التوقيع علي وثيقة "نداء السودان" من قوي الاجماع الوطني والجبهة الثورية وحزب الأمة القومي، ومنظمات المجتمع المدني بتاريخ : 3/ديسمبر /2014م، خطوة موفقة، يجب أن يتبعها عمل يومي جماهيري دؤوب ومكثف، يتم تتويجه بانتفاضة شعبية تطيح بنظام المؤتمر لوطني الذي جثم علي صدر شعبنا لأكثر من 25 عاما ذاق يها شعب السودان مر العذاب والهوان، كما يجب أن يتبعها عمل دعائي مكثف يرسخ اشكال وأساليب النضال ، والتحضير الجيد للانتفاضة القادمة من خلال العمل اليومي المثابر، والوضوح حول البديل للنظام، وضد اشاعة اليأس والقنوط بين صفوف الجماهير. اكد الميثاق علي ضرورة دولة المواطنة والديمقراطية، ووقف الحرب والحل الشامل والعادل لمناطق: دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، وحل القضايا المعيشية ، وخطة اسعافية للاصلاح الاقتصادي ، وسيادة حكم القانون والغاء القوانين المقيدة للحريات، والمقاطعة والمقاومة الجماهيرية للانتخابات المزورة، كما حدد مطلوبات الحوار في : وقف الحرب، والغاء القوانين المقيدة للحريات، واطلاق سراح المعتقلين، تكوين حكومة انتقالية لادارة الفترة الانتقالية، وعقد المؤتمر الدستوري ، ووضع الدستور الدائم عن طريق اشراك الجميع، وتكوين لجنة للتنسيق لمتابعة النشاط والتفاصيل. ورغم التوقيع المتأخرعلي الميثاق الا أنه كما يقول المثل " أن تأتي متأخرا، خير من أن لاتأتي"، وانتفاضة شعب السودان مهما تأخرت ، فانها آتية لاريب يها. وكعادته بدأ اعلام المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي في الهجوم علي النداء ، والتقليل من شأنه، وتكرار الحديث الممجوج حول ضعف المعارضة الذي كنا نسمعة ايام ديكتاتوريتي عبود والنميري ، واشاعة اليأس والاحباط بين الجماهير، وأنه من المستحيل اقتلاع هذا النظام!!، علما بأن أنظمة كانت لها ترسانه قمعية ضخمة قد زالت مثل : نظام مبارك والقذافي..الخ، وأن ميثاق " نداء السودان" سوف "يظل حبرا علي ورق" مثل المواثيق والاعلانات السابقة لقوي المعارضة، كما كشف التوقيع علي النداء عن مدي هلع النظام من الحركات الجماهيرية التي سوف تتبعه، والتي كانت تتراكم هنا وهناك مثل : هبة سبتمبر 2013م التي هزت اركان النظام، والذي من هلعه تم اطلاق الرصاص علي المواكب السلمية مما ادي الي جريمة قتل اكثر من 200 شهيد.. هذا اضافة الي مظاهرات واعتصامات الطلاب ، والوقفات الاحتجاجية للشباب والنساء، والعاملين في المستشفيات ضد الخصخصة، وللصحفيين، واسر المعتقلين ، وانتفاضات المدن في العاصمة والأقاليم، واضرابات الاطباء وبقية المهنيين والعاملين من أجل تسوية حقوقهم وسداد متأخراتهم. ووقفات مزارعي الجزيرة والمناقل وبقية المشاريع الزراعية ضد الخصخصة وتشريد المزارعين من اراضيهم، وضد الجباية والضرائب الباهظة والتكلفة العالية للانتاج، واستيراد التقاوي الفاسدة التي الحقت ضررا كبيرا بالمزارعين. ومقاومة المتأثرين بالسدود في كجبار ودال والشريك..الخ، وتصاعد مقاومة جماهير دارفور وجنوب كردفان، وجنوب النيل الأزرق، ورفض الحركات للحلول الجزئية بعد التجارب المريرة مع المؤتمر الوطني في نقض العهود والمواثيق،...الخ، ومقاومة وفضح تزوير الانتخابات ورفض الاعتراف بنتائجها والمطالبة بقيام انتخابات حرة نزيهة بديلا لها ، ومقاومة مخطط المؤتمر الوطني الذي نجح في فصل الجنوب نتيجة تمسكه بالدولة الدينية، ومخططه لاثارة الفتنة القبلية وللعودة للحرب مرة أخري، وتوتر الاوضاع في شرق السودان نتيجة لسياسات المؤتمر الوطني، ومطالبة المفصولين من أجل ارجاعهم للعمل وتسوية حقوقهم، ونضال العاملين من أجل قانون ديمقراطي للنقابات وتحسين الاجور واوضاعهم المعيشية..الخ. ولاشك أن تصاعد المقاومة اليومية للنظام سوف تفضي في النهاية الي الانتفاضة الشاملة التي تطيح بالنظام. *الحوار دعوة حق اريد بها باطل: اكدت تجربة 25 عاما أن لنظام الانقاذ تجربة كبيرة في نقض العهود والمواثيق بعدم تنفيذ الاتفاقيات التي وقعها مثل: اتفاقية نيفاشا مع الحركة الشعبية وابوجا مع مجموعة مناوي واتفاقية الشرق مع جبهة الشرق واتفاقية القاهرة مع التجمع الوطني الديمقراطي ...الخ. كل ذلك يوضح أن الحوار مع النظام بعد كل هذه التجارب المريرة معه في نقض العهود والمواثيق ماهو الا ذر للرماد في العيون ولدغ من الجحر لاكثر من مرتين، وهو حوار هدفه مفضوح: المراوغة وكسب الوقت، واطالة عمر النظام، وشق صفوف المعارضة واضعاف مقاومتها له مهما كانت المسميات : حكومة عريضة أو دعوة للحوار ، وكيف يتم الحوار مع من يقمع ويعذب المعتقلين السياسيين؟!!. اكتسب شعبنا تجارب كبيرة في مقاومة النظم الديكتاتورية، التي حينما يشتد اوار النضال ضدها تلجأ الي دعاوي الحوار والمصالحة بهدف امتصاص مقاومة الحركة الجماهيرية ، حدث هذا ايام الاستعمار عندما اعلن عن قيام الجمعية التشريعية ، وخلال فترة ديكتاتورية عبود عندما تم الاعلان عن قيام المجلس المركزي ، و المصالحة الوطنية ايام ديكتاتورية نميري، ولكن التجربة أكدت ان هدف تلك النظم كان وقف وامتصاص المقاومة لها ، ولكن الحركة الجماهيرية تجاوزت تلك الدعاوي والمؤسسات ، واستفادت من الانفراج السياسي النسبي الذي حدث وعملت علي تصعيد النضال الجماهيري حتي تم انجاز الاستقلال عام 1956م، وثورة اكتوبر 1964م، وانتفاضة مارس- ابريل 1985م. يسألونك عن البديل؟. هذا سؤال مكرر واجهته الحركة الجماهيرية منذ ايام نميري اثناء نهوض مظاهرات واضرابات العاملين في اغسطس 1973م، ماهو البديل؟ وأذا سقط النظم البديل سوف يكون الطائفية، ولكن الحركة الجماهيرية ردت علي السؤال بالمزيد من مقاومة النظام: فكانت المقاومة الجماهيرية مثل: اضرابات العمال والمزارعين والاطباء والفنيين والمعلمين والقضاء ومقاومة قوانين سبتمبر 1983م واستنكار اعدام الاستاذ محمود محمد طه والمطالبة بوقف حرب الجنوب والحل السلمي الديمقراطي بعد اندلاع الحرب مجددا بخرق ااتفاقية اديس ابابا عام 1983م ، وتواصل نهوض الحركة الجماهيرية حتي تمت اللاطاحة بحكم الفرد عن طريق الانتفاضة الشعبية والاضراب السياسي العام والعصيان المدني. واكدت التجربة أن البديل كما جاء في وثيقة " نداء السودان"، هو نظام الحكم الديمقراطي وأن مشاكل الديمقراطية تحل بالمزيد من الديمقراطية، لا الانقلاب عليها، وأن الانظمة الديكتاتورية التي جاءت بانقلابات عسكرية هي التي دمرت البلاد واكثرت فيها الفساد ونهبت ثرواتها وفرطت في سيادتها الوطنية حتي وصلت الي مرحلة تمزيق وحدة البلاد كما فعل نظام الانقاذ. وأن اشاعة الديمقراطية واستمرارها هو الضمان للاستقرار ولنشر الوعي والاستنارة، والتنمية المتوازنة وحل مشاكل القوميات والحكم الديمقراطي واللامركزي لاقاليم السودان المختلفة. كما اكدت التجربة ضرورة متابعة انجاز مهام الثورة حتي نهايتها بالغاء كل القوانين المقيدة للحريات، وتغيير كل بنية النظام حتي لاتحدث الانتكاسة من جديد. اذن البديل يخرج من صلب النضال اليومي للجماهير ويعبر عن مطالبها التي تناضل من أجلها والتي تتلخص في رفض الغلاء و تحسين الاوضاع المعيشية والغاء القوانين المقيدة للحريات ، ودستور ديمقراطي يكفل الحقوق والحريات الأساسية وحقوق الانسان، واحترام المواثيق الدولية وتوفير فرص العمل للعاطلين، ولجم الفساد ومحاسبة المفسدين، وتوفير خدمات التعليم والصحة ومياه الشرب النقية والكهرباء..الخ، والحل الشامل والعادل لقضايا المناطق الثلاثة ( دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق ، كما حدّد وفصل" نداء السودان"، والمحافظة علي وحدة ماتبقي من الوطن، وقيام الموطنة الديمقراطية التي تفتح الطريق لاعادة توحيد الوطن، وارجاع المشردين وتسوية حقوقهم، ووعقد المؤتمر الدستوري الذي يحدد شكل الحكم اللامركزي لاقاليم السودان، وغير ذلك من قضايا الوطن المتفجرة والتي تتطلب مواصلة النضال الجماهيري حتي الاطاحة بهذا النظام وقيام حكومة انتقالية بديلة تنجز مهام التحول الديمقراطي وتحقيق المطالب التي طرحتها وثيقة " نداء السودان". . [email protected]