قرر ممثل الاتهام الأستاذ معتصم الحاج في قضية مقتل الدكتورة سارة عبدالباقي تقديم طلب مراجعة للمحكمة العليا للنظر في الحكم وعلى ماذا استندت المحكمة خاصة وأن الاتهام قدم بينة كافية تمثلت في تقديم (12) شاهد اتهام ترقى لإدانة المتهم. وأضاف أنه بصدد تصعيد الأمر للمحكمة الدستورية في حال لم تنصفه المحكمة العليا. قرار المحكمة العليا تكونت الدائرة الجنائية للمحكمة العليا من القاضي عباس علي بابكر رئيسا وعضوية كل من القاضي الصادق سليمان محمد والقاضي محمود محمد سعيد ابكم بالنمرة م ع/ط ج/804/2014 للنظر في الطعن المقدم من محامي المتهم سامي محمد أحمد علي الذي قدم للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية العامة بحري شمال تحت طائلة المادة (130) (2) من القانون الجنائي لسنة 1990م. وذلك بإطلاق المتهم للنار من سلاح كلاشنكوف على المجني عليها المتوفاة من أثر الإصابة. وبعد سماع بينات الاتهام والدفاع أصدرت المحكمة العليا قرارا ببراءة المتهم من التهمة المنسوبة إليه وأمرت بإطلاق سراحه. لم يقبل أولياء دم المرحومة (سارة عبدالباقي الخضر) قرار المحكمة العامة وبادر محامي الاتهام معتصم الحاج أحمد عثمان باستئناف الحكم أمام محكمة الاستئناف بحري وشرق النيل مطالبا بإلغاء قرار محكمة الموضوع، واستجابت محكمة الاستئناف للطلب وأمرت بإلغاء حكم براءة المتهم، وأعادت الأوراق إلى محكمة الموضوع للعمل وفق ما جاء بالمذكرة. وقائع القضية وحسب الوقائع التي أوردها قاضي محكمة الموضوع الذي بذل جهدا مقدرا في تمحيص بينات الاتهام والدفاع للوصول للحقيقة في أحداث نالت الكثير من التهويل والتأويل من الرأي العام واكتسبت صبغة سياسية صاحبت قرارات أصدرتها الدولة برفع الدعم عن المحروقات، ولم يكن مستغربا أن يكون لذلك أثرا ضاغطا على الجهات الرسمية المتعاملة مع ذلك الواقع بما فيها المحاكم. وتشير وقائع الدعوى إلى أن مظاهرات اندلعت بمنطقة الدروشاب، حاصر فيها المتظاهرون قوات الشرطة بالدروشاب ومناطق أخرى، مما دعا القائمون على أمرها (الشرطة) لإصدار أوامر بتسليح الأفراد المتواجدين بالقسم وصدف أن كان المتهم الذي يعمل وقتها بسلاح الأسلحة التابع للقوات المسلحة، موجودا بحيث قدم نفسه للمشاركة مع الشرطة في التعامل مع الأحداث وبالفعل حصل على بندقية كلاشنكوف و(30) طلقة، وضيق المتظاهرون الخناق على الشرطة التي اضطرت لإطلاق الذخيرة لكسر الحصار، وسقط المدعو محمد موسى بعد إصابته بواحدة من تلك الطلقات. واستمرت الأحداث بين كر وفر بين الشرطة والمتظاهرين من الجمهور لتسقط المجني عليها سارة عبد الباقي الخضر مضرجة بدمائها. إجراءات القضية بدأت الإجراءات بالبلاغ رقم 311/2013 بقسم شرطة الدروشاب الذي قدمه المدعو عصام الدين محمد أحمد في نفس اليوم الذي وقعت فيه الأحداث (25/9/2013م) – وفيه قال: إن بنت خالته سارة عبدالباقي الخضر البالغة من العمر 29 سنة توفيت في ظروف غامضة