الرؤيا الشاملة للكثير من المحللين السياسيين والخبراء أن زيارة البشير للقاهرة والمقرر لها الثامن عشر من هذا الشهر هي زيارة بلا معني أو أهداف إستراتيجية وسياسية بالنسبة للبشير علي الأقل وأن هذه الزيارة قد وضعت أجندتها سلفاً من جانب الرئيس المصري وهي ملفات في إنتظار البشير للتنفيذ ومن وجه نظر الرئيس السوداني لا تعدو هذه الزيارة من كونها طائرة اخري يضع فيها البشير اقدامه ليثبت لنفسه وليس غيره أنه الرئيس الوحيد الذي يتحدي قرارات المجتمع الدولي المتمثلة في مذكرة القبض عليه ويعلم البشير في قرارة نفسه أن بطولاته تلك (أسماءُ مملكةٍ في غير موضعهَا كهرٍ يحاكي إنتفاخاً صولة الأسدِ) لأنه لا يطأ بأقدامه سلم الطائرة حتي تصله الضمانات من الجهة الأخري أنه لن يتم تسليمه علي وجه السرعة لمقصلة لاهاي وهذه فرضية معروفة للجميع ولدي علم الكافة . والزيارة المرتقبة والتي يروج لها إعلام النظام كونها تمثل دلائل عودة للعلاقات المصرية السودانية إلي طبيعتها وتنفيذاً لإتفاقيات (الحريات الأربعة) المبرمة بين البلدين لا تمثل في طبيعتها علي أسوأ التقديرات غير محاولات يائسة للنظام للخروج من (قمقم) الحصار الدولي وإتخاذ الحكومة المصرية معبراً لتجسير علاقات النظام مع عالمه العربي بعد المواقف المخزية التي وقفها النظام من خلال إنتقاده وفي مظاهرات علنية ترفع شعارات (رابعة) لثورة 30/6/2013م المصرية والتي أطاحت بنظام (مرسي) الإخواني في شمال الوادي وقد حاول النظام يائساً التنصل عنها بالإدعاء أنهم من شباب الحركة الإسلامية ثم دعمه للحركات الإسلامية المسلحة في ليبيا ومحاولات تهريب الأسلحة والعناصر المسلحة عبر حدوده الشمالية لإثارة البلابل في محافظات الدولة المصرية وأزمة منصات الصواريخ (الإيرانية) التي اثارها وزير خارجية النظام وآثارت حفيظة المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي والمحاولة الفاشلة لإغتيال الرئيس المصري في التسعينيات من القرن الماضي ما يدعو للتعجب والإستغراب أن هذا النظام الفاشل تبين التقارير الدولية أنه في مصاف الدول الأكثر فشلاً وفساداً في العالم وتعاني بلاده من الإضطرابات الأمنية والحروب الداخلية ويصر علي توظيف جهوده في تصدير الأزمات والقلاقل إلي دول الجوار بدلاً من بذل تلك الجهود لتجاوز أزماته الداخلية ومحنته وأزمات سيتساته الخارجية . إذاً زيارة القاهرة جهداً فارغ المضمون والهدف وأجندة واضحة المعالم وثمناً باهظاً يدفعه البشير خصماً من (ضيعته ) الخاصة والتي عنوانها (السودان) وأهم تلك الأجندة مقايضة مثلث (حلايب) والتخلي عنه نهائياً ووقف الجهود المعتوهة للنظام لتصدير الأزمات خارجياً مقابل توسط الحكومة المصرية التي تتمتع بعلاقات طيبة مع الدول العربية لإزالة الجفوة والقطيعة مع المملكة العربية السعودية علي وجه الخصوص ودول مجلس التعاون الخليجي عموماً والتي يعاني منها النظام نفسياً ومالياً بحسبان انها دولة متسولة غير منتجة وتعاني الفقر والجفاف من إنقطاع المنح المالية والقروض التي كانت تضخ في شريانها الإقتصادي من الدول الخليجية . والواقع الذي لا يحتاج إلي ذكاء هو أن الرئيس البشير يغادر إلي القاهرة ليقابل الرئيس السيسي (جلاد ) الإخوان الذي يحاكم نظامه الآن كل رموز الإخوان في مصر وعلي رأس القائمة مرشدهم العام (أحمد بديع) وهو الرئيس الذي أصدرت دولته قانوناً يعتبر (جماعة الإخوان) جماعة إرهابية وحظر كل أنشطتها السياسية والإجتماعية بالبلاد ومحاكمة المنتسبين إليها وهو الرئيس الذي تحتفظ أجهزته المخابراتية بكل الأنشطة الإرهابية التي مارسها النظام في الخرطوم ضد الدولة المصرية ونتج عن تلك الأنشطة إغتيال مواطنين مصريين ابرياء كما أن الرئيس السيسي يعي تماماُ أن العلاقات السعودية السودانية لن تعود إلي سابق عهدها حتي يري البشير بعينه اليسري (حلمة أذنه) اليمني وان عودة العلاقات لطبيعتها يعني تخلي خادم الحرمين الشريفين عن المرسوم الملكي الذي اصدره ( الجمعة، 7 مارس 2014) (23:00 - بتوقيت غرينتش) والذي أعلنت فيه المملكة العربية السعودية بقرار صادر من ملك البلاد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود بأن جماعة الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابيا وشمل القرار منع جميع أعضائها من دخول البلاد سواء للعمل أو لأداء المناسك الدينية بالحج والعمرة وسوف يتم القبض على جميع أعضائها من داخل المملكة بعد الإخطار بشكل رسمى يصدر من جامعة الدول العربية أمتثالاً لأتفاقية حظر الإرهاب لسنة 1998م بين الدول العربيه وجاء هذا القرار الصادم لجماعة الأخوان المسلمين وقياداتهم ومنهم من هم بالمملكة العربية السعودية ومن هم بخارج المملكة بالدول الأخرى. وواقع الحال أن العلاقات السودانية السعودية تعترضها معادلة بسيطة لا تستعصي علي الفهم أو الإدراك فالسعودية أصدرت قراراً يعتبر (جماعة الإخوان) وتنظيمات أخري جماعة إرهابية ونظام الخرطوم (نظام إخواني) إذاً البشير رئيساً لدولة إرهابية هكذا بمرجعية نصوص المرسوم الملكي ولن يقبل خادم الحرمين الشريفين تعطيل بعضاً من نصوص مرسومه الملكي للترحيب بالبشير ونظامه في السعودية والحال كذلك لا تبدوا هذه الزيارة إلا إستهلاكاً سياسياً و(تشتيتا) للكرة حتي موعد الإنتخابات القادمة (أبريل 2015م) وحتي ذلك الحين يتوقع قيام النظام بالعديد من هذه (الحركات) لتحدي الواقع الذي يشير إلي زوال (مملكة الكيزان في السودان ) وعلي الرئيس البشير ووزير خارجيته وقبل موعد الزيارة التأكد أن ضمانات السيسي لعودة البشير سالماً لبلاده علي ضوء تلك المعطيات قد شملت المحامين والناشطين السياسيين والحقوقيين والمحاكم المصرية بحكم إستقلالها الكامل عن الإرادة السياسية . عمر موسي عمر - المحامي [email protected]