يبدو أن الدائرة (5) مروي هي الدائرة الأكثر حراكاً واستعداداً لخوض الانتخابات المقبلة؛ ففي الوقت الذي دفع فيه المؤتمر الوطني بمرشحه السابق في انتخابات 2010 الفريق أول صلاح عبد الله قوش مرشحاً له في الدائرة في الانتخابات المقبلة، أكملت قيادات شبابية تنتمي تأريخاً إلى الحزب الحاكم ومقربة من مرشحه الحالي في ذات الدائرة، بينما يواجه قوش منافسين آخرين من حزبي الاتحادي الأصل بزعامة الميرغني، والاتحادي المسجل بقيادة جلال الدقير، علاوة على مرشحين مستقلين، ومرشح لحزب العدالة القومي، ما يعني أن قوش يدخل منافسة شرسة مع زملائه من التنظيم الذين تحدوا تصريحات نائب رئيس حزبه إبراهيم غندور والنظام الأساسي للحزب الذي ينص على فصل أي عضو يترشح مستقلاً أو باسم أية جهة أخرى في أية دائرة انتخابية لم يختره الحزب لتمثيله فيها . بيد أن بندول نافع علي نافع الذي وجد طريقه إلى التقنين النصي القاطع- قطعي الدلالة والثبوت- في النظام الأساسي لحزب المؤتمر الوطني لم يكبح جماح قيادات شبابية في محلية مروي- كانت وما زالت- تسعى إلى التغيير والإصلاح داخل الحزب، من بينها المرشح المستقل في الدائرة، والدباب السابق، وعضو غرفة العمليات لدعم صلاح قوش في انتخابات 2010، الشاب تاج الدين هاشم، ويبدو أن التاج لا يلقي بالاً لنظام حزبه الذي- حتماً- سيدفع به إلى خارج أسوار الحزب؛ إذا ما واصل في تكملة إجراءات العملية الانتخابية، وخاض المنافسة ضد قيادته السابقة، لكن في المقابل بدأ التاج واثقاً من نفسه في منافسة قوش لا سيما أن الرجل محسوب على تيار الإصلاح بالحزب، ويحظى بدعم وتأييد بعض المناوئين لترشيح صلاح قوش في الدائرة، وقيادات أهلية في المنطقة، خاصة أن تاج الدين هاشم ينحدر من أسرة كبيرة في منطقة الحماداب التي طالتها يد التهجير القسري لصالح قيام سد مروي، وقال تاج الدين ل (التيار): إنه قرر خوض الانتخابات بعد أن وصل إلى قناعة بعدم جدوى التغيير من داخل مؤسساته الحزبية، وبدأ زاهداً في المواصلة مع حزبه السابق عضوا ملتزما في التنظيم، وأكد خوض الانتخابات مستقلاً . ورجح مراقبون أن تكون الخطوة نوع من التكتيك السياسي التي اعتاد عليها المؤتمر الوطني، وبرر المراقبون تجريحهم بأن كلا من تاج الدين هاشم عضو غرفة عملية حملة قوش في الانتخابات السابقة، والمرشح المستقل الآخر أحمد عثمان قلين المحامي، وأحد أعضاء هيئة الدفاع عن قوش إبان اعتقاله الأخير- على خلفية اتهامه بالمحاولة الانقلابية الشهيرة- كانا إلى وقت قريب من المقربين لصلاح قوش، وأن ظهورهما على نحو مفاجئ مرشحين ضده من شأنه أن يثير الكثير من الشكوك حول الخطوة، وتوقع ذات المراقبين سحب ترشيحهما من الدائرة (5) قبل بداية الحملة الانتخابية، لكن الخلافات التي تدور داخل أروقة الوطني بسبب الترشيحات للانتخابات المقبلة ربما دفعت بعض عضويته المتفلتة إلى خيار المواجهة والتحدي الذي انتهجه بعض عضويته في انتخابات 2010 التي شهدت نزول أكثر من قيادي من داخل الحزب الحاكم في الدائرة الواحدة والتنافس عليها. لكن تأريخياً فإن دائرة مروي الحالية كانت دائرة اتحادية حيث فاز فيها الحزب الاتحادي الديمقراطي في العام 1986 بأغلبية مغلقة، وكانت دائرتين- شرق وغرب- في نظام تقسيم الدوائر الانتخابية السابقة، ومثل الدائرة كلا من القياديين الاتحاديين سيد أحمد الحسين، والتوم محمد التوم، ويبدو أن الاتحاديين ما زالوا يعتقدون أن الدائرة مركز ثقل لحزبهم، فدفعوا بمرشحين عن أكبر تيارين في الحزب بقيادة الميرغني والدقير؛ لمنافسة المؤتمر الوطني في الدائرة، بيد أن قوش على أرض الوقع يتمتع بشعبية كاسحة أهلته في الانتخابات الماضية أن يحظى بالفوز بأغلبية مطلقة بعد أن قدم خدمات كبيرة لمواطني الدائرة في الضفتين عبر منظمة بنجد الخيرية. وظهرت شعبية قوش وجماهيرته عقب اعتقاله على خلفية المحاولة الانقلابية الشهيرة؛ حيث خرجت الجماهير تندد بقرار الاعتقال، وتطالب بإطلاق سراحه ما دفع الشرطة إلى التدخل لفض المتظاهرين، وظل مواطنو الدائرة يطالبون الحكومة بإطلاق سراحه حتى لحظة تسوية القضية عن طريق قيادات إسلامية رفيعة توسطت لقوش عند رئيس الجمهورية، وتم إطلاق سراحه، لكن ذات الشعبية بدأت تتضاءل عقب إطلاق سراحه، ومخاطبته الاحتفال الذي أقيم على شرف المناسبة، وبعد أن أكد للجماهير أنه سيبقى عضواً داخل الوطني؛ ما أثار حفيظة بعض أنصاره، وربما من بينهم الذين ينازلونه الآن في الدائرة . التيار