يبدو أن الحكومة السودانية تنتظرها غضبة جماهيرية جديدة، وذلك إذا اصرت على رفع الدعم عن المحروقات نهائيا ضمن برنامجها الاقتصادي القادم، خاصة وأن حياة المواطن - كما وصفها مراقبون اقتصاديون -أصبحت في ضنك شديد، وصار المواطن يعيش في شظف من العيش شديد، حيث صار المواطن يعاني في أساسيات الحياة المتمثلة في قوت يومه، وما تنبت الأرض من فومها وعدسها وبصلها، خطباء المساجد أدلوا بدلوهم في هذه القضية حيث ضجت منابر الجمعة الماضية بالحديث عن هذه المشكلة، وأجمع الخطباء على أن رفع الدعم عن المحروقات يعني ذهاب الأخلاق التي تؤدي بالمجتمع إلى الهلاك، وإشاعة الفوضى، وسط الشباب، وأبدى الخطباء قلقهم – كما نشرت الصحف - من تداعيات رفع الدعم عن المحروقات، وقالوا إنها بمثابة ضياع أسر بأكملها، وفي الوقت الذي تصرف فيه الدولة مبلغ 800 مليار على انتخابات معروفة نتيجتها مسبقا، ويبدو أن الحكومة لا تلتفت إلى الشعب وهي تثقل كاهله بالمزيد من حزم رفع الدعم ليصيبه نقص في الثروات والأموال والغذاء. حماية شئون المستهلك رفضت بشكل قاطع رفع الدعم عن المحروقات، وقالت إن رفع الدعم عنها يؤدي بصورة اتوماتيكية إلى رفع أسعار الكثير من السلع الأساسية وحتى تعريفة المواصلات، مما يتسبب بتأثير مباشر على الأسرة السودانية، وفي هذا الاتجاه يقول رئيس لجنة القطاع الاقتصادي بحماية المستهلك حسين القوني ل"التيار": الوضع الحالي لا يسمح إطلاقا برفع الدعم عن المحروقات، فالأسعار في زيادة غير طبيعية ومعدلات العطالة ارتفعت وسط الشباب، وزيادة معدلات التضخم أثرت على قيمة الجنيه، وطالب القوني الحكومة بإيجاد بديل آخر لزيادة دخلها كدولة وطالب القوني بإيجاد بديل لمعالجة الخلل الاقتصادي الحالي بدلا من المعالجة الجزئية المؤقتة، وأقر القوني بأن رفع الدعم الذي وضعته الحكومة في العامين الماضيين لم يحقق النتائج المنتظرة منه حتى الآن، ودعى إلى خفض الصرف الحكومي ومحاربة التهريب بجانب زيادة الوعي الضرائبي وزيادة الإنتاج الزراعي لتحسين الإنتاج والإنتاجية باستخدام التقنية الزراعية المتطورة. إدارة شئون المستهلك بوزارة المالية ولاية الخرطوم، قالت إن الحكومة تدعم عددا من السلع الأساسية للمواطنين من بينها القمح والوقود والدواء والكهرباء، وأشارت إلى أن الحديث عن عدم وجود دعم من الدولة غير صحيح، وقال ل"التيار" مدير إدارة شئون المستهلك عادل عبد العزيز إن دعم السعر ينطوي على عدم عدالة لأن الأغنياء يستهلكون الوقود أكثر من الفقراء، وأشار إلى أن نسبة الدعم هي نسبة المستهلك الأمر الذي دفع الكثير من الاقتصاديين – كما قال - إلى ضرورة الدعم المباشر لذوي الدخل المحدود والفقراء والمساكين عبر صناديق الضمان الاجتماعي وكشوفات الذكاء فقط بدلا عن دعم السعرالأدنى. الخبير الاقتصادي محمد الجاك قال إن الأسعار الحالية ليست تنافسية، وقطع بأن رفع الدعم عن المحروقات في ظل هذه الأسواق الاحتكارية – كما وصفها – وهي تفوق متوسط دخل الفرد وبالتالي ستزيد أعباء المواطن، إذ إن الأسعار سترتفع بشكل جنوني، وشدد الجاك على تساوي الأسعار مع التكلفة، إذ لا يمكن أن ترفع الدعم عن المحروقات والسلطة اصلا تفرض رسوما وجبايات بالإضافة للمضاربات وكل هذا يقول الجاك يؤثر في حركة السوق ويرهق كاهل المواطن. جدل كثيف أثارته تصريحات الحكومة عندما أعلنت عن نيتها رفع الدعم عن المحروقات مجددا، وهو الأمر الذي بدأ مرفوضا من قبل المواطن المحاصر بظروف اقتصادية سيئة وبدلا من أن يسمع أخبارا سعيدة تحملها افواه الحاكمين إذا بهؤلاء يصبون زيتا على ناره التي أوقدتها سياسات الحكومة الاقتصادية. التيار