" نعم " أم " لا " ليس هذا هو السؤال، فبغض النظر عن نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية الذي شهدته مصر، فالأهم هو اللوحة الجميلة التي رسمها، ما يزيد عن 25 مليون مواطن ذهبوا إلى صناديق الاقتراع لأول مرة في تاريخ الاستفتاءات في مصر، وذلك وفقا للرقم المبدئي الذي أعلن عنه المستشار محمد عطية، رئيس اللجنة العليا للإشراف على الاستفتاء على التعديلات الدستورية، خلال مؤتمر صحفي أعقب انتهاء التصويت في لجان الاقتراع . ودفع الإقبال الشديد من الناخبين على التصويت اللجنة القضائية العليا المشرفة على الانتخابات إلى طبع مليون ونصف مليون بطاقة تصويت إضافية لتوزيعها على اللجان الفرعية بالقاهرة والجيزة والقليوبية وحلوان لمواجهة الإقبال الهائل على التصويت، كما أن الصناديق الزجاجية في بعض اللجان التي تقع في المناطق الشعبية امتلأت عن آخرها قبل الظهر، مما اضطر اللجنة القضائية إلى إرسال صناديق جديدة . وشارك نحو 16 ألفاً من أعضاء الهيئات القضائية المختلفة في الإشراف على لجان الاستفتاء الذي قدر عدد من يحق لهم الإدلاء بأصواتهم فيه بنحو 45 مليون، وتولى 28 ألف جندي و8 آلاف ضابط من القوات المسلحة تأمين لجان الاقتراع إلى جوار رجال الشرطة. ولوحظ إتباع قوات الأمن نهجاً مختلفاً عن كل عمليات الاقتراع في الماضي، إذ حافظوا على الحياد بدرجة كبيرة ولم يتدخلوا في أي شأن يتعلق بعملية الاقتراع، إلا بتوجيهات من القاضي المشرف على اللجنة. اصطف المصريون في طوابير أمام اللجان التي امتدت في بعض المناطق إلى مئات الأمتار في أجواء مشمسة، على غير عادة المصريين الذين يرتبطون بعدواة تاريخية مع الطوابير التي ترتبط دائما في أذهانهم بالحصول على الخبز أو اسطوانات الغاز المهم انه دائما ما تعكر صفوهم . ولكن الطوابير هذه المرة هي " طوابير بطعم الحرية "حضر خلالها الشباب وجميع ألوان الطيف السياسي، وكبار السن والمرضى والعجائز ممن تجاوزت أعمارهم التسعين عاما، والقساوسة والشيوخ، والرجال والنساء اللاتي حملن أطفالهن في أشعة الشمس الحارقة، لا تفارقهم البسمة، ليس أملا في الحصول على رغيف الخبز بل للحصول على استمارة التصويت التي تعلن خروجهم ولأول مرة من الكتلة الصامتة، إلى الأغلبية الفاعلة . وغاب عن المشهد البلطجية وضباط امن الدولة و المأجورين وأعضاء الحزب الوطني الذين اعتادوا على مدار سنوات طويلة، تزوير الإرادة الشعبية، من خلال تسويد البطاقات، وشراء الأصوات وإشاعة الفوضى في اللجان وتكميم الأفواه وإفساح الساحة للحزب " غير الوطني " ورجاله الذين اعتادوا رفع العناء عن المواطن المصري من خلال اختزال الإرادة الشعبية ومنح الموتى تصاريح للخروج للإدلاء بأصواتهم، لتكون النتيجة " انتخابات أو استفتاءات مزورة " ومعدة سلفا بالنتيجة الشهيرة 99.9 % .