مناسبة أفسحت المجال لأشكال التعبير الكوريغرافي الأفريقي من الوصول إلى جماهير بأذواق مختلفة، حضرت الدورة الثالثة ل»مهرجان واغادوغو الدولي للرقص»، والذي اختتم في العاصمة البوركينية. أكثر من 23 فرقة للرقص من بوركينا فاسو ومن جميع الدول الافريقية، تنافست على استعراض لوحات راقصة أثارت الكثير من الإعجاب. فرق رقص عديدة شاركت في فعاليات هذا المهرجان الراقص على إيقاعات مختلفة، عكس البعض منها المخزون الموسيقي الافريقي، واستحضر البعض الآخر الموسيقى العالمية بمختلف تفرّعاتها. لوحات شكّلت فسيفساء جميلة، جمعت فرقا من بوركينافاسو وكوت ديفوار والكاميرون ونيجيريا وأوغندا وكينيا والمغرب وتونس وجزر الكاريبي وفرنسا وايطاليا. ويمثل المهرجان، الذي يقام كل عام بإشراف مدرسة الرقص الدولية «ايرين تاسمبيدو»، نقطة انطلاق للمتفرجين، وفرصة لتبادل الخبرات للراقصين والكوريغرافيين (مصممي الرقصات)، وفضاءً للتفاعل بين عشاق ومتابعي الثقافة الافريقية.كما يهدف، حسب متعهدته «ايرين تاسمبيدو»، إلى تطوير قدرات الفنانين من الشباب، وذلك عبر فسح المجال لهم لتفجير طاقاتهم من خلال اللوحات الفنية المعروضة. وأوفت دورة 2015 بكل وعودها، من خلال مشاركة عدد هام من الفرق، فضلا عن بعض ممثلي الثقافة الافريقية.كما شهد المهرجان، على مدى أسبوع بأكمله، مراوحة بين الأشكال التقليدية والتعابير المعاصرة من خلال عروضه التي ترجمت الثراء الثقافي لبلدان القارة السمراء. وأضافت «تاسمبيدو» إن «هذا المهرجان يمثل فضاءً للتلاقي والإبداع والتثاقف أو تبادل وتلاقح الثقافات والأشكال والتقنيات في مجال الرقص». وألقى المهرجان في دورته لعام 2015، الضوء على راقصين وكوريغرافيين من شمال افريقيا، حيث أبهر الباليه الوطني المغربي الشاب والفرقة الجزائرية «نصيرة بلازة»، المتفرجين بأعمالهم التي احتوت على عروض في التعبير الجسماني.كما مكّن القائمون على المهرجان جميع فئات المجتمع البوركيني من تيسير النفاذ الى الثقافات من خلال برنامج متنوع وثري يضمّ أطيافا واسعة من الألوان الثقافية. وانطلقت فعاليات المهرجان في 17 الشهر الجاري بسلسلة بشرية مكونة من مئات الشباب الذين اصطفوا أمام سدّ «تانغين» (جنوبالمدينة) انطلاقا من الساعة التاسعة صباحا، في حركة قال منظموا المهرجان إنّها تسعى إلى بثّ السلم عقب الانتفاضة الشعبية التي شهدتها بوركينافاسو أواخر شهر تشرين الأول/ اكتوبر الماضي. وشهد المهرجان إقامة عروض بالمعهد الفرنسي وبورشة المسرح البوركيني، إضافة إلى تنظيم حصص لتعليم الرقص، وذلك انطلاقا من الساعة الثالثة مساءً بالتوقيت المحلي بفضاءات المهرجان، على كامل أيام الأسبوع الذي شهد هذه التظاهرة الثقافية. وفي تعقيب عن الموضوع، قال الراقص «ايسوف ديمبيلي»: «لقد اجتاح المبدعون الأفارقة تدريجيا عددا هاما من فضاءات الرقص الدولية، وهو ما يخوّل لهم مزيد تنويع إبداعاتهم، من خلال احتكاكهم مع رقصات وتوجهات كوريغرافية من قارات أخرى». وأعرب عدد من المتابعين عن رضاهم عن هذه التظاهرة التي وصفوها بالبنّاءة، كما أبدوا سعادتهم بمشاهدة الاجساد التي تتحرك على الركح على وقع منتظم وجميل للغاية. «مصطفى ويدراوغو»، طالب بوركيني في علم الاجتماع، قال، من جانبه: «أشعر بالغبطة، رغم أنني لا أدرك ولا أستوعب كثيرا معاني لغة الجسد»، مؤكّدا أنّه يفكّر في إجراء بحوث حول مجال الكوريغرافيا خلال دراسته في مرحلة الماجستير. وتعتبر متعهدة الحفل ‘ايرين تاسيميدو»، خريجة مدرسة الرقص «مودرا آفريك» التابعة ل «موريس بيجار» بالعاصمة السينيغالية داكار، واحدة من أبرز الأسماء في عالم الكوريغرافيا الحديثة في افريقيا.وقد تميّزت بتقديم كوريغرافيا أصلية، من خلال دمج الرقص المعاصر بالرقص الإفريقي، كما تعمل على تطوير المشاريع الثقافية المبتكرة والبناءة في بوركينافاسو وفي سائر بلدان القارة الافريقية.»تاسيميدو» كانت أنشأت المدرسة الدولية «ايرين تاسيميدو» للرقص، في أكتوبر/ تشرين الأوّل 2009 بواغادوغو، من أجل تطوير طرق التكوين المستمر في الرقص، ومنحه مستوى عال في القارة الإفريقية، والأهمّ من كلّ ذلك هو بعث شهادة رقص إفريقي بمستوى دولي. واغادوغو (بوركينا فاسو)- من لوغري ديمتالبا: القدس العربي