وذلك بالدروشاب، تواصلت إجراءات التحري وسجلت اقوال العديد من الشهود من رأى منهم الحادث ومن سمع به، وفي 11/11/2013م تم استجواب المتهم سامي محمد أحمد علي وفي 25/11/2013م صدر قرار وكيل النيابة بالقبض على المتهم المذكور وتوجيه تهمة له تحت المادة 130 من القانون الجنائي لسنة 1991م.. بدأت محاكمة المتهم يوم 11/2/2014م وانتهت في 28/5/2014م حين صدر قرار براءته المطعون فيه أمام محكمة الاستئناف وهو موضوع هذا الطعن. لقد استمعت محكمة الموضوع لبينات الاتهام والدفاع وأهمها اقوال الشهود الذين مثلوا أمامها وراقبت سيماهم حين الادلاء بتلك الاقوال من حيث الثبات وعدم الاضطراب، وتوصلت إلى عقيدة قادتها لتقييم ما ادلى به كل شاهد من حيث ارتقاء إفادته للمستوى المطلوب للتعويل عليها في إصدار الحكم. بالرغم من قناعتي بأن محكمة الاستئناف عندما تمارس صلاحيتها في نظر الاستئنافات المرفوعة إليها تعتبر محكمة موضوع ايضا فيما يتعلق بتقييم البينات والوصول إلى نتائج مغايرة لتلك التي توصلت إليها محكمة الموضوع. إلا أنها (محكمة الاستئناف) محكومة يكون لقراراتها ما يبررها وألا تتجاهل ما أشرت إليه سابقا من أن محكمة الموضوع قد استمعت للشهود فأعلمت خبرتها وحدسها في تقييم ما ادلوا به أمامها، على عكس محكمة الاستئناف التي تنظر ما ورد في المحضر أمامها غير متأثرة بالأجواء العامة السائدة في قاعة المحاكم. لقد راجعت محضر المحاكمة موضوع الطعن أكثر من مرة واهتدى لقرار بتوافق مع جسامة الأحداث التي أودت بروح بريئة ومن شأنها أن تقود روحا بريئة أخرى للمقصلة. وتوصلت لقناعة بأن محكمة الموضوع أعطت الدعوى عنايتها الفائقة وناقشت البينات بإفاضة ورجاحة عقل بينت ما في اقوال كل شاهد مثل أمامها من العيوب التي تقوم لعدم الاعتماد عليها، وتحلت بالشجاعة عندما أصدرت قرار البراءة غير عابئة بالأجواء المحمومة والتوقعات من جانب الرأي العام وممن أحاطوا بالمحكمة ساعة إعلان الحكم.. اعتقد أن الإخفاقات والعيوب التي شابت إجراءات التحيز لعبت دورا كبيرا في طمس الحقائق وإلى الفشل في تحديد الفاعل الحقيقي الذي أطلق النار أو العيار الذي أصاب المجني عليها وادى لوفاتها. قناعتي التي أشرت إليها تحملني على إصدار قرار بإلغاء ما قضت به محكمة الاستئناف وهو إلغاء حكم البراءة الصادر من محكمة الموضوع، وتأييد قرار براءة المتهم من التهمة الموجهة إليه تحت المادة 130/2 من القانون الجنائي لسنة 1991م وإطلاق سراحه فوراً أن لم يكن مطلوبا في إجراءات أخرى، هذا إذا وافقني زملائي في الدائرة.. الصادق سلمان محمد قاضي المحكمة العليا محمود محمد سعيد ابكم قاضي المحكمة العليا عباس علي بابكر قاضي المحكمة العليا الأمر النهائي: إلغاء قرار محكمة الاستئناف وتأييد قرار محكمة الموضوع الذي قضى ببراءة المتهم وإطلاق سراحه فورا ما لم يكن مقبوضا عليه في إجراء آخر. عباس علي بابكر قاضي المحكمة العليا ورئيس الدائرة التيار