العميقة إلى سجله التاريخي يوضح أن قلة الألقاب ليست عيباً. فلم يستطع أي مدرب خلف سانتوس أن يحقق أفضل مما حققه بشكل مباشر، فمثلاً احتل مع بنفيكا المركز الثالث في موسمه الوحيد 2006-2007 وبفارق نقطتين عن حامل اللقب بورتو، لكن الفريق احتل المركز الرابع بعد رحيله مباشرة وطالت معاناته بعد ذلك، ليصف رئيس نادي بنفيكا لويس فيلبي فيييرا قرار إقالة سانتوس بأنه أسوأ قرار في مسيرته التدريبية. على سبيل المثال أيضاً فقد قاد ايك اثينا للمركز الثاني بفارق الأهداف عن حامل اللقب أولمبياكوس موسم 2001-2002، وهو أفضل إنجاز لهم منذ عام 1994، علماً أنهم تاهوا من بعده حتى عاد لهم في 2004 وجعلهم في المركز الثاني من جديد. وكرر نجاحه مع باوك أثينا وقادهم لدوري الأبطال وآمن به كل الجمهور هناك، ومن قبل خسر الدوري أمام أولمبياكوس عندما قاد بانثينايكوس بفارق الأهداف أيضاً، وفي آخر 4 سنوات مع اليونان حقق أول تأهل في تاريخهم إلى دور الستة عشر في كأس العالم، كما أنه نجح بالوصول إلى دور الثمانية في يورو 2012 متفوقاً بشكل مفاجىء في الدور الأول على مجموعة فيها صاحب الأرض بولندا والمنتخب الذي كان مرشحاً للتأهل روسيا. ما يمكن وصف فرناندو سانتوس به من خلال تجاربه السابقة أنه مدرب لم يفشل بأي تجربة خاضها، فقد حقق أفضل ما يمكن تحقيقه بالنسبة لما يملكه من لاعبين، وهذا الدافع الرئيسي لاختياره من قبل الاتحاد البرتغالي الذي لاحظ أن بنتو لا يحصل على أفضل ما لدى اللاعبين. مقاتل يحب الانتصار: كل فريق دربه فرناندو سانتوس تميز بالروح القتالية العالية كما كشفت التقارير الإخبارية عنه قبل كأس العالم، وعكس منتخب اليونان هذه الروح للجميع في السنوات الأخيرة تحت قيادته، والروح القتالية وعدم الرضا بالخسارة هي أمور يحتاجها منتخب البرتغال بناء على ما أظهره في كأس العالم ومعظم مبارياته في السنوات الأخيرة. أشادت صحيفة الديلي ميل به قبل انطلاق كأس العالم وقالت إنه استطاع تغيير عقلية منتخب اليونان من فريق يدافع وينتظر مصيره، إلى فريق يلعب بعقلية الانتصار ويبحث عن الأهداف، رغم أنه يدفع الثمن بعض الأحيان بسبب عدم امتلاكه الجودة اللازمة لذلك في اليونان.. وحب الانتصار وقوة الشخصية ستضيف الكثير لجودة أفراد البرتغال. مهندس اتصالات: درس فرناندو سانتوس هندسة الاتصالات في الجامعة عندما كان شاباً، وهو ما جعله يحمل لقب المهندس في البرتغال، لكن لقب المهندس تحول مع الزمن ليصبح له سبباً آخر غير الشهادة، حيث بات يطلق عليه لتخطيط هذا المدرب الدقيق للمباريات واهتمامه بالتفاصيل. موقع قناة فوكس نيوز رصد هذا المدرب البالغ من العمر 59 عاماً مع نهاية مونديال البرازيل، وقال عنه "إنه مخطط بارع كما يبدو، وتسميته بالمهندس ليست مصادفة، يستطيع تحويل الفرق التي تعاني إلى فرق منافسة بقوة، يستطيع البناء على نجاح الآخرين ويستطيع شق طريقه الخاص للنجاح". قادر على إنقاذ بلاده: سانتوس يملك كل شيء يحتاجه مدرب البرتغال كي ينجح، فهو صاحب خبرة طويلة، وشخصية مقاتلة تحب النجاح، إضافة إلى خبرته بالكرة البرتغالية وخبرته بالكرة الدولية أيضاً، ومع إضافة تاريخه المشرف ومرونته التكتيكية بين أكثر من خطة مثل 4-2-3-1 إلى 4-4-2 و4-3-1-2 فإنه يبدو الخيار المناسب لمنتخب البرتغال. وظيفة فرناندو الأولى ستتمثل بإخراج الدماء الفاسدة من المنتخب، وهذا يتمثل بالأسماء المشهورة التي لا تعطي شيئاً، كما أن عليه ضمان دمج المواهب الشابة بالمنتخب بشكل سليم يسمح لهم بالتطور قبل خوض يورو 2016، ومنح الفرصة للأفضل كي يلعب وليس الأشهر إن أراد فعلاً تطبيق مبادئه من روح قتالية ولعب حتى الدقيقة الأخيرة.