تشكل العزلة الدبلوماسية التي يعاني منها معمر القذافي ضربة قوية تعادل ضربات الهجمات الجوية الغربية ومعاناة قواته ميدانيا، إذ ترفض الكثير من العواصم العربية والغربية الحديث معه أو القيام بواسطة مع الدول الكبرى التي تقود الحل العسكري، وهو ما سيؤثر كثيرا على مستقبله ليس فقط السياسي وإنما على المفاوضات حول مغادرته ليبيا كلاجئ، وقد يأتي الحل على يد دولة من أمريكا اللاتينية. في هذا الصدد، كشفت وزيرة الخارجية الإسبانية ترينيداد خمينيس في برنامج تلفزيوني الليلة قبل الماضية أن القذافي حاول في عدد من المناسبات الحديث مع المسؤولين الإسبان حول الأزمة التي تمر بها بلاده، ولكنهم فضلوا عدم الرد على اتصالاته المتكررة تفاديا لأي تعهد معه. وترى مدريد أن الحل الوحيد المتبقي أمام القذافي هو مغادرته السلطة، وتبرز الوزيرة في تصريحات الثلاثاء أن هذا الحل هو الوحيد المتبقي بعدما لفظ المنتظم الدولي القذافي. وكما فشلت اتصالات القذافي مع بعض الدول الأوروبية مثل النمسا واسبانيا واليونان والبرتغال التي كان يرغب في لعبها دور الوساطة مع فرنسا وبريطانيا والولاياتالمتحدة التي تقود الهجمات العسكرية، فقد فشلت مساعيه في إقناع دول عربية بالقيام بالوساطة مع الغرب، إذ تكشف بعض المصادر الدبلوماسية الأوروبية لجريدة 'القدس العربي' أن معمر القذافي حاول وساطة كل من مصر مع الولاياتالمتحدة وكذلك وساطة المغرب مع فرنسا. فما زالت مصر تحافظ على علاقات قوية مع واشنطن رغم الثورة السياسية التي طردت حسني مبارك من الرئاسة، لكن يبدو أن السلطات الجديدة لم تحبذ القيام بوساطة قد تنعكس عليها سلبا أمام الرأي العام العربي والدولي وتجعل شباب الثورة يحتجون لا سيما التعاطف الكبير من طرفهم تجاه الثورة الليبية. وفي الوقت نفسه، يعتبر المغرب المخاطب الرئيسي لباريس في العالم العربي والإسلامي والإفريقي، وتعتبر فرنسا متزعمة الهجمات العسكرية ضد كتائب القذافي، وكانت الرباط ومنذ عهد الملك الراحل الحسن الثاني قد توسطت للقذافي في بعض الملفات الحساسة مع الأوروبيين والأمريكيين، في هذا الصدد، لم يكتف ِ المغاربة فقط برفض الوساطة مع فرنسا بل شاركوا في القمتين، باريس ولندن اللتين عالجتا الملف الليبي وطالبتا برحيل القذافي. ومما يزيد من عزلة القذافي الدبلوماسية مع الغرب هو قرار أغلب الدول قطع العلاقات الدبلوماسية مع طرابلس وعدم الرد على اتصالات السفارات الليبية المعتمدة معها، وبقيت روما هي النافذة الوحيدة للقذافي وإن كانت روما بدورها تحبذ رحيله من السلطة وفق تصريحات وزير الخارجية فرانكو فراتيني. وتبقى الدول الوحيدة التي أعربت عن تأييدها للقذافي هي تلك المنتمية لأمريكا اللاتينية وخاصة فنزويلا ونيكاراغوا بل أن الممثل الجديد للقذافي في الأممالمتحدة هو وزير الخارجية النيكاراغوي السابق ميغيل إيسكوتو. وفي ظل العزلة الدبلوماسية المتزايدة للقذافي ورفض الدول العربية وأغلب الدول الإفريقية التعامل معه، فربما ستلعب بعض دول أمريكا اللاتينية دور الوساطة بل وربما الوجهة التي سيتوجه إليها مستقبلا كلاجئ رفقة أفراد عائلته. وكالات نيكاراغوا تعلن أنها ستمثل ليبيا في الأممالمتحدة اختيار مستشار للرئيس أورتيغا للقيام بهذا الدور أعلنت المتحدثة باسم الرئاسة في نيكاراغوا أن نظام الزعيم الليبي معمر القذافي عين أحد المقربين من الرئيس النيكاراغوي دانييل أورتيغا ممثلا له في الأممالمتحدة بعد انشقاق سفيره عبد الرحمن شلقم، حسب ما ذكرت «رويترز». وقالت روزاريو مورييو، زوجة الرئيس والناطقة باسمه، إن ميغيل ديسكوتو بروكمان الدبلوماسي ومستشار الرئيس أورتيغا للشؤون الدولية «سمح له» بالتحدث باسم ليبيا في الأممالمتحدة. وأضافت أن ليبيا القذافي اتخذت هذا القرار لأنها على قناعة بأن الولاياتالمتحدة لن تمنح السفير الجديد، الذي عينته لدى الأممالمتحدة، علي التريكي، وزير الخارجية السابق، تأشيرة دخول إلى الولاياتالمتحدة. وديسكوتو بروكمان، وزير خارجية يساري سابق لنيكاراغوا، ومنتقد قوي لحكومة الولاياتالمتحدة. ومع موافقة حكومات وهيئات دولية على مواصلة القصف الجوي الذي يقوده حلف شمال الأطلسي للقوات الموالية للعقيد القذافي، قالت نيكاراغوا إن ديسكوتو سيحل محل التريكي. وقالت حكومة نيكاراغوا إنها بعثت برسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون لإبلاغه بالقرار. وأضافت قائلة في بيان صدر أول من أمس أن بروكمان طار إلى مقر الأممالمتحدة في نيويورك «لدعم إخوتنا الليبيين في معركتهم الدبلوماسية لفرض الاحترام لسيادة ليبيا». وقالت وسائل إعلام غربية إن أبناء القذافي يحثون الزعيم الليبي على السعي للعيش في المنفى في نيكاراغوا. وقال أورتيغا الشهر الماضي إنه اتصل هاتفيا بالقذافي عدة مرات عارضا الدعم.