وضعت الشرطة، حداً نهائياً لقضية ال 5 حاويات مخدرات، التي دخلت إلى البلاد تحت اسم شركة تعمل داخل السودان، أغلقت الملف لعدم كفاية الأدلة، أغلقته لكنها فتحت الباب واسعاً أمام التكهنات والشائعات. قبل أكثر من أسبوع، نشرت صحيفة "التيار" خبراً يضاهي حجم قضية الحاويات، مسؤول رفيع في وزارة سيادية متهم في قضية احتيال 5 مليارات دولار، الأموال الطائلة هذه قدمت من غانا مُرحلة من ليبيا، وهو ما يجعل كل شبهات الدنيا تحوم حول هذه القضية والتستر عليها، يحدث هذا بينما السلطات تنظر في قانون حق الحصول على المعلومة والذي من المتوقع أن يقود إلى مزيد من الحصار على المعلومة وحماية حجبها. لا أفهم كيف تتحدث الحكومة عن مكافحة ومحاربة الشائعات وضبط النشر الإلكتروني بينما هي تفتح الباب على مصراعيه للشائعات والتكهنات. حينما تغيب المعلومة أو بالأحرى تتستر عليها أجهزة الحكومة، فليس أمام المواطن البسيط إلا أن يُصدّق الشائعات ليس لأنه يثق في الشائعات بل لاعتقاده الجازم أن الإعلام الرسمي لا يعطي الحقيقة وكل ما صمت عنه الإعلام الرسمي أو منع النشر فيه فالطبيعي أن هناك علة ما فبالتالي الشائعة هي الحقيقة إن صحت أو كذبت. حينما تُقيّد قضية ال 5 حاويات مخدرات الشهيرة ضد مجهول، ماذا يعني ذلك؟، وحينما يُتهم مسؤول رفيع في وزارة سيادية بالاحتيال في مبالغ تمنح ربعها الولاياتالمتحدة لدعم جيوش المنطقة، ويكتفي الإعلام الرسمي بالخبر فقط دون متابعة القضية، ماذا يعني ذلك؟، وحينما تُقيّد كل قضايا الفساد ضد مجهول ماذا يعني ذلك؟.. بكل بساطة، خنق المعلومة البسيطة يوّلد حقائق كاملة لم تكن لتتكشف لولا التضييق. جيد جداً أن نضع حداً للشائعات ونمنع تمددها، وجيد كذلك أن تتفاعل جمعيات مع القضية، لكن ما لا يعلمه بعض النشطاء الذين تفاعلوا هو أن الشائعات التي تقصد محاربتها الحكومة ليست هي تلك الشائعات التي تحمس بشأنها النشطاء، الحكومة تقصد ما يليها ويلي قياداتها وما يمس "سيادتها".. لكن قبل كل ذلك، أليس الأولى أن نحارب ونكافح التضليل الإعلامي ونجعل المعلومة تتنفس وتأخذ دورتها الطبيعية؟. أليس الأولى أن نحارب دس المعلومة؟. ان الحقيقة التي تأبى الحكومة أن تواجهها هي أن مواقع التواصل الاجتماعي هزمت بشكل شبه كامل الإعلام التقليدي أو الرسمي، لقد باتت هذه المواقع هي القبلة للبحث عن الحقيقة وسد الثغرات التي خلفها الإعلام الرسمي.. إن مضت سياسات الحكومة تجاه الإعلام والنشر وفقاً لسياسة المزيد من الخنق والتضليل ودس المعلومة، فمرحباً بالشائعات. = التيار [email protected]