صادر جهاز امن البشير عدد اليوم من صحيفة (الصيحة) المملوكة للخال الرئاسي الطيب مصطفى، دون إبداء الاسباب. وذلك بعد يوم واحد فقط من السماح لها بمعاودة الصدور، بعد ان كانت ممنوعة من النشر لمدة (100) يوم بسبب قرار حكومي. وبدأت متاعب صحيفة (الصيحة) مع جهاز امن البشير في بواكير صدورها، اذ قام الجهاز سئ السمعة بمصادرة العدد رقم (19) من الصحيفة التي باشرت الصدور لاول مرة في العاشر من مارس 2014م. وذلك بعد ان فجّرت الصحيفة الكثير من قضايا الفساد البنيوي لحكومة الانقاذ. وبعد ان سُمح لها بالصدور مجددا، واصلت صحيفة (الصيحة) فتح ملفات الفساد، وقامت بنشر تحقيق صحفي حول صفقة استيراد ادوية، وبرهنت بالوثائق على تورط عبد الله البشير شقيق الرئيس، بالاشتراك مع وزير الاعلام احمد بلال عثمان. وايضا قامت بفضح وكيل وزارة العدل عصام عبد القادر الذي قام بامتلاك اكثر من (10) قطع سكنية واستثمارية مميزة، خلال توليه ادارة اراضي ولاية الخرطوم. وكشفت الصحيفة الوثائق عن امتلاك مدير المساحة بمصلحة الاراضي "عمر مهنا" لما يفوق 60 قطعة سكنية واستثمارية داخل ولاية الخرطوم. وهو التحقيق الذي تسبب في إعتقال رئيس تحرير الصحيفة الدكتور ياسر محجوب، قبل ان يتسبب لاحقا في فتح (20) بلاغ في نيابة الصحافة والمطبوعات ونيابة امن الدولة، ضد تسعة من صحفيي الصحيفة. وبعد ان قامت الصحيفة بنشر تحقيق فساد مصلحة الاراضي، وجدت نفسها في مواجهة مفتوحة مع جهاز امن البشير الذي حرّك بلاغات ضد صحفيي الصحية لدى نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة، بتهم تصل عقوبتها الى الاعدام. قبل ان يقوم جهاز امن البشير بتعليق صدور الصحيفة، بسبب قضايا النشر، حتى بعد ان دوّن بلاغات لدى القضاء حول تلك القضايا. وكان ذلك في الخامس من مايو 2014م. وعقب تعطيل صدور الصيحة تمت مداهمة الصحيفة بقوة تتبع لنيابة امن الدولة، وتم تفتيش مقر الصحيفة عنوة وبالقوة الجبرية بحثا عن المستندات التي تفضح الفساد البنيوي لحكومة الانقاذ. وذلك بعد ان ترك جهاز امن البشير القضية الاساسية المتمثلة في معاقبة المفسدين الذين كشفتهم الصحيفة، وكرّس كل جهده لمعرفة الموظف الذي يقوم بتسريب المستندات الى الصحيفة، وهو ما حدث بالفعل بعد كثف الجهاز حملته، وبعد ان قام باستجواب واعتقال مدير الاراضي الحالي ونائبه. وبناء على ذلك تم معرفة الموظف الذي يمد الصيحة بالمستندات، وتم فصله بسبب المادة (51) التي يقول جهاز الامن انها تحظر على الموظفين تمليك الاوراق الرسمية لاشخاص خارج مصلحة الاراضي. حدث كل ذلك مع ان الموظف كان يبعث بشهادات البحث الخاصة بقطع الاراضي المملوكة للمسؤولين للصحيفة، وهذا اجراء عادي لجهة ان شهادة البحث يمكن استخراجها بغرض البيع لكل من ينتوي التأكد من صدقية ايما قطعة ارض يرغب في شرائها. وبعد ان تم تعطيل صدور الصيحة لمدة (49) يوما، سُمح لها بالصدور مرة اخرى، وذلك في السادس من شهر يوليو، بعد نفذ الوسط الصحفي وشبكة الصحفيين وقفات احتجاجية حاشدة ومتصلة، امام مجلس الصحافة والمطبوعات للمطالبة بإطلاق سراح الصيحة، وهو ما اسهم بصورة كبيرة في عودة الصيحة للصدور من جديد. وحينما عاودت الصحيفة الصدور، تم تعليقها الى اجل غير مسمى مرة اخرى، وذلك بعد ان صدر منها عدد واحد فقط، وكان ذلك في يوم السادس من يوليو 2014م، بعد ان كانت هيئة التحرير تستعد لارسال الصحيفة للمطبعة لطباعتها. لتبقى الصحيفة في الحظر لمدة (113) يوم اي نحو اربعة اشهر متصلة، قبل ان يُسمح لها بمعاودة الصدور مجددا في يوم 27 اكتوبر 1014م. وما ان عادت الصحيفة للصدور في يوم الاثنين الماضي الذي يوافق 27 اكتوبر، حتى تمت مصادرة العدد الثاني منها، بصورة تؤكد عن ضيق صدر النظام بالرأي الآخر والصحافة الحرة.