جربة (تونس) د ب أ: على مدار الأسبوعين الماضيين كان مسؤولو الجمارك التونسية في معبر رأس جدير على الحدود مع ليبيا يترقبون تدفق العمال الفلبينيين فرارا من الاضطرابات والموت. وعندما أصدر الجيش التونسي يوم الثامن من آذار/مارس الجاري تحذيرا لحرس الحدود بهذا الاحتمال، أخطرهم ايضا بالتأهب لتدفق ما يصل إلى 13 ألف فلبيني هم إجمالي من تبقى في ليبيا، بعدما غادر 9100 فلبيني البلاد في الأيام الأولى للاضطرابات. ولكن ورغم الطلبات المتكررة من الخارجية الفلبينية في مانيلا ومناشدتها كافة رعايا البلاد مغادرة ليبيا، لم يعبر أي منهم الحدود، ما خلق حالة من الحيرة عند حرس الحدود. قال أحد رجال حرس الحدود التونسية، والذي يدعى حامد، وفضل عدم ذكر اسمه الثاني، يوم العاشر من آذار/مارس الجاري 'ننتظر الفلبينيين ولكن أين هم؟'. وقد بدأت منظمات غير حكومية والأمم المتحدة في تجميع التفاصيل الصغيرة التي تأتي من الجانب الآخر من المعبر. ففي البداية بدا أن قوات الأمن الليبية ربما كانت اعتقلت الفلبينيين لدى محاولتهم الوصول إلى تونس. غير أنه قد ظهر الان أن هناك سببا واحدا لعدم مغادرة العديد من العمال الفلبينيين ليبيا، حيث يتواجد معظمهم هناك بشكل قانوني. وغادر ألبرت ديل روساريو القائم بأعمال وزير الخارجية الفلبيني، ليبيا قبل يومين عبر المعبر الحدودي في راس جدير، بعدما كان سافر الى هناك بنفسه للاشراف على آخر موجة من عمال بلاده المهاجرين، ومرافقتهم إلى مأمنهم. لم يكن برفقة الوزير سوى 31 عاملاً فلبينيا فقط لدى مغادرته ليبيا. كما غادر ثلاثة آخرون عبر الحدود المصرية. وقالت باميلا، وهي ممرضة فلبينية كانت تعمل بأحد مستشفيات بنغازي، أثناء تواجدها في مطار جربة بتونس 'كنت خائفة من مغادرة ليبيا. كنت أكسب خمسة آلاف دينار (2900 يورو) شهريا. كان هذا مرتبا جيدا جدا'. وتوجهت باميلا إلى صالة المغادرة بالمطار وهي تمسك بدمية طفلتها التي ولدت في ليبيا، وقالت 'فعلا لا أعتقد أنني سأجد وظيفة مماثلة إذا عدت إلى مانيلا، لكن سلامة أطفالي أهم'. تخشى الخارجية الفلبينية التي تكشف عن فقد مواطنين فلبينيين في الزلازل الاخيرة التي ضربت اليابان، وقبلها نيوزيلندا، أن تفقد مزيدا من مواطنيها في الاضطرابات الدائرة في ليبيا. تقول الوزارة إن 1600 من أصل 2000 ممرضة فلبينية قررن البقاء في ليبيا إضافة إلى نحو مائة أستاذ جامعي. يذكر أن معظم العمالة الفلبينية في ليبيا تعمل في القطاعات الأكاديمية والطبية وقطاعات الضيافة. وقالت ممرضة لخارجية بلادها 'إذا ما ازداد السيئ سوءا ستتم استضافتنا في المستشفى وتزويدنا بكل شيء مجانا إضافة إلى زيادة في الراتب'. وقالت رافايلا جاميريز (30 عاما) أستاذة التمريض في ليبيا إنها والعديد من صديقاتها فضلن البقاء في ليبيا، مضيفة في محادثة تليفونية مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) من بنغازي: 'تحصل الممرضات على رواتب ممتازة هنا'. واوضحت جاميريز 'إذا تواصل القتال، فستكون المستشفيات بحاجة إلى ممرضات مؤهلات. أنا لا أريد المغادرة...المشكلة التي تواجهنا هي إرسال النقود إلى أسرنا حيث توقف الطيران'. ومن المقرر أن يبقى وكيل وزارة الخارجية الفلبينية رافايبل إي سجويس في ليبيا حتى نهاية الأسبوع حيث يعتزم مساعدة العمال الفلبينيين على إيجاد حل لمشكلة إرسال النقود إلى بلادهم. كما قالت الوزارة إنها تعمل بقوة لخلق فرص العمل للعائدين في بلادهم. وفي معسكر مخيمات اللاجئين في شوشة، والذي لا يبعد كثيرا عن حدود تونس مع ليبيا، تعج منطقة العائلات بالعمال المهاجرين من نيجيريا، وبينهم جيفري أوسوندو. ألقت كلمات أوسوندو الضوء على الاختلافات الشاسعة في خبرات العمال المهاجرين في ليبيا، فالعديد من الأفارقة القادمين من جنوب الصحراء الكبرى يأتون بشكل غير شرعي. وقال أوسوندو 'دخلنا ليبيا ولم يكن معنا شيء. غادرنا ليبيا وليس معنا شيء. ليس لدى الفلبينيين المشكلات التي لدينا، بحسب ما عرفته عنهم في طرابلس، حياتهم طبيعية. انهم ليبيون اكثر مما هم منا'.