قُم للمعلم ووفِّه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا» ببيت الشعر هذا، ظل المعلم ردحاً من الزمن منارة للإشعاع تُنير دروب الأجيال. وفي ظل المتغيرات صار للمعلم وجه آخر. (الأهرام اليوم) دخلت السوق ووجدت من قضى عمره ممسكاً بالطبشور يبيع ويشتري!. معلِّم الأجيال عبد اللطيف محمد زين من أبناء غرب شندي التقته «الأهرام اليوم» بمحله التجاري بسوق بحري وهو الذي بدأ التدريس منذ العام 1961م بعد أن أكمل دراسته بمرحلة الكُتّاب التي أهّلته ليكون معلماً للرياضيات بذات المرحلة، وتنقّل بمدارس السودان المختلفة منها مدرسة أم روابة بنات التي كانت أولى محطاته التعليمية، أبو جبيهة ثم ناظراً بمدرسة السوكي بنات، وكان يتقاضى راتباً قدره 21 جنيهاً وريال وكان يفي احتياجاته ويزيد مما جعله يدّخر ثلثه ب«البوستة». وأردف أن وزارة التربية والتعليم خرّجت كوادر من المعلمين جديرين بالإحترام وأن علاقة المعلم بتلاميذه مبنية على الإحترام والعطف، إذ يشترون لهم الملابس والأحذية ويتفقدون شؤونهم مثل أولادهم تماماً. ويسترسل في حديثه: فقد كانت المواد بسيطة والمعلم يتخصص في المادة التي يُدرِّسها ولم تكن المواد كثيرة «حشو» - على حد قوله - ويتلقاها الطالب بالسهل الممتنع. ويقول محدثنا: أما الآن فقد تدنى مستوى التعليم وخاصة اللغة العربية فنجد الكثير من «الغلطات» الإملائية والنحوية وليس هذا على مستوى التعليم فحسب، وإنما إذا شرعنا في قراءة صحيفة ما، فنجد الأخطاء الإملائية والنحوية «تضرِّس»! وأردف: وإذا استمعنا إلى بعض المذيعيين فنجدهم ينصبون ويرفعون الكلمة على مزاجهم وحتى الكبار يجرون المرفوع وينصبون المجرور. وقال مربي الأجيال عبد اللطيف إن من المواقف التي لا ينساها أن معلماً بمدرسة طقت قد أعرب كلمة خطأ وعندها خرج التلاميذ من الفصل ولم يكملوا باقي الحصة وبعدها لم يبق شيء أمامه سوى أن طالب بنقله. ويواصل سرده: كان مستوى التلاميذ قوياً ولذلك إذا لم يكن المعلم مؤهلاً لا يمكنه مواصلة عمله. وأردف محدثنا أنه ذات مرة أتى إليه أحد التلاميذ وهو بمكان عمله التجاري وسأله إن كان يبيع شرك طيور.. ولكنه بادره بسؤاله: «تريد شركاً»؟ وألحقه بآخر: كلمة «شركاً» منصوبة بماذا؟ فردّ التلميذ منصوبة للقمري! فقال: «ضحكت من رده وتحسّرت لما وصل إليه مستوى التعليم. وأضاف: «استمعت ذات مرة ودون قصد إلى أستاذ يتحدث مع إحدى أمهات التلاميذ ليُبشِّرها بأنه كان بالقرب من ابنها لحظة الامتحان وأنه عالج له كل أخطائه وسوف يحرز درجة كبيرة. وتساءل محدثنا ماذا يُقال على أستاذ يساعد التلاميذ على الغش في الإمتحان؟! وكيف بحال التلميذ الذي يتلقى مثل هذه الأفعال المُشينة والتي حتماً سوف ترسخ بذهنه وتكون وسيلة لكل ما يصبو إليه؟. ووجّه المعلم عبد اللطيف رسالة للأساتذة يحثّهم فيها على الأمانة والمصداقية في توصيل المعلومة، وأنهم مسؤولون منها أمام الله. ووصّى التلميذات بأن يجتهدن ويحفظن أنفسهن، كما أوصى التلاميذ بأن يقصدوا الاتجاه الصناعي أو الزراعي بعد مراحلهم.. وأردف بأن هنالك تطوراً عمرانياً عكس التعليم. الاهرام اليوم