في إطار الملتقى الفكري الذي تقيمه رابطة الكتاب الإردنيين والجمعية الفلسفية في العاصمة الإردنية عمان، قدم الباحث والكاتب شكري ماضي محاضرة بعنوان «نظرية الأدب ... المسار والتحولات»، وأدار المحاضرة رئيس الجمعية الفلسفية هشام غصيب. بدأ ماضي حديثه حول أهمية البحث في نظرية الأدب موضحا: «إذا أردنا تحديد صورة المجتمع الأكثر جمالا، فإن الأدب والدراسات الأدبية من شأنهما أن يسهما في تحديد هذا الهدف وبلورته، وربما في تعبيد الطريق إليه. ومن هنا البحث في «نظرية الأدب... المسار والتحولات»، يكتسب أهمية خاصة وهو حق واسع وممتد يتشابك مع الفلسفة والإيدولوجيا والعلوم الطبيعية والاجتماعية والإنسانية والعلوم اللغوية ورؤية الإنسان والتاريخ والعالم. ويتميز حقل النظرية عن حقول الدراسات الأخرى في مادته واسئلته وأدواته وهدفه. ويمكن القول إن حقول الدراسات الأدبية برمتها تتفاعل مع العلاقات المتداخلة بين أركان الحقيقة الأدبية «الأديب النص والمتلقي»، لكن حقل النظرية يتعامل مع الحقيقة الأدبية باعتبارها حقيقة كونية ويحاول الإجابة عن أسئلة من نوع ما ضرورة الأدب ما مسوغ وجوده؟ ما دوره وما وظيفته وأثره؟». يعتقد ماضي أن نظرية الأدب حقل من حقول الدراسة الأدبية أو مجموعة من الآراء القوية والعميقة والمترابطة والملتصقة المستندة إلى نظرية في المعرفة أو فلسفة محددة، تهتم بالبحث في نشأة الأدب وطبيعته ووظيفته. وهي تدرس الظاهرة الادبية العامة من هذه الزوايا في سبيل استنباط وتأصيل مفاهيم عامة تبين حقيقة الأدب ومصدره وآثاره باعتباره حقيقة كونية. وأضاف: «بهذا المعنى النظرية تتخطى الحدود الإقليمية والقومية وفلسفة الأدب اذ تبحث في الماهية والكليات، وتطمح إلى استخلاص المفاهيم العامة والتصورات والقوانين الكلية الظاهرة». وعلى صعيد مسار نظرية الأدب قسمها ماضي إلى ثلاث حلقات مبينا: «يمكن رسم مسار نظرية الأدب وتحولاتها من خلال تتبع الحلقات الثلاث. الأولى تتمثل في سؤال الوجود. أي وجود الأدب ومسوغ وجوده وتفهم هذه الحلقة من خلال نظرية المحاكاة التي تركز اهتمامها على العلاقة بين النص والمتلقي. نظرية التعبير التي تركز اهتمامها على العلاقة بين النص والأديب. ونظرية الانعكاس التي تركز اهتمامها على العلاقة بين الأدب والسياق الخارجي. الحلقة الثانية تتمثل في سؤال الهوية، هوية الأدب وماهيته وخصائصه وميزاته وهو سؤال يخضع لمستويين متباينين هما الشكل والبنية. وتضم هذه الحلقة نظرية الخلق التي تثبت أن هوية الأديب الفنية الجمالية تكمن في شكله ونظرية الألسنية البنيوية التي ترى أن الأدب كيان لغوي وأدبيته تكمن في بنيته. الحلقة الثالثة وتتمثل في التحول نحو مركزية النص، فالأدب والتاريخ عبارة عن نصوص متفاعلة تحرك الأدب وتنتج نصوصا سابقة ولاحقة او أنظمة خفية تحول الإنسان إلى دمية تُحَرك لا قوة تحرِك. وفي نهاية حديثه أشار ماضي إلى أن مسار النظرية الأدبية شهد تحولات ومنعطفات مهمة ومنها: التحول من مركزية الإنسان إلى مركزية اللغة ومركزية النص. التحول من فلسفة الحداثة الى فلسفة ما بعد الحداثة. من تأكيد الطابع التاريخي والإنساني للنصوص إلى عزل النصوص عن طابعها البشري والتاريخي. ومن تأكيد المعنى والدلالة ومقصديتها إلى لانهائية المعنى، أي غياب المعنى والدلالة، ومن النص الدنيوي إلى النص الديني المتعالي على الإنسان والتاريخ. وختم حديثه طارحا هذا التساؤل «هل نحن نعيش في فراغ قيّمي أم في ظل فلسفة التداخل، حيث سلوك الأفراد والجماعات والدول تحكمها مرجعية أساسية تتمثل في الرغبات والمصالح بدلا من مرجعية العقل والمنطق؟». آية الخوالدة القدس العربي