خلافا للمدعي العام السابق للجنائية الدولية السيد لويس مورينو اوكامبو , تبدو المدعية الحالية السيدة فاتو بنسودا هادئة ومتسالمة الى ابعد حد. الجلوس معها يعطي الشخص الاخر انطباعا بانه امام سيدة تعيش حياة مبسطة في قرية من قرى القارة السمراء. المدعي الاول اوكامبو كان شخصا مصادما , ولديه ثقة عالية بالنفس و لعل تلك الثقة نابعة من كونه نجح نجاحا باهرا في محاكمته لجنرالات الحرب في موطنه الارجنتين . بينما السيدة فاتو قد تخبئ في داخل ثوب التواضع والبساطة امكانيات هائلة في مجال التخصص بالاضافة الى خبرة تراكمية في نفس المجال. بلا شك لو لم تكن لديها ما تميزها لما كانت وجدت نفسها في هذا الموقع الحساس وللمعلومة ايضا بان مجلة (تايم ) الامريكية قد اختارتها ضمن قائمتها لاكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم لعام 2012. في مقر مكتبها في داخل مبنى الاممالمتحدة التقت السيدة فاتو بنسودا بوفد رابطة ابناء دارفور بنيويورك قائلة: انا سعيدة جدا بان التقي بكم كدارفوريين, ثم قالت وصلتني رسالتكم وكانت لغة الرسالة قاسية جدا, للحق كنت مشغولة. بخصوص الرسالة لا بد من الاشارة بان رابطة ابناء دارفور بنيو يورك كانت قد تقدمت بدعوة كلا من الدكتورة عائشة البصري , الناطقة الرسمية السابقة باسم بعثة اليوناميد في دارفور , والسيدة فاتو بنسودا لندوة بنيويورك. لقد حضرت الدكتورة عائشة البصري بينما اعتذرت بنسودا في اللحظة الاخيرة, وبعد خطابها الاخير الني اعلنت فيها وقف التحقيق في ملف دارفور قررت الرابطة بارسال رسالة قوية لها تعبر فيها عن انزعاجها وقلقها من تلك القرار. قالت بنسودا انا هنا لاستمع منكم . وبعد ان استمعت الى اعضاء الرابطة بدات بنسودا تشرح لوفد الرابطة طبيعة العمل في داخل اروقة المحكمة الجنائية الدولية ,خصوصا في مسالة التقديم والتاخير في بعض الملفات قائلة : بانها مسالة فنية واستشهدت بحالة الرئيس الكيني كينياتا . وقالت بخصوص المتهمين السودانيين بان المحكمة خاطبت مجلس الامن اكثر من ثمان مرات تحثها للقبض على الرئيس البشير واعوانه لكن مجلس الامن لم يحرك ساكنا. كما قالت بان الدول التي استقبلت البشير قد استلمت رسائل التوقيف لكن كل مرة ياتينا الرد بانه غادر , ويقولون بانهم ملتزمون بقرار الصادر من الاتحاد الافريقي وهو عدم التعاون مع المحكمة الجنائية . وقالت بنسودا لاحظنا بان ليس هنالك متابعة جادة من مجلس الامن فلذلك اتخذنا قرار حفظ التحقيق لاضع الكرة امام مجلس الامن لان المحكمة ليست لديها جيش ولا شرطة , وهذا القرار اتخذناه بعد الدراسة ونحن نعتقد بانه يساعدنا في القبض على الجناة . وقالت بنسودا علمت بان هنالك مهرجانات الفرح في السودان من القرار وانا هنا اتساءل اين يوجد مكان للفرح ليعبر به شخص متهم بجرائم كبيرة وقالت بنسودا لدينا مكتب ليس كما كان قبل عشرة سنوات , بحوزتنا كمية من الملفات الجديدة ويجب ان نعمل في كل هذه الاتجاهات ومواردنا شحيحة . بخصوص السودان قالت : البشير مازال في السلطة ' وهو يستخدم جهاز الدولة وقرارات الاتحاد الافريقي لحماية نفسه. وقالت الحالة الوحيدة التي اقتربنا في تنفيذ قرار التوقيف ضده وهي حالة نيجيريا لان منظمات المجتمع المدني في ذلك البلد قوية جدا لكنه غادر البلد سرا وقالت ايضا نحن لدينا اشكالية كبيرة في حماية الشهود واسرهم وفي هذا الجانب استشهد بحالة المتهم عبدالله بندا . وقالت مثلما سمعت منكم عن احداث قريتي هشابة وثابت فان هذه المعلومات البعض منها لدينا لكن كل المعلومات التي تصل الينا تخضع للدراسة والتحليل, والتحقيق فيها لا بد ان يقوم بها فريق متخصص ومكلف من المحكمة. واختتمت بنسودا حديثها قائلة الشئ الوحيد الذي اريد ان اؤكده لكم هو ان الرئيس عمر البشير مازال مطلوبا للعدالة , ونحن الان بصدد دراسة لخيارات اخرى لا اريد ان ابوح لكم هنا. مدير مكتب حركة العدل والمساواة السودانية بامريكا [email protected]