تهل علينا الذكري ال 54 لاستقلال السودان، والبلاد تمر بظروف عصيبة، والتي أصبحت في مفترق الطرق: اما ان يخرج السودان من هذه الأزمة التي يمر بها موحدا وديمقراطيا وفيه متسع للجميع، او يتشظي. وطريق الخروج من الأزمة، واضح كالشمس في ريعان النهار، يتمثل في الوفاء بالعهود والمواثيق وتنفبذ اتفاقية نيفاشا وبقية الاتفاقات، والحل الشامل لقضية دارفور والغاء القوانين المقيدة للحريات، بما فيها قانون الأمن الذي اجازه المجلس الوطني في جلسة الأحد 20- 12- 2009م، وقاطعت الجلسة 3 كتل برلمانية(نواب التجمع ودارفور ومؤتمر البجا) وصوت ضده نواب الحركة الشعبية والأحزاب الجنوبية، مما يوضح ان القانون يعبر عن المؤتمر الوطني، وهذا القانون يعيد البلاد مرة أخري الي الاعتقال التحفظي سئ الصيت، واطلاق يد الأمن في التنكيل بالمعارضين السياسيين والنقابيين دون مساءلة، فضلا عن انه يتعارض مع المادة(151/3) من الدستور الانتقالي لعام 2005م والتي تنص علي أن ( يركز الأمن في مهامه علي جمع المعلومات وتقييمها وتقديم المشورة بشأنها للسلطات المعنية)، فقد منح القانون للجهاز سلطة الاعتقال لمدة 30 يوما وبعد انتهاء المدة يجوز لمدير الجهاز أن يمد فترة الحجز لمدة 15 يوما أخري، ويجوز تمديد فترة الاعتقال الي ثلاثة شهور اضافية، كما جاء في المادة(50) الفقرة (ح)، ومؤكد ان المؤتمر الوطني سوف يستغل هذا القانون في التنكيل بالمعارضين السياسيين واستكمال تزوير الانتخابات. وبالتالي من المهم مواصلة العمل الجماهيري من اجل الغاء هذا القانون. ولشعب السودان تجربة كبيرة في مقاومة القوانين المقيدة للحريات، فقد قاوم قوانين الادارة الاستعمارية البريطانية مثل: قانون الجمعيات غير المشروعة، وقانون الصحافة، وقانون النشاط الهدام، ولم تستطع تلك القوانين وقف النشاط الجماهيري الذي اشتد ساعده بعد الحرب العالمية الثانية وانتزع شعبنا حق التنظيم والتعبير، وحرية تكوين النقابات والاتحادات من براثن الادارة الاستعمارية، وتواصل النضال حتي تم انتزاع الاستقلال بعد اتفاقية الحكم الذاتي لعام 1953م، وتم انتزاع حق التنظيم والتعبير والنشر والتي كفلها دستور السودان الانتقالي لعام 1956م(عام الاستقلال). وبعد انقلاب نوفمبر 1958م العسكري الذي صادر الحقوق والحريات الديمقراطية قاوم شعبنا قانون دفاع السودان وبقية القوانين المقيدة للحريات التي اصدرها النظام، حتي تم انتزاع الحريات الديمقراطية بعد ثورة اكتوبر 1964م، والتي كفلها دستور السودان الانتقالي المؤقت لعام 1964م. وبعد انقلاب 25 مايو 1969م صادر الانقلاب مرة اخري الحقوق والحريات الديمقراطية في ترسانة القوانين المقيدة للحريات مثل: الأوامر الجمهورية، وقانون امن الدولة، وتعديلات الدستور لعام 1975م التي اباحت الاعتقال التحفظي، وقانون الطمأنينة العامة،(المقصود طمأنينة النظام)، وقانون ممارسة الحقوق السياسية، وقوانين سبتمبر 1983م، كل تلك الترسانة من القوانين لم تتمكن من ايقاف تراكم النضالي الجماهيري والعسكري ضد ، حتي تم تتويج ذلك بانتفاضة مارس – ابريل 1985م، وانتزع شعبنا مرة أخري الحقوق والحريات الديمقراطية التي كفلها دستور السودان الانتقالي المؤقت لعام 1985م. وبعد انقلاب يونيو 1989م اصدر النظام ترسانة من القوانين المقيدة للحريات وضمن كل القوانين السابقة المقيدة للحريات في القانون الجنائي، كما صادر النظام حق التعبير والنشر وشرد الالاف من اعمالهم ومارس شتي صنوف التنكيل والتعذيب والاغتيال للمعارضين السياسيين، ولكن ذلك لم يوقف المقاومة الجماهيرية والعسكرية للنظام، ونتيجة للضغوط الداخلية والخارجية تم توقيع اتفاقية نيفاشا وبقية الاتفاقات، وتم انتزاع دستور السودان الانتقالي لعام 2005م الذي كفل الحقوق والحريات الأساسية، ولكن المؤتمر الوطني خرق الدستور بمصادرة حق التنظيم والتعبير وقمع المسيرات والمواكب السلمية، واحتكر الاعلام، وفرض الرقابة القبلية علي الصحف والتي قاومها الصحفيون والقوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني، اضافة لتزوير انتخابات النقابات وتزوير السجل الانتخابي، وتم تتويج ذلك باجازة قانون الأمن في محاولة يائسة لاعادة عقارب الساعة الي الوراء، ولكن هيهات فقد شبت الحركة الجماهيرية عن الطوق وانتزعت حق الندوات والمسيرات وتتسع كل يوم قاعدة معارضة النظام والحركة الجماهيرية والمطلبية مثل: اعتصام عمال السكة الحديد واضرابات المعلمين واضراب العاملين في قطاع النفط من اجل صرف اجورهم واستحقاقاتهم، ومقاومة الزيادات في الاسعار وتعريفة المياه .الخ، اضافة للمطالبة بالغاء قانون الأمن الحالي الذي يتعارض مع الدستور ويكرس تزوير الانتخابات،وخرق اتفاقية نيفاشا مما يهدد باعادة الحرب وانفصال الجنوب. وحتما سوف ينتصر شعبنا في معركة الحقوق والحريات الديمقراطية كما اوضحت دروس تجربة تاريح السودان الحديث. alsir osman [[email protected]